"أستانة" في تاسع جولاتها.. ذعر إيراني وحائط فرنسي بوجه أطماع أردوغان
المخاوف الإيرانية من المواجهة مع إسرائيل ومطامع النظام التركي في سوريا في ظل بحث أوروبا عن دور فعال تطغى على تاسع جولات "أستانة".
نسفت التطورات الميدانية في سوريا عمليا نتائج الجولات الأخيرة من حوار أستانة بشأن مناطق خفض التصعيد، وفيما تستعد موسكو وطهران وأنقرة للعودة إلى العاصمة الكازاخية في جولة تاسعة منتصف الشهر الجاري، لم يعد السؤال يدور حول إمكانية إعادة ترميم الهدنة في البلاد التي أنهكتها الحرب الأهلية، لكنه بات يتعلق بتأثير كفاءة الدورين التركي والإيراني على الصراع المستمر منذ 7 سنوات.
وتأتي الجولة الجديدة بينما تبدد مزاعم إيران عن كونها عاملا ضامنا للتهدئة، المواجهات المباشرة بين عناصرها والجيش الإسرائيلي على الأراضي السورية، كما تصطدم الأطماع التركية بالتوسع في الشمال برغبة فرنسية بدور أكبر في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
- عفرين والغوطة.. أزمتان في طريق أستانة لوضع دستور سوريا الجديد
- تأييد سياسي واسع لقرار ترامب بشأن نووي إيران
وعقدت الجولة الـ8 لمفاوضات أستانة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتفاهمت خلالها الأطراف على إطلاق سراح المعتقلين، كما اتفقت الدول الضامنة على مناطق "تخفيف التوتر" في مايو/أيار العام الماضي في مناطق عدة، خصوصاً في شمال سوريا، قبل انضمام الولايات المتحدة لتثبيت اتفاق المنطقة الجنوبية في يويلو/تموز الماضي، ولم يلتزم بها النظام السوري بشكل كلي.
وتجرى المحادثات بين ممثلي الدولة السورية وعدد من قادة فصائل المعارضة السورية بمشاركة الدول الضامنة الثلاث، تركيا وروسيا وإيران، كما تم دعوة الولايات المتحدة الأمريكية والأردن إلى المشاركة بصفة دول مراقبة في الاجتماعات.
إيران والضغوط الإسرائيلية
للمرة الأولى تحضر إيران مباحثات أستانة وهي ترزح تحت ضغوط غير مسبوقة و"ذعر"، بسبب دخولها في أول مواجهة مباشرة مع إسرائيل على الأراضي السورية، تخللها قصف الجيش الإسرائيلي عشرات المواقع التابعة لفيلق القدس الإيراني في سوريا، الذي أطلق 20 صاروخا على أهداف إسرائيلية في مرتفعات الجولان.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الرد الإسرائيلي كان مناسبا على تجاوز إيران "الخط الأحمر"، موضحا أن "المعركة مع إيران "مطولة والسياسة واضحة"، وأنه لن يسمح لإيران بترسيخ وجودها عسكريا في سوريا.
واستمرارا للضغوط الإسرائيلية على سوريا هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، أثناء زيارته لهضبة الجولان، الرئيس السوري بشار الأسد بـ"الدمار والمشاكل" ما لم يطرد الإيرانيين، وطرد قاسم سليماني وفيلق القدس من سوريا.
تركيا وفرنسا.. صراع على النفوذ في الشمال
لا يخفي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أطماعه في الأراضي السورية على أحد، فلا يدع مجالا لأي دولة للوساطة أو فرض النفوذ على الشمال السوري، فقد انتقد نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والوساطة الفرنسية مع المقاتلين الأكراد شمال سوريا، واصفا نهج فرنسا بـ"الخاطئ للغاية" بشأن سوريا.
واعتبر أن باريس لا يمكنها التفاوض مع من وصفهم بـ"الإرهابيين"، وأن أنقرة ستحاربهم كما فعلت في عفرين.
وكان أردوغان هاجم مدينة عفرين السورية، واحتلها، وقامت بنشر صور النهب والسلب بجميع أرجاء المدينة ذات الأغلبية الكردية، كما تعهد بتوسيع العملية العسكرية لمناطق أخرى سورية خاضعة لسيطرة الأكراد وصولا إلى الحدود العراقية.
واعترف الرئيس التركي بأن قواته قتلت أكثر من 4 آلاف شخص في مدينة عفرين السورية، منذ الاجتياح الذي نفذته في يناير/كانون الثاني الماضي داخل العمق السوري، مؤكدا أنه مستعد لقتل المزيد.
يأتي هذا فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوة تركية عبرت الحدود السورية-التركية، الخميس، ووصلت إلى منطقة الراشدين الواقعة في الضواحي الغربية من مدينة حلب، لإنشاء نقطة مراقبة عسكرية للقوات التركية، في استكمال لعمليات توزيع نقاطها العسكرية، ورسم نقاط التماس بين قوات النظام وحلفائها وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى.
ميركل ودور أوروبي أكبر
استبقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اجتماع أستانة بالتشديد على ضرورة أن تلعب أوروبا دوراً أكبر في حل الأزمة السورية.
وحضت ميركل، في مؤتمر صحفي، في وقت سابق، الدول الأوروبية على تنشيط دورها وتكثيف جهودها الرامية إلى تسوية الأزمة السورية.
كما أكدت ميركل أن الاجتماعات ستناقش المستجدات في مناطق خفض التوتر، والإجراءات الإنسانية والتدابير التي من شأنها زيادة الثقة.
خروقات متواصلة لهدنة الجنوب السوري
تواصل قوات النظام السوري خرقها الهدنة في الجنوب السوري ضمن الاتفاق الأمريكي-الروسي-الأردني، المطبق منذ الـ9 من يوليو/تموز من العام الماضي، والذي كان يشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء.
وخلال الشهور الماضية جددت القوات قصفها الصاروخي على أماكن في درعا البلد بمدينة درعا، بينما تعرضت مناطق في بلدة بصرى الشام بريف درعا الشرقي لهجمات.
الحكومة والمعارضة يؤكدان حضورهما
أكد كل من وفدي الحكومة والمعارضة السوريين عزمهما المشاركة في الجولة الـ9 من مفاوضات التسوية السورية في أستانة.
فيما أكدت وكالة "نوفوستي" الروسية أن تركيبة الوفد ستبقى كما هي مثلما كانت خلال الجولة السابقة، وأن المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري سيرأس الوفد من دمشق.
من ناحية ثانية، أكد وفد المعارضة السورية المسلحة عزمه حضور الجولة الـ9 من أستانة، على لسان رئيس الوفد أحمد طعمة.
ومن المقرر أن يخصص اليوم الأول لإجراء مشاورات ثنائية ومتعددة الأطراف، تمهيدا لعقد الجلسة العامة في 15 مايو.
الموقف الروسي
نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، أعلن أن "أستانة 9" ستبحث مجموعة من المسائل، بينها توحيد الجهود الرامية للهزيمة النهائية لتنظيم "داعش"، ووقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في سوريا، ومناطق تخفيف التوتر.
وحسب تصريحات سابقة فإن بوغدانوف أكد أن الجانب الروسي سيمثله المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين.