حزب أردوغان يشعل تركيا بقانون "زواج المغتصب من ضحيته القاصر"
مشروع قانون جديد في تركيا يسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته القاصر ويثير جدلاً وغضباً في صفوف الجمعيات الحقوقية ومنظمات المرأة.
أعلن اتحاد الأطباء الأتراك رفضه الشديد لمحاولات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، لشرعنة زواج الفتيات في سن صغيرة بمَن اغتصبهن، من خلال قانون "الزواج بالمغتصب"، الذي أعاد النظام طرحه على الرأي العام مجددًا.
جاء ذلك في بيان صدر عن الاتحاد، نشره على موقعه الإلكتروني، بعد تسريب أنباء عن اعتزام الحزب الحاكم مجددًا تقديم مشروع قانون يسمى بـ"الزواج من المغتصب" للبرلمان بعد عدة سنوات من محاولة سابقة باءت بالفشل.
وذكرت العديد من وسائل الإعلام التركية، مؤخرًا، أن من المقرر أن يُطرح على البرلمان التركي مشروع القانون، الذي يسمح للرجال المتهمين باغتصاب فتيات تحت سن 18 عامًا بتجنب العقوبة إذا تزوجوا من ضحاياهم.
وأثار مشروع القانون كثيرًا من الجدل والغضب في صفوف الجمعيات الحقوقية ومنظمات المرأة بعد أن قرر مشرعون تقديمه للبرلمان التركي نهاية يناير/كانون الثاني الجاري.
وتصر الحكومة على أن هذا القانون يهدف إلى معالجة ظاهرة زواج الأطفال التي تنتشر على نطاق واسع، ولكن المنتقدين يقولون إنه يشرعن الاغتصاب.
ومن بين الجهات التي أعلنت رفضها بشدة لهذا الطرح، اتحاد الأطباء الأتراك الذي قال في بيانه، إن "هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق، فمشروع القانون يشرعن لزواج القاصرات، ويضفي حصانة لكل مَن يقترف هذا الجرم، ويشجّع على ارتكاب مزيد من هذه الجرائم غير الأخلاقية".
وأضاف البيان: "وتعد هذه المحاولة هي الثانية من نوعها التي يسعى النظام الحاكم إليها لتفعيل هذا القانون الذي يلقى رفضًا مجتمعيًا شديدًا لما فيه من ظلم كبير للقاصرات اللاتي وقعن ضحية لهذه الجرائم غير الإنسانية".
وأُبطِل مشروع قانون مماثل في تركيا عام 2016 بعد أن أثار الكثير من الاستهجان والغضب في الداخل والخارج.
وشدد البيان على أن "هذا المشروع طرح لا يمكن تمريره من حيث المسؤوليات الأخلاقية الواقعة على عاتق المجتمع تجاه الأطفال"، مضيفًا "مثل هذه المبادرات ما هي إلا مساعٍ لإضفاء غطاء قانوني على مثل هذه الجرائم، وتعد جريمة تتنافى مع المعاهدات الدولية المعنية بحقوق الأطفال والنساء".
البيان أكد كذلك أن "أي نوع من استغلال الأطفال بما في ذلك الاستغلال الجنسي، جريمة تقتضي العقاب والمحاسبة"، متابعًا "كما أن الاستغلال الجنسي للأطفال جريمة لا يمكن التصالح معها تحت أي مبرر".
ولفت إلى أن "وظيفة الدولة الحيلولة دون ارتكاب الجرائم بحق القاصرات، وليس إجبارهن على الزواج في سن مبكرة، وترك مرتكبي هذه الجرائم دون عقاب".
ودعا البيان النظام الحاكم إلى "التعامل بحساسية مفرطة لحماية التشريعات الخاصة بحقوق الأطفال، وليس العكس، والإيفاء بالالتزامات والمسؤوليات التي تقتضيها القوانين حيال الأطفال، ولا سيما الإناث منهم، ووضع حد لجميع المبادرات، والمحاولات التي من شأنها تدمير حياتهم".
ومطلع يناير/كانون الثاني، تداولت العديد من وسائل الإعلام التركية، أنباء عن استعدادات يجريها النظام الحاكم لعرض مشروع القانون المثير للجدل ثانية على البرلمان، الأمر الذي قوبل برفض شديد لا سيما من قبل المنصات والمنظمات الحقوقية المعنية بحقوق النساء والأطفال.
وآنذاك شهدت العديد من الولايات التركية تنظيم فعاليات رافضة لهذا الطرح، منها فعالية نظمتها "منصة نساء ولاية إزمير"، التي قال ممثلوها في بيان إن "مشروع القانون سيشجع على زيادة جرائم الاغتصاب للقاصرات؛ لأن العقوبة مأمونة، واستبدلها النظام بمكافأة الزواج للجاني، أي قوانين تلك التي يدافع عنها هذا النظام؟".
وأضاف البيان: "لن نسمح بتمرير مثل هذه القوانين التي تشجع على الجريمة، وتساهم في ضياع حقوق قاصرات في أعمار الزهور، فالأولى بالنظام أن يدافع عنهن وليس العكس".
وبينما يبلغ سن الزواج القانوني 18 عامًا في تركيا، فإن تقرير حكومي أوضح أن نحو نصف مليون فتاة قاصر قد جرى تزويجهن في العقد المنصرم.
هذا في الوقت الذي شهدت معدلات العنف ضد المرأة في تركيا خلال عام 2019 زيادة كبيرة لتسجل النسبة الأكبر خلال السنوات العشر الأخيرة.
وبحسب بيان صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن منصة حقوقية تركية تسمى "سنوقف الجرائم ضد المرأة"، قتلت في 2019 نحو 474 امرأة، وهو الرقم الأعلى في آخر 10 سنوات.
وأشارت المنصة في بيانها إلى أن 152 حالة من حالات القتل هذه لم يحدد فاعلها، فيما وقف وراء 134 حالة أزواج سابقون، والحالات الباقية وقف ورائها أقارب، ورفقاء سابقون، ومعارف.
185 حالة من هذه الحالات قتلت بإطلاق النار، و101 بواسطة آلة حادة، و29 بالخنق، و6 باستخدام مادة كيميائية، و27 بالضرب المفضي للقتل، و6 بالحرق، و19 بالدفع من مكان مرتفع، فيما لم يحدد كيفية قتل 101 حالة أخرى.
وفي عام 2018، كان عدد النساء اللائي فقدن حياتهن 440، بحسب تقرير المنظمة الحقوقية، ووفقاً لمنظمة "فيمينيسيد" الحقوقية فإن قرابة 409 سيدات قتلن، نتيجة لتعرضهن للعنف في تركيا خلال 2017.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، مطالباً باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بهدف مكافحة الظاهرة.
وقال تقرير صادر عن المجلس آنذاك: "نشعر بقلق بالغ حيال استمرار الآراء النمطية التقييدية داخل المجتمع التركي، لا سيما على المستوى السياسي الرفيع والشعبي، إذ تستهدف المرأة وتشجع على تعنيفها".
ولفت التقرير إلى "وجود قلق بالغ من عدم اتخاذ العقوبات اللازمة ضد أحداث العنف تجاه المرأة، وغياب بيانات أو أدلة على التحقيق بشكل فعال في وقائع العنف".
وذكر التقرير أن 25% من الإناث بتركيا يجبرن على الزواج في سن أقل من 18 عاماً، مضيفاً أن هذه النسبة تصل إلى 32% في القرى.
وكشف أن 27% من التركيات يتعرّضن للمراقبة والتتبع والتحرش الجنسي، مرة واحدة على الأقل طوال حياتهن.
وألقى مسؤولية تلك الجرائم "على المسؤولين الحكوميين الذين يقفون مكتوفي الأيدي دون فعالية في حماية المرأة التي تتعرض للعنف، ويتسامحون في تلك الموضوعات".
وختاماً، أوصى التقرير بـ"إعداد برامج تدريبية لتوعية الموظفين في المناصب القضائية وقوات الأمن بكيفية التعامل مع قضايا العنف التي تستهدف المرأة".
aXA6IDMuMTM4LjEyNi41MSA= جزيرة ام اند امز