أسفرت جولة جديدة من المفاوضات في أستانا عن موافقة الحكومة السورية على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب
أسفرت جولة جديدة من المفاوضات في أستانا بحضور الدول الضامنة وممثلي بعض الأطراف الإقليمية والدولية، مساء الخميس الماضي، عن موافقة الحكومة السورية على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب شريطة أن يتم تطبيق اتفاق سوتشي المتفق عليه في أيلول 2018م بين روسيا وتركيا الذي يقضي بتراجع الإرهابيين بحدود 20 كيلومتراً بالعمق من خط منطقة خفض التصعيد بإدلب وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وقد رحبت روسيا بقرار الحكومة السورية لإرساء وقفٍ لإطلاق النار.
إذن ثمة اعتبارات توحي باقتراب وضع حد للتنظيمات الإرهابية وللتوغل التركي في الشمال السوري، وأن يحصد الروس ثمار استراتيجيتهم العسكرية، وأن أكثر أهالي المحافظة يؤيدون خيار القضاء على إرهابيي النصرة وتحرير المحافظة من الإرهاب وينتظرون بأي لحظة أن تعيد الدولة السورية إليها مؤسساتها الرسمية
يتوقف نجاح الاتفاق الروسي التركي بشأن محافظة إدلب على التزام الفصائل المتطرفة لا سيما هيئة تحرير الشام بتنفيذه، خصوصاً لناحية إخلاء مقاتليها مواقعهم داخل المنطقة منزوعة السلاح بعد سحب السلاح الثقيل منها، وتسيطر هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقا - مع مجموعات متشددة على ثلثي مساحة المنطقة منزوعة السلاح التي تشمل أطراف إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة ويراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً، وتضمن الاتفاق مهلتين زمنيتين لإقامة المنطقة العازلة، إذ يتوجب على كافة الفصائل المسلحة سحب أسلحتها الثقيلة منها بحلول الأربعاء، كما يتعين على الفصائل المتطرفة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام إخلاء مواقعها في تلك المنطقة في مهلة أقصاها الخامس من الشهر الجاري، وبعد سحب الفصائل المعارضة سلاحها الثقيل بموجب الاتفاق الذي جنّب إدلب هجوماً واسعاً لوّحت به دمشق على مدى أسابيع يشكل انسحاب المجموعات المسلحة المهمة الأصعب التي من شأنها أن تحدد مدى نجاح الاتفاق.
الاتفاق ينهي انتشار الجماعات الإرهابية التي كانت على الدوام تخرق بشكل يومي منطقة خفض التصعيد وتعتدي على القرى والبلدات والأحياء الآمنة بريفي حلب وإدلب، وعلى نقاط الجيش العربي السوري ويضع اللمسات الأخيرة على انتصار سوريا وحلفائها وأن كلمة الفصل لتحرير إدلب هي للجيش العربي السوري وحلفائه، وأن سوريا مع روسيا خاضتا معارك أعقد من معارك إدلب وهي أسهل بكثير من معارك جبهة درعا والقنيطرة حيث المنطقة الخطرة واحتمالية الاشتباك وكيان الاحتلال الإسرائيلي وقاعدة التنف، ودمشق وموسكو تريدان الانتهاء من جيب إدلب، وأن ثمة الكثير من الضجيج من جانب الداعمين للتنظيمات الإرهابية للتعبير عن استيائهم حيال الانتصار السوري المتوقع على التنظيمات الإرهابية.
أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المطلعين على الملف السوري أوضح بقوله في هذا الشأن: "لا يمكن أن نشكل ثقلاً عسكرياً عبر أسلحة كلاشينكوف أو طائرات. لن نخوض غمار الحرب في إدلب، وسائلنا هي أولا الضغط السياسي ولن تعصى عليها إدلب وريفها، وما الزعيق الذي يطلقه مشغلو العناصر الإرهابية إلا هواء في شَبك لن يثمر عن تأجيل التحرير الذي بات قاب قوسين أو أدنى بعد أن اتخذت سوريا قرار التحرير الوشيك مع حذف أي احتمال لتعطيل العملية أيا كانت الأثمان".
وليس بعيداً أن تنطلق المعارك في جبهات أخرى لتغيير المعادلة على تخوم إدلب. وقد تكون هناك مفاجآت لوجستية عسكرية لا يتوقعها أحد في أعقاب انسحاب جبهة النصرة والفصائل المسلحة، وستكون آثارها إيجابية على معارك التصدي لخروقات الإرهابيين الحاصلة شمالاً. إذن ثمة اعتبارات توحي باقتراب وضع حد للتنظيمات الإرهابية وللتوغل التركي في الشمال السوري، وأن يحصد الروس ثمار استراتيجيتهم العسكرية، وأن أكثر أهالي المحافظة يؤيدون خيار القضاء على إرهابيي النصرة وتحرير المحافظة من الإرهاب وينتظرون بأي لحظة أن تعيد الدولة السورية إليها مؤسساتها الرسمية، لا سيما وأن المواطنين فيها تعرضوا إلى معاناة كبيرة في ظل وجود إرهابيي النصرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة