استثمارات أردوغان بليبيا.. سم إخواني لابتلاع شمال أفريقيا
ثورات ليبيا الباطنية وموقعها الاستراتيجي كشفت حقيقة الأطماع التركية باستثمارات تجسسية في عهد القذافي واستعمارية مع السراج.
أطماع تركيا في ليبيا ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لعهد العقيد الراحل معمر القذافي، حين أدركت أنقرة أن حصولها على موطئ قدم بالبلد الغني بالنفط لن يؤمن لها اقتصادها فحسب، وإنما يمنحها فرصة ابتلاع منطقة شمال أفريقيا بأكملها.
مخطط طويل الأمد ترصده "العين الإخبارية"، ضمن سلسلة تقارير عن أطماع أردوغان في أفريقيا، حيث تعري الأحداث والتطورات الراهنة في ليبيا محاولة إخضاعها للنفوذ التركي وجعلها بؤرة خراب وأطماع وملعباً لتسجيل أهداف أخرى في المنطقة.
ومنذ عهد القذافي، سعت أنقرة للاستحواذ على ليبيا، عبر بوابة الاستثمارات الاقتصادية التي تعتبر بمثابة الشجرة الكبيرة التي أخفت وراءها أطماعها العسكرية والاقتصادية في شمال أفريقيا.
وشكلت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، قبل أيام، إلى العاصمة طرابلس، واحدة من محطات البحث عن جني الأرباح بعد أن ضمنت خراب هذا البلد، وسط ترويج من حكومة ما يسمى بـ"الوفاق" غير الشرعية وإعلام تركي لـ"استثمارات تركية بقيمة 120 مليار دولار|".
خداع القذافي
تجسس اقتصادي
استثمار في الدم الليبي
منذ ذلك الوقت، دخل التواجد التركي في ليبيا مرحلة جديدة من "الاستثمار في الدم الليبي"، بعد أن بدأت أطماعه وأجنداته تتكشف عقب ضبط عشرات الشحنات من الأسلحة القادمة من تركيا إلى ميليشيات طرابلس والتنظيمات والجماعات الإرهابية المتحالفة معها في الغرب الليبي.
وباجتماع توليفة الفوضى والخراب، تحولت ليبيا إلى نقطة التقاء أطماع أردوغان في استعادة "أوهام الدولة العثمانية الاستعمارية" مع ما يسمى بـ"مشروع الخلافة الإخواني ».
ومعها، تنوع معها الخراب التركي في ليبيا بين إيواء وتمويل وحماية الجماعات الإرهابية، ثم استيرادها من مناطق نزاع أخرى وإخراج ورقة الدواعش التي أشعل بها الشرق الأوسط.
خيانة حكومة الإخوان
لم ينتظر أردوغان طويلا ليكشف عن أطماعه في ليبيا، مستغلا تسليم حكومة فائز السراج سيادة وقرار ليبيا لنظامه، حيث وقعت أنقرة وميليشيات طرابلس، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، اتفاقاً لإنشاء "منطقة اقتصادية خالصة»، تمتد من الساحل التركي الجنوبي من البحر المتوسط إلى الساحل الشرقي الليبي، أتبعته باتفاق عسكري آخر لحماية ودعم ميليشيات ومرتزقة الوفاق.
وبموجب الاتفاق، تتولى تركيا حقوق التنقيب عن النفط شرق البحر المتوسط، وهو المشروع الذي أدانته اليونان وقبرص ومصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، واعتبرته غير قانوني، وأصدرت، في مايو/أيار الماضي، بياناً مشتركا يدين تصرفات أنقرة.
كما كشفت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على رأس وفد «رفيع من رجال الأعمال»، حقيقة رهان النظام التركي على جماعة الإخوان التي تحكم طرابلس تحت يسمى "حكومة الوفاق" المرفوضة شعبياً، لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، تكون بمثابة ثمن لدعمها العسكري لمرتزقة الوفاق.
وخلال الزيارة، أقر مرتضى قارانفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، بأن حجم الاستثمار التركي في ليبيا "قفز إلى 120 مليار دولار في جميع القطاعات أبرزها المقاولات »، بحسب إعلام تركي رسمي.
وتوقع قارانفيل، في المقابل، أن تكون 2020 سنة واعدة بشكل كبير" في حجم التبادل التجاري بين أنقرة وميليشيات طرابلس.
وبعد أن ساهمت في تدمير ليبيا، اتضح أن الأطماع التركية وأعين أردوغان تتجه صوب حصوله على الحصة الأكبر من مشاريع إعادة الإعمار، والاستحواذ على أكبر المشاريع في حقول النفط.
أردوغان.. حلم الغاز وكابوس المستنقع
سعي النظام التركي ومن ورائه مليشيات السراج المسنودة أيضا بالدواعش والمرتزقة للسيطرة على سرت والجفرة، يؤكد وفق مراقبين حقيقة التواجد الاستعماري التركي في ليبيا للسيطرة على الهلال النفطي وبقية ثروات البلاد.
ويمثل الهلال النفطي 60 % من احتياطات النفط الليبي، ويمتد على مسافة 205 كيلومتر، من مدينة طبرق شرقاً إلى السدرة غرباً على ساحل البحر المتوسط.
وتسيل احتياطات ليبيا من النفط لعاب النظام التركي اللاهث وراء تدمير ليبيا للاستيلاء عليها وعلى ثرواتها، خصوصاً وأن للبلد الأول أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا يقدر بـ40 مليار برميل، ويحتل المرتبة الخامسة عربياً، فيما تبلغ نسبة النفط الليبي من الاحتياطي العالمي 3.76 %.
كما تعتبر ليبيا من أبرز الدول الغازية، حيث تحتل المركز الـ21 عالمياً باحتياطات تقدر بحوالي 54.6 تريليون قدم مكعب، بحسب بيانات شبه رسمية.