تغامر تركيا بإشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط عبر تهديداتها المتواترة بالتدخل العسكري في ليبيا لصالح ميليشيات حكومة الوفاق في طرابلس،
تغامر تركيا بإشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط عبر تهديداتها المتواترة بالتدخل العسكري في ليبيا لصالح ميليشيات حكومة الوفاق في طرابلس، سعياً وراء لعب دور إقليمي ينسجم مع أطماعها العدوانية التوسعية وإحياء الإمبراطورية العثمانية البائدة، وطمعاً في نهب ثروات هذا البلد الهائلة من النفط والغاز بذريعة الحفاظ على مصالحها.
تلك الأطماع اصطدمت بإرادات دول كبرى، وتحديداً بالمصالح الروسية والأمريكية الرافضة قطعاً للتدخل التركي، ما وضع أنقرة في موقف صعب، وقلل من هامش المناورة الذي اعتمدته في السنوات الأخيرة في اللعب على التناقضات بين موسكو وواشنطن.
منذ بداية أحداث ما يسمى ب «الربيع العربي»، لم تتوقف تركيا عن التدخل في إشعال الحروب أو ترك بصماتها التدميرية في مجمل البلدان التي شملتها هذه الأحداث، ويبدو أنه حان الوقت ل «العثمانية الجديدة» التي يقودها أردوغان لتدمير ما تبقى من ليبيا، التي أنهكتها الحروب المتواصلة منذ سقوط نظام معمر القذافي. اليوم تحاول «العثمانية الجديدة» استعادة السيطرة على هذه المناطق في محاولة للإثبات بأنها أصبحت «قوة إقليمية عظمى» وأنها قادرة على نهب ثروات دول المنطقة رغماً عن إرادة شعوبها، ومن هذا المنطلق فقد حاولت شق منظمة التعاون الإسلامي عبر عقد قمة انقسامية فاشلة في كوالالمبور كي تظهر بمظهر الزعيم الذي يقود العالم الإسلامي، ثم عقدت اتفاقاً مع زعيم ميليشيات طرابلس يقضي في جانب منه بترسيم الحدود البحرية على حساب حقوق دول الجوار، وفي الجانب الآخر يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا لوقف زحف الجيش الوطني الليبي الذي يوشك على إحكام قبضته على طرابلس وإسقاط حكم الميليشيات فيها وإنهاء أحلام أردوغان في نهب الثروات الليبية وضخ مليارات الدولارات في خزينة الدولة التركية واقتصادها المنهار. لكن الأطماع العدوانية التركية سرعان ما اصطدمت بإرادات دول إقليمية في المنطقة، في مقدمتها مصر وقبرص واليونان التي عارضت بشدة اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وأعلنت رفضها لأي تدخل تركي في ليبيا وأكدت استعدادها للمواجهة أن اقتضى الأمر، كما أن تلك الأطماع اصطدمت بإرادات دول كبرى، وتحديداً بالمصالح الروسية والأمريكية الرافضة قطعاً للتدخل التركي، ما وضع أنقرة في موقف صعب، وقلل من هامش المناورة الذي اعتمدته في السنوات الأخيرة في اللعب على التناقضات بين موسكو وواشنطن. فالعلاقات مع واشنطن ازدادت سوءاً عقب صفقة الصواريخ الروسية التركية ووصلت تداعياتها إلى حد تهديد أنقرة بإغلاق قاعدة «انجرليك» الاستراتيجية والقواعد الأمريكية في تركيا، كما أن العلاقات بين موسكو وأنقرة في طريقها إلى التصادم في ليبيا عقب تحسنها الملحوظ مؤخراً، والتعاون القائم بينهما في سوريا، خصوصاً عندما شنت أنقرة هجوماً مباشراً على موسكو باتهام مرتزقة روس (مجموعة فاجنر) بأنهم يقاتلون إلى جانب الجيش الوطني الليبي.
ومع تواتر التقارير عن إمكانية عمل مقايضة بين موسكو وأنقرة تقضي بتخلي تركيا عن دعم حلفائها من الفصائل المسلحة في إدلب مقابل السماح بنقل هؤلاء المسلحين إلى طرابلس للقتال إلى جانب ميليشياتها، وهو ما يبدو أن موسكو ترفضه بشدة، حيث لروسيا أيضاً مصالحها في ليبيا، لم يعد أمام أردوغان سوى إرسال قواته إلى هناك، لكنها مغامرة ليست مضمونة النتائج، وتهدد بإشعال حرب إقليمية جديدة في المنطقة.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة