انسحاب تحت جنح الظلام.. اتفاقية إسطنبول تفجر الغضب بتركيا
عاصفة من الغضب المحلي فجرها انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول المناهضة للعنف ضد المرأة، في ردود فعل تدين نظاما ظلاميا.
وفجر السبت، نشرت الجريدة الرسمية التركية مرسومًا رئاسيًا موقعًا من الرئيس رجب طيب أردوغان، يقضي بانسحاب أنقرة من اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة بعد أن كانت أول الموقعين عليها.
وفي أول ردود الفعل، أعرب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عن استنكاره لهذا القرار، قائلا: "هذا يعتبر تجاهلًا لنضال النساء لسنوات عديدة. وعلى الرغم من كل شيء، فإن الانتصار سيكون للنساء وليس للعقلية الذكورية".
وأضاف إمام أوغلو، في سلسلة تغريدات عبر تويتر، أن "إعلان الانسحاب من اتفاقية إسطنبول في منتصف الليل، أمر مؤلم للغاية، خاصة في بلد تنتشر فيه أخبار عن العنف ضد المرأة يوميًا".
بدورها، قالت النائبة البرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري، غمزة طاشجي أر، في تغريدة عبر تويتر، إن "نظام الرجل الواحد الذي يقوده أردوغان يجر البلاد إلى ظلام حالك، ويعرض حياة النساء للخطر".
واقتبست المعارضة التركية تغريدة سابقة لأردوغان كان يشيد فيها بالاتفاقية نفسها، إذ كتب حينها "العنف ضد المرأة هو في الواقع انتهاك لحقوق الإنسان، لقد جرى الإعداد للاتفاقية بقيادة تركيا".
وعقّبت طاشجي آر، على تغريدة أردوغان السابقة، قائلة إن "هذه التغريدة التي تمت بعد توقيع اتفاقية إسطنبول، تخبرنا اليوم عقب الانسحاب من الاتفاقية أن العنف ضد المرأة في تركيا ليس انتهاكاً لحقوق الإنسان!".
من جانبه، علّق زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو، عن الموضوع في مقطع فيديو، قائلا: "الدولة تُدار بمراسيم في منتصف الليل"، مضيفا: "لا يمكنكم الإطاحة بحقوق 42 مليون امرأة بإصدار مرسوم في منتصف ليلة ما".
وتحت عنوان "ستلقن النساء درسًا للطاغية، وستعود اتفاقية إسطنبول"، تابع: "أوجه ندائي لجميع النساء؛ احمين حقوقكن وقوانينكن. واعلمن جيدًا من يحول حياتكن إلى جهنم.. احمين حقوقكن وحقوق فتياتكن".
وأردف: "أعدكن بأنني سأحمي حقوق جميع النساء، في أي وقت ومكان كان، سأسعى حيث توجد العدالة. سأقف بجانبكن وبجانب العدالة. وسأكون بجانب حقوقكن في كل مكان وعلى كل منصة".
وفجر السبت أيضا، أصدرت الرئاسة التركية مرسومًا جاء فيه أن الجمهورية التركية قررت من جانبها الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما، والتي وقعت في 11 مايو/أيار 2011، وتمت المصادقة عليها في 10 فبراير/شباط 2012 بقرار من مجلس الوزراء.
وعقب صدور القرار خرج فؤاد أوقطاي، نائب أردوغان ليبرر الأمر في تغريدة عبر تويتر، قائلا: "مصممون على المضي قدمًا في كفاحنا الصادق لرفع كرامة واحترام المرأة التركية في المجتمع إلى المستويات التي تستحقها، من خلال الحفاظ على نسيجنا الاجتماعي التقليدي".
وتابع: "لهذا الغرض السامي، ليست هناك حاجة للنظر إلى الخارج أو تقليد الآخرين.. الحل في تقاليدنا وعاداتنا، في جوهرنا".
واتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، أو "اتفاقية إسطنبول"؛ هي اتفاقية مناهضة للعنف ضد المرأة، أبرمها المجلس الأوروبي وفتح باب التوقيع عليها في 11 مايو/أيار 2011 بإسطنبول التركية.
وفي وقت سابق، أبدت الحكومة التركية نيتها الانسحاب من الاتفاقية المذكورة، ما حرك مظاهرات نسائية رافضة لهذا القرار في عدة مدن بالبلاد.
وفي السنوات الماضية، حاولت نساء تركيات الاعتماد على "اتفاقية إسطنبول" التي جرى إقرارها عام 2014، وتلزم الدول الموقعة بإنشاء إطار عمل لمكافحة العنف ضد المرأة.
لكن الممارسة العملية استبطنت نشازا واضحا مع روح الاتفاقية، إذ يقول منتقدون إن تركيا لم تكن تطبق القواعد القانونية ولا تُنفذ الخطوات المتفق عليها للمساعدة في حماية للنساء في الفترة السابقة، وسط تقارير شبه يومية عن حالات عنف ضد المرأة في البلاد.
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA=
جزيرة ام اند امز