إغلاق هذه الشركات ضربة كبيرة للاقتصاد التركي تضاف إلى الضربات الأخرى التي نالها منذ انتشار الفيروس المستجد، وأيضاً على خلفية السياسات الأحادية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم.
فشلت الحكومة التركية في التعامل مع أزمّة تفشي فيروس كورونا المستجد بعد وصوله إلى بلادها قبل أكثر من 8 أشهر، وقد أثّرت بشكل رئيسي على الاقتصاد بمختلف جوانبه، وكذلك أسهمت في تدهور الليرة التركية بشكل متسارع بعدما كانت تسجّل تراجعاً محدوداً أمام العملات الأجنبية بين الحين والآخر.
إن عدم قدرة السلطات على التعامل بشكلٍ فعّال مع أزمّة هذا الفيروس، أرغم آلاف الشركات على إغلاق أبوابها، وبالفعل أعلن اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركية عن إغلاق 10 آلاف و453 شركة في البلاد في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بزيادة تصل إلى نحو 11% من عدد الشركات التي أغلقت العام الماضي خلال الفترة ذاتها، وكان عددها 9385 فقط.
ويعد إغلاق هذه الشركات ضربة كبيرة للاقتصاد التركي تضاف إلى الضربات الأخرى التي نالها منذ انتشار الفيروس المستجد، وأيضاً على خلفية السياسات الأحادية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان. وليس مستبعداً أن تكون أعداد الشركات المغلقة في الواقع أكبر بكثير من الأرقام المعلنة من قبل الدولة، ذلك أن رئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات مقرّب من أردوغان الذي لم يعفِ الأول من منصبه رغم أنه يشغله منذ نحو 20 عاماً.
ويبدو أن الرئيس التركي يعتمد بشكلٍ كبير على اتحاد الغرف التجارية والبورصات لتحقيق أهدافٍ سياسية، وعلى سبيل المثال تعهّد مدير هذا الاتحاد عند إجراء الاستفتاء على النظام الرئاسي عام 2017 بمنح كلّ سيدة ترعى حفيدها راتباً شهرياً، لكن هذا الأمر لم يتحقق بعد أن نسي أردوغان ومعه رئيس الاتحاد هذا الوعد عقب دخول النظام الرئاسي حيّز التنفيذ. ومع ذلك لم يعزل الرئيس التركي، مدير هذا الاتحاد من منصبه الحسّاس رغم أنه أقال عشرات المسؤولين قبل أسابيع في محاولة منه للتغلب على الأزمة الاقتصادية الحالية التي تشهدها بلاده.
وبالتالي، ما يجري اليوم في تركيا، يؤكد أن الحكومة فشلت بشدّة في التعامل مع هذه الأزمّة الصحية، وأن أردوغان هو من يدير كل شاردة وواردة في البلاد، وأن كل القرارات مهما كانت تصدر عنه، وحين لا يستفيد منها، يلجأ لمعاقبة الآخرين وتحميلهم المسؤولية، ولهذا السبب، أقال محمد غوفين نائب وزير الصحة قبل يومين من منصبه وعيّن بدلاً منه صباح الدين آيدين. ومن المقرر أن يبدأ اليوم حظر تجوّل في عموم تركيا للتغلب على الموجة الثانية من تفشي الفيروس.
ومع ذلك، لا يمكن للحكومة التركية الحالية أن تتغلب اليوم على أزمّة كورونا أو أن تعالج مشكلة الليرة وغيرها من المشاكل الاقتصادية العالقة، ذلك أن أردوغان يرفض الحلول الجذرية التي قد تضرّ بمصالحه الداخلية وفي مقدمتها تراجع شعبيته وطموحاته الخارجية كأحلامه في إحياء "السلطنة العثمانية" مجدداً على حساب باقي الدول والشعوب، لذلك من المرجح أن تتفاقم أزمات تركيا أكثر لحين حدوث أي تغيير جذري وفعلي مثل خروج أردوغان وحزبه من السلطة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة