طموحات المعارضة تواجه صخرة أردوغان في جولة الإعادة
بينما كانت تجري عملية فرز الأصوات في الانتخابات التركية، خيم الصمت على الحشود المتجمعة أمام مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم بإسطنبول.
وتحولت الوجوه المتجهمة نحو عملية فرز الأصوات على الشاشة الضخمة – حيث تراجع الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، الذي يقود الحزب، إلى ما دون عتبة 50% اللازمة لتحقيق النصر من الجولة الأولى في الانتخابات التاريخية.
وتوقفت الهتافات الاحتفالية، التي تبدلت بسلاسة بين الشعارات الحزبية والدينية، بشكل مفاجئ، وكذلك قرع الطبول، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
"لسنا معتادين على ذلك. نحن معتادون على الفوز بالجولة الأولى"، هكذا قال عمران أوزدومي (38 عاما) وهو مؤيد لأردوغان. وكانت الساعة الواحدة صباحا في إسطنبول، وكان الشارع الذي تدفق عليه مؤيدو الحزب في وقت مبكر من المساء، قد بدأ يفرغ.
وفجأة، نبضت الحياة مجددا في الشارع؛ إذ كان أردوغان على وشك إلقاء خطاب، وبدأ الخبر في الانتشار: ربما "أصيب الحزب الحاكم بكدمة لكنه لم يخرج من اللعبة بعد."
"ربما تتغير حالاتنا المزاجية، لكن حكم أردوغان لن يتغير"، هكذا قالها إسماعيل بوياجي (53 عاما)، مضيفا: "لن نتركه مطلقا."
وعندما أطل أردوغان على مؤيديه أشاد بالانتخابات واصفا إياها بـ"عيد الديمقراطية"، قائلا: "أكمل بلدنا عيدا آخر للديمقراطية بانتخابات 14 مايو/أيار.. وبالرغم من عدم اتضاح النتائج الدقيقة بعد، نحن متقدمون."
وكان ائتلاف من ستة أحزاب معارضة قد تشكل لإنهاء حكم أردوغان المستمر منذ 20 عاما، حيث أطلق الحملة ببرنامج يدعو للتغير، وهو ما اعتبرته "سي إن إن" أمر غير مسبوق في تركيا.
ورغم أن معظم استطلاعات الآراء توقعت تقدم مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو، إلا أن نتيجة الانتخابات جاءت معاكسة لذلك التوقع، إذ تقدم أردوغان بفارق 5 نقاط على خصمه، مما وضعهما في مواجهة جولة إعادة.
أما المرشح الثالث - السياسي اليميني سنان أوغان - فقد حصل على 5.28 % من الأصوات التي قد تكون حاسمة، في جولة الإعادة.
ورهن "صانع الملوك الجديد" تأييده لأي من المرشحين الاثنين الآخرين بسياسات متشددة تجاه اللاجئين وبعض الجماعات الكردية التي يعتبرها إرهابية.
وقال أوغان لـ"سي إن إن"، الإثنين: "عندما نتخذ قرارا (بشأن التأييد) بالطبع سنقدمه لكلا الجانبين، قد يكون أردوغان وقد يكون كليجدار أوغلو، لا يوجد لدينا قرار واضح في الوقت الراهن".
وأضاف: "ما نفكر فيه أنه يجب على جميع الأحزاب السياسية استبعاد المنظمات الإرهابية. لا يتعين علينا تقديم دعمنا لأي من الطرفين؛ لا توجد مثل هذه القواعد".
لكن يتوقع المحللون أنه من المرجح أن يصوت أنصار أوغان القوميين المتشددين لأردوغان في الجولة التالية.
الحزب الحاكم الذي يترأسه أردوغان خرج أيضا من انتخابات، الأحد، بأكبر كتلة برلمانية، وهو ما اعتبرت "سي إن إن" أنه سيترك المعارضة أمام صراع شاق للفوز في جولة الإعادة.
وأمس الإثنين تبنى كليجدار أوغلو نبرة تحدٍّ، حيث قال خلال فيديو نشره على الشبكات الاجتماعية: "أقسم أن أقاتل حتى النهاية.. أنا هنا".
واعتبرت الشبكة الأمريكية أن نتائج الانتخابات كشفت، من بين أمور أخرى، عن القدرة المحدودة للمعارضة في استغلال سخط الجماهير التي تعاني جراء الأزمة الاقتصادية، والزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في فبراير/شباط الماضي.
وبدا ناخبو المعارضة الذين تحدثت معهم "سي إن إن" قبل إغلاق صناديق الاقتراع متفائلين؛ إذ قالوا إنهم يصوتوا من أجل "العدالة والحرية، ومن أجل تنشيط الاقتصاد".
النقيض تماما رسمه أنصار أردوغان الذين قالوا إن أوقات الأزمة تتطلب رجلا قويا لرسم مسار إلى التعافي.