تركيا تتراجع .. سحب شرعنة "اغتصاب القاصرات"
الحكومة التركية رضخت لضغط الشارع وسحبت مشروع قانون كان ينص على إلغاء العقوبة على بعض مرتكبي الاعتداءات الجنسية على قاصر.
رضخت الحكومة التركية، الثلاثاء، لضغط الشارع وسحبت مشروع القانون المثير للجدل، الذي كان ينص على إلغاء العقوبة على بعض مرتكبي الاعتداءات الجنسية على قاصر في حال تزوجوا بضحاياهم.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، الثلاثاء، سحب مشروع القانون بعد ساعات من دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إيجاد تسوية و"أخذ الانتقادات والتوصيات بالاعتبار".
وينص النص الأصلي الذي اقترحه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ذو الخلفية الإسلامية، على تعليق إدانة من يعتدي جنسيا على قاصر، إذا تزوج ضحيته. ويطبق هذا التدبير مرة واحدة بمفعول رجعي.
وأثار مشروع القانون تظاهرات في البلاد بعدم التصويت عليه في قراءة أولى الخميس. ورأى فيه منتقدوه أنه يشرع اغتصاب القصر. ونزل آلاف الأشخاص إلى الشوارع خلال نهاية الأسبوع للمطالبة بسحب مشروع القانون.
وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ "أغلق الملف.. وإذا تم التوصل إلى توافق بين الأحزاب يمكن العودة إليه لاحقا"، حسب ما نقلت وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
ويأتي قرار سحب مشروع القانون وسط توترات اجتماعية قوية ناجمة عن عمليات التسريح والإقالة لآلاف العسكريين والموظفين والمدرسين والصحفيين والقضاة التي بدأت بعد الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز، وشملت أيضا المعارضة الداعمة لقضية الأكراد في تركيا ووسائل الإعلام الناقدة للحكم.
ويشكل سحب مشروع القانون، الذي شكل نقطة التقاء للعديد من قوى المعارضة السياسية والمنظمات غير الحكومية المنتقدة لنظام أردوغان، تنازلا نادرا من النظام التركي، الذي يهيمن عليه منذ 2002 حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ.
قلق بالغ
وأثار مشروع القانون قلق منظمات غير حكومية لحماية الطفولة وأحزاب معارضة وآلاف المواطنين الأتراك.
وتظاهر مئات الأشخاص، الثلاثاء، في أنقرة؛ حيث استخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين حاولوا الوصول إلى مقر البرلمان.
وقالت الحكومة التركية إن مشروع القانون الذي يريد إلغاء عقوبة الاعتداء على قاصر، يقتصر على المتزوجين دينيا، وإذا كان الزوج يقبع في السجن لأنه تزوج قاصرا بموافقة عائلتها. ولا تزال هذه العادة مطبقة خصوصا في شرق تركيا.
واعتبر يلديريم أنه "ليس من العدل" أن يجبر أطفال هذه الزيجات "أن يكبروا دون حنو آبائهم (المسجونين) وأن "يدفعوا ثمن أخطاء الوالدين".
وذكر الأمين العام لأبرز حزب معارض (سي.اتش.بي، الاشتراكي الديمقراطي) كمال كيليتشدار أوغلو "إذا تراجع حزب العدالة والتنمية اليوم، فذلك بفضل النساء الجريئات في هذا البلد".
وجاء قرار سحب المشروع في وقت بدأت الحكومة مفاوضات حثيثة مع المعارضة القومية قبل الدعوة المنتظرة في الربيع إلى تصويت شعبي على إصلاح للدستور من أجل إقامة نظام رئاسي يسعى إليه أردوغان.
وأبدت العديد من منظمات الدفاع عن حقوق الأطفال خشيتها من أن يشجع مشروع القانون المعتدين جنسيا على قاصرات، من خلال تمكين المعتدين من الضغط على الأسر للزواج من ضحاياهم وتفادي العقاب القانوني.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وثلاث وكالات أممية أخرى أعربت الاثنين عن "قلقها العميق" حيال مشروع القانون الأساسي، الذي "من شأنه أن يضعف قدرة تركيا على التصدي للاعتداءات الجنسية والزيجات المبكرة".
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال غوري فان غوليك من منظمة العفو الدولية، إن سحب القانون "بشرى سارة"، مشيرا إلى أنه بات يطالب بإلغائه "بصورة نهائية".
وعبر مشاهير وحتى جمعية تشغل ابنة الرئيس أردوغان منصب نائب الرئيس فيها، عن قلقها من مشروع القانون.
واعتبرت منظمة "النساء والديمقراطية" القريبة من النظام، والتي تتولى سمية أردوغان منصبا فيها، أن أبرز مشاكل هذا المشروع هو أنه يرسي قاعدة قانونية لما يشكل إجبارا أو رضى.
ويمكن للقاصرين في تركيا أن يتزوجوا في السابعة عشرة من العمر إذا حصلوا على موافقة ذويهم. ويتيح القانون الزواج في سن السادسة عشرة في "بعض الظروف الاستثنائية" بعد موافقة أحد القضاة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز