التدخل التركي في ليبيا أصبح حالة غزو سافر ومستفز، بعد شروع تركيا في إنشاء قواعد عسكرية للطائرات المسيرة بمصراتة وطرابلس
التدخل التركي في ليبيا أصبح حالة غزو سافر ومستفز، بعد شروع تركيا في إنشاء قواعد عسكرية للطائرات المسيرة بمصراتة وطرابلس، من أجل مناصرة جماعة «الإخوان»، المرتبطة أيديولوجياً بالتنظيم الدولي في تركيا، والمرفوضة من غالبية الشعب الليبي.
فما تفعله الحكومة التركية في ليبيا يعتبر جريمة مكتملة الأركان، بالتدخل في شأن دولة ذات سيادة، وعضو في الأمم المتحدة، خاصة بعد تهديد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار وإعلانه أن أنقرة سترد على أي هجوم تنفذه قوات الجيش الليبي ضد «المصالح التركية في ليبيا»، الأمر الذي يعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي، وتهديداً صريحاً لجيش وطني.
أردوغان الذي تلاحقه الهزائم السياسية والعسكرية في سوريا وليبيا، كانت قد هزمته بلدية إسطنبول، مما فاقم حالة العزلة التي يحاط بها، ويحاول الهرب منها إلى الأمام، بحشر أنفه في الأزمة الليبية بقوة، وقضايا المنطقة العربية برمتها، ضمن مغامرته وحلمه بعودة العثمانية الثانية
التدخل التركي في ليبيا هو أشبه بحالة غزو لدولة ذات سيادة من أجل الاستحواذ على الثروات الليبية، وكما أكد أوتن أورجان، الخبير في مركز دراسات الشرق الأوسط، بقوله إنه "بالإضافة للنفط والغاز، فإن تركيا تطمح لبسط سيطرة شركاتها على العقود الاقتصادية في ليبيا"، الأمر الذي يفسر الإصرار التركي على التدخل في الشأن الليبي، ليس فقط بسبب الأطماع الاقتصادية والمالية، بل أيضاً بأسباب أيديولوجية، جمعتها مع تنظيم جماعة "الإخوان" في ليبيا.
لقد استغلت تركيا حالة الفوضى في ليبيا بسبب إسقاط الدولة الليبية جراء تدخل حلف الناتو، وانخرطت في الأزمة الليبية، عبر إرسال السلاح والعتاد، بل حتى المقاتلين الفارين من سوريا والعراق، وغدت مأوى وملاذاً للجماعات الليبية "الإخوان" و"المقاتلة"، الذين ارتبطوا معها بعلاقات كبيرة، خاصة الجماعة الليبية المقاتلة (فرع القاعدة الليبي) كعبدالحكيم بلحاج وعبدالوهاب القايد وسامي الساعدي مفتي الجماعة المقاتلة المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، ولا تخفي الولاء له، وخالد الشريف قائد الجناح العسكري للجماعة.
خمسة ملايين رصاصة أرسلتها تركيا إلى ليبيا، بمعدل رصاصة لكل ليبي، عبر سفن تهريب السلاح والعتاد، فالدعم العسكري التركي للمليشيات في طرابلس يعتبر خرقاً لقرارات مجلس الأمن، بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ عام 2011، والتي تحولت إلى مجاهرة علنية بتزويد المليشيات بالسلاح، بعد دخول تركيا طرفاً مباشراً في الحرب، وجاهر أردوغان نفسه بأنه من أرسلها إلى طرابلس لدعم أنصاره من جماعة "الإخوان"، وليس دعماً لحكومة شرعية كما يزعم، فالجيش الليبي بقيادة المشير حفتر هو المعترف به من قبل البرلمان الليبي الشرعي، على العكس من حكومة «الوفاق» التي تعتبر غير دستورية، فمجلس النواب المنتخب من قبل الليبيين لم يعطِ الشرعية بعد لهذه الحكومة المفروضة من خارج ليبيا.
أمام التدخل التركي السافر في ليبيا ليس أمام الجيش الليبي سوى الدفاع عن سيادة وطنه وحدوده، ولهذا باشرت القوات المسلحة العربية الليبية بضرب القواعد التركية في الكلية الجوية بمصراتة وزوارة، فتركيا تتدخل في الأزمة الليبية منذ إسقاط الدولة الليبية في فبراير/شباط 2011، واستمر التدخل حتى ظهر بشكل قتال مباشر منذ عام 2014 مع الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة وغيرها من المدن.
تركيا أردوغان التي تناصب الليبيين العداء وتحاربهم بمليشيات "الإخوان" كانت بالأمس القريب حليفاً للقذافي وشريكاً اقتصادياً، فقد كشف أحمد قذاف الدم، ابن عم معمر القذافي، أن أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" حصلا على 30 مليار دولار عقوداً استثمارية، ودعماً لهما للوصول إلى الحكم والسلطة في تركيا والفوز بالانتخابات البرلمانية.
أردوغان الذي تلاحقه الهزائم السياسية والعسكرية في سوريا وليبيا، كانت قد هزمته بلدية إسطنبول؛ مما فاقم حالة العزلة التي يحاط بها، ويحاول الهرب منها إلى الأمام، بحشر أنفه في الأزمة الليبية بقوة، وقضايا المنطقة العربية برمتها، ضمن مغامرته وحلمه بعودة العثمانية الثانية.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة