مؤتمر بألمانيا عن الغزو التركي لليبيا: موقف أوروبا متخاذل
الخبراء أكدوا أن "أمن أوروبا يعتمد في المقام الأول على استقرار منطقة الشرق الأوسط".
قال دبلوماسيون وباحثون متخصصون بشؤون الشرق الأوسط في ألمانيا، إن "الغزو التركي" لليبيا يعزز من نفوذ تنظيم الإخوان الإرهابي محليا وإقليميا، خاصة في حال تمكنت أنقرة من الاستيلاء على آبار النفط في البلاد.
ووصف الخبراء، خلال مؤتمر عقده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا، الموقف الأوروبي من انتهاكات تركيا في ليبيا بـ"المتخاذل"، مشددين على ضرورة اتباع أوروبا سياسات أكثر حدة لردع نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووقف تدخلاته.
وأشاروا خلال المؤتمر الذي عقد تحت عنوان "التدخلات العسكرية التركية في ليبيا وتأثيرها" عبر "تقنية زووم" على الإنترنت، إلى أن "أمن أوروبا يعتمد في المقام الأول على استقرار منطقة الشرق الأوسط".
أبعاد أيديولوجية للتدخل التركي
الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أكد في حديث خاص لـ"العين الاخبارية" أن "المؤتمر يأتي في توقيت هام في في ظل تداعيات التدخلات العسكرية التركية في ليبيا، وذلك من وجهة نظر أوروبية".
ونبه إلى تحذير المؤتمر من مخاطر دعم النظام التركي للمليشيات المسلحة في ليبيا، وتنظيم الإخوان المحظور في البلاد، قائلا إن "دعم أردوغان المباشر للإخوان له أبعاد أيديولوجية في نشر الفكر المتطرف بالمنطقة".
وتضمنت المحاور الرئيسية للمؤتمر؛ تداعيات التدخل العسكري في ليبيا وتهريب الأسلحة والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، وعواقب الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى إيطاليا وإسبانيا، وكذلك عبر بحر إيجه واليونان وتهديدها للأمن الأوروبي، والتنقيب التركي عن الغاز في السواحل القبرصية وانعكاسات ذلك على الأمن الأوروبي، وجهود ألمانيا وأوروبا لتنفيذ قرارات مؤتمر برلين حول ليبيا.
أما الدكتور "كارستن فيلاند"، الدبلوماسي ومستشار مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سوريا، فقال في كلمته خلال المؤتمر، إن تركيا قبل عام 2005 اتجهت نحو الغرب، وحاولت الانضمام للاتحاد الأوروبي، ثم بدأت السياسة الخارجية التركية تتحول نحو الرغبة إلى إعادة ما يسمى بـ "الخلافة وأوهام العثمانية الجديدة".
وأضاف "فيلاند" الصحفي أيضا المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن السياسة التركية منذ هذه اللحظة وحتى الآن تتحرك وفق مبدأ براجماتي خالص، حيث لم يكن استقبال أردوغان لـ 3 ملايين لاجئ سوري من منطلق الأخوة الإنسانية أو الدينية، إنما كان من منطلق برجماتي.
وأوضح مستشار مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سوريا : سعى أردوغان إلى امتلاك ورقة ضغط يمكن أن يبتز بها أوروبا، والاستناد إليها كذريعة في الوقت نفسه لدخول سوريا، ونجاحه في التوصل لاتفاقية "أستانا" مع روسيا وإيران والأمم المتحدة في محاولة لاكتساب شرعية التدخل بسوريا.
وأردف:" كما فعلت تركيا بسوريا كررت نفس النهج في ليبيا، بإدعاء أن تدخلها جاء استجابة لطلب من حكومة الوفاق، رغم أن أهدافها من التدخل واضحة وأبرزها؛ الحصول على حصة من الغاز والبترول الليبي في البر والبحر، علاوة على الأطماع التركية في التوسع وتحقيق حلم العثمانية الجديدة لأردوغان وأنصاره".
ورأى أن دعم تركيا للجماعات الإرهابية والمرتزقة سلاح ذو حدين، فالخنجر الذي تطعن به أنقرة خصومها من خلال دعم هذه الجماعات يمكن أن يرتد إلى صدرها في أي وقت.
موقف أوروبي متخاذل
وشدد ألفريد هاكنسبرجر، الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة "فيلت" الألمانية، على خطورة استمرار تركيا في إرسال الأسلحة إلى ليبيا، وانتهاك الحظر المفروض على توريد السلاح للبلاد من قبل الأمم المتحدة.
وقال، في كلمته بالمؤتمر، إن أردوغان يسعى إلى "نشر الأيدولوجيات المتطرفة من خلال دعم الجماعات الإرهابية، والسعي نحو تقسيم ليبيا إلى شرق وغرب".
وانتقد "هاكنسبرجر" ما وصفه بـ"الموقف الأوروبي المتخاذل" إزاء الانتهاكات التركية في ليبيا، قائلا: إن أوروبا للأسف ليست طرفًا في المعادلة التي يتحكم فيها كل من روسيا وتركيا بعدما تخلت واشنطن وبروكسل عن أدوارهما في حماية هذه المنطقة المهمة من العالم.
ونبه هاكنسبرجر أن المخطط التركي لاحتلال الشمال السوري لم ينجح بعد، وأن الحرب ما تزال مشتعلة خاصة في منطقة عفرين، حيث إن المعركة مؤجلة بسبب الأزمة الحالية التي يمر بها العالم جراء انتشار فيروس كورنا.
وزاد بأن :"تركيا ستدفع ثمنا باهظا عاجلا أم آجلا لغزوها للأراضي السورية، والليبية".
عودة الذئاب المنفردة
وسلط حسين خضر، نائب رئيس الأمانة الفيدرالية للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، الضوء على خطورة التدخل التركي في الأراضي الليبية.
وقال، في كلمته، إن الدعم التركي للجماعات المتطرفة سيعمل على تفريخ عناصر إرهابية يمكن أن تهاجم أوروبا مرة أخرى لتعيد إلى الأذهان ظاهرة التفجيرات والعمليات الإرهابية التي كان يقوم بها عناصر يُطلق عليها الذئاب المنفردة.
واستعرض خضر أسباب التدخل التركي في ليبيا، قائلا: "أنقرة تسعى للحصول على الاستثمارات الضخمة من عمليات إعادة الإعمار، واستغلال الموقع الاستراتيجي لليبيا بين إفريقيا وأوروبا، بالإضافة إلى السواحل الممتدة على البحر الأبيض المتوسط، والتي سمحت لليبيا بالاتفاق الغير معترف به بعد ترسيم الحدود البحرية مع الوفاق".