لا يزال أردوغان متمسكاً بأوهامه المعشعشة في ثنايا تفكيره، ومتشبثاً بأحلامه العثمانية المنغلقة في خارطة نواياه.
لا يزال أردوغان متمسكاً بأوهامه المعشعشة في ثنايا تفكيره، ومتشبثاً بأحلامه العثمانية المنغلقة في خارطة نواياه التي تؤول في نهاية المطاف إلى سراب، وهمه العبث بالشمال السوري والتلاعب على أرض سوريا التي اخترقها بصواريخه مستبيحاً المدن والقرى دون وازع ضمير أو تفكير، ودون إدراكٍ أن السيادة الوطنية السورية ليست بالأمر السهل استباحتها أو احتلالها مهما كلف ذلك من ثمن.
ملف التسوية السياسية يبقى أساسياً في استراتيجية الدولة السورية وحليفها الروسي، وخلال مراحل القتال والمواجهة العسكرية اتضحت الأمور أن ما كان يؤخر إحراز النصر الميداني على المجموعات الإرهابية هو عملية إعطائهم المجال للتفاوض وللتسويات السلمية، الأمر الذي كان أغلب هؤلاء الارهابيين يستغلونه لتحقيق تقدم على الأرض بدعم تركي
وغداة نجاح قوات الجيش العربي السوري، وبإسناد جوي روسي، في اقتحام الأطراف الشمالية الغربية لخان شيخون وسيطرتها على المدينة، وبعد مواجهتها المتقدمة والناجحة لفصائل هيئة تحرير الشام، تحرك صباح الإثنين الماضي رتلاً عسكرياً مؤلفاً من قرابة 50 آلية من مصفحات وناقلات جند وعربات لوجستية وست دبابات، في طريقها إلى مدينة معرة النعمان الواقعة شمال خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، لنجدة الإرهابيين المهزومين، الأمر الذي يؤكد مجدداً استمرار الدعم الذي يقدمه النظام التركي للمجموعات الإرهابية، إلا أن الطيران السوري مدعوماً بسلاح الجو الروسي تمكن من إحباط تقدمه وأوقع في الرتل إصابات عديدة.
لن يؤثر سلوك النظام التركي العدواني بأي شكل على عزيمة وإصرار الجيش العربي السوري على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين في خان شيخون وغيرها حتى تطهير كامل التراب السوري من الوجود الإرهابي، وتبقى رهانات أردوغان في الأزمة السورية خاسرة مهما غلّفها بأستارٍ من المراوغة والضلالة، حتى ولو اعتمد على الفصائل المسلحة في الشمال السوري وتحديداً هيئة تحرير الشام في إدلب فلن تجديه نفعاً باعتبارها تنفذ مخططاً إرهابياً واسع النطاق، وليس بمقدوره إيقاف تقدم قوات الجيش العربي السوري الذي صمم على تحرير إدلب من الفصائل المتطرفة ولن يتمكن من تحقيق أيديولوجيته العنصرية التوسعية.
الجانب التركي فشل حتى هذه اللحظة في ضبط المجموعات الإرهابية المسلحة وإقناعها بالاتفاقيات المبرمة في سوتشي وأستانة مع الجانب الروسي، والوضع برمته لم يعد محتملاً وفي حال استمرت هذه المجموعات بالتصعيد فإنه سيكون هناك عمل عسكري لدحر الإرهابيين الذين يتلقون الدعم من النظام التركي، وبطبيعة الحال فإن الاتفاقات المبرمة لا تنهي تجنيب الطرف السوري خيار الحسم العسكري، وبالأخص إذا ظل الإرهابيون يتمادون في اعتداءاتهم بالقذائف الصاروخية على الأحياء السكنية الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية وعلى نقاط الجيش العربي السوري في مختلف جبهات محافظة إدلب.
ولكن تبقى مناورات الجانب التركي مجرد مواقف ابتزازية حيال الأزمة السورية حتى ترضى عنه واشنطن ليتاح له المناورة معها تمهيداً للبدء بإقامة المنطقة الآمنة معها، وإن تحققت فإنها ستؤدي إلى مستجدات قد تجعل الشمال السوري عرضة لوقوف أنقرة واصطفافها مع مختلف التنظيمات المسلحة وبطريقة صارخة وواضحة، ومع اقتراب القضاء على مرتزقة أردوغان في المدينة أكدت موسكو على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف بأن أي اعتداءات من الإرهابيين تنطلق من إدلب سيتم التصدي لها بكل حزم وقوة، مشيراً إلى وجود عسكريين روس على الأرض في إدلب.
ملف التسوية السياسية يبقى أساسياً في استراتيجية الدولة السورية وحليفها الروسي، وخلال مراحل القتال والمواجهة العسكرية اتضحت الأمور أن ما كان يؤخر إحراز النصر الميداني على المجموعات الإرهابية هو عملية إعطائهم المجال للتفاوض وللتسويات السلمية، الأمر الذي كان أغلب هؤلاء الارهابيين يستغلونه لتحقيق تقدم على الأرض بدعم تركي، ولاكتساب نقاط ميدانية لاستغلالها في التفاوض، وهذا الأمر برهنه بشكل ثابت مسار الميدان والمواجهات، وتلك المجموعات ترفض كل ما يتعلق بالاتفاقات الأمنية ولن تخرج عن الطاعة التركية، معتبرة أن موافقتها على تنفيذ الاتفاقات الأمنية قد تكون نهاية لمصيرها.. وبانتظار القادم من المتغيرات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة