قرارات إغلاق مخيمات الإيواء تثير مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا
رجب طيب أردوغان قال إن بلاده تعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم كما أن تركيا لا يمكنها استقبال المزيد منهم
حالة من القلق والخوف تنتاب آلاف اللاجئين السوريين في تركيا بعد قرارات وتصريحات مسؤولين هناك عن تفكيك المخيمات المخصصة لهم بعد إغلاق مخيم "سليمان شاه" بمنطقة أكشا قلعة في ولاية أورفا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات أمام الكتلة البرلمانية المنتمية لحزبه الحاكم قبل أيام إن بلاده تعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم كما أن بلاده لا يمكنها استقبال المزيد منهم.
وجاءت تصريحات أردوغان بالتزامن مع قرارات إغلاق عدد من المخيمات يقطنها أكثر من 34 ألف لاجئ سوري جنوبي تركيا.
وقررت المديرية العامة للهجرة التركية الأسبوع الماضي إغلاق خمسة مخيمات للاجئين، ثلاثة منها تقع في نطاق ولاية عنتاب وهي مخيمات نيزيب وإصلاحية وقارقاميش ومخيمان يقعان في أديمان ومردين.
وحسب ما أكدته وسائل إعلام تركية فإن وزارة الداخلية أصدرت تعميما أواخر شهر أكتوبر الماضي يتضمن إغلاق مخيم آخر أكشاكلله الواقع ضمن نطاق ولاية أورفا.
وسيتم نقل اللاجئين القاطنين بالمخيم والبالغ عددهم 2122 شخصا إلى ولايات أخرى مع حصولهم على تعويض مادي في حال لم يختاروا البقاء في أورفا.
هل أجبرت تركيا اللاجئين في أورفا على المغادرة؟
وتداولت مصادر إعلامية تركية خلال الفترة الماضية معلومات تحدثت فيها عن توجيه الحكومة طلبا للاجئين بضرورة مغادرة المخيمات في أورفا على خلفية التوتر الذي شهدته الولاية بين شبان أتراك وسوريين.
واندلعت مواجهات في نهاية شهر سبتمبر الماضي بين سوريين وأتراك على خلفية مشاجرة قتل وأصيب فيها عدد من الأشخاص وحينها استغلت بعض الجهات ذلك وبدأت بالتحريض بهدف استمرار أعمال الشغب والتي تخللها تعدٍّ على محال ومنازل السوريين .
وبالتزامن مع حالة التوتر التي كانت تسود المدينة وهدأت بعد تدخل وجهاء عشائر واعتقال المحرضين تداولت وسائل إعلام خبرا حول نشر تعميم في مخيم "سليمان شاه – إقجه قلعة" يطالب قاطنيه بضرورة إخلائه ضمن مدة زمنية معينة.
وذكرت مصادر إعلامية تركية أن مخيم "سليمان شاه" والذي يضم 20 ألفا و 122 شخصا تم إخلاؤه، موضحة أن إدارة المخيم منحت السكان خيارين إما التوجه إلى مخيم "سروج" على أطراف ولاية أورفا والذي يحتوي على خدمات أفضل أو الانتقال للسكن في منازل ضمن الولايات التركية ماعدا "إسطنبول وغازي عنتاب وأنطاكيا وكيليس وهاتاي وماردين وشرناق" كونها تضم أعدادا كبيرة من السوريين.
بالمقابل يرى قاطنو المخيم أنه بالرغم من سوء حالته الخدمية إلا أن عملية النقل سيترتب عليها خسائر عدة وخاصة للذين افتتحوا أعمالا تجارية صغيرة بالقرب منه، كما أن التوجه للعيش ضمن منازل مأجورة لن يكون بالأمر السهل وخاصة للعائلات ذات الأفراد الكثيرة والدخل المحدود .
يشار إلى أن الحكومة التركية حولت ملف المخيمات في شهر مارس الماضي من مديرية الكوارث والحالات الطارئة "الآفاد" إلى إدارة الهجرة.
وبحسب الخبراء فإن هذه الخطوة أدت إلى تغيير النظرة إلى ملف المخيمات من كونها حالة طارئة تتبع لمؤسسة معنية بهذا الشأن إلى حالة مستقرة تديرها إدارة الهجرة وبدأت الحكومة بدمج عدة مخيمات، والآن سوف تنتقل إلى مرحلة أخرى بإلغاء المخيمات الثابتة (الكونتينر) وخفض المقيمين في المخيمات من 325 ألف لاجئ إلى 170 ألفا وتخير الخارجين من المخيم إما بالعودة إلى سوريا أو الاستقرار في المدن مع تبديل الكيميلك (بطاقة اللاجئ) وشملهم بكرت الهلال الأحمر ودفع حوافز مالية كما حصل في مخيم سليمان شاه لمن يستقر في المدن الداخلية".
ويوجد في تركيا 19 مركزا للإيواء يعيش فيها حوالي 291 ألف سوري وتشير الداخلية التركية إلى أن تقليص عدد مراكز الإيواء سيوفر حوالي 77 مليون ليرة تركية سنويا، وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن نحو 3.5 مليون لاجئ سوري موجودين في تركيا.
ورقة اللاجئين الرابحة لتركيا
وتسعى الحكومة التركية إلى اللعب على ورقة اللاجئين السوريين في ظل الأزمة الاقتصادية التركية التي تمر بها أنقرة في الفترة الحالية، وفي ظل الانخفاض المستمر في سعر الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.
وبعد طرد الحكومة التركية، لعدد كبير من اللاجئين السوريين خلال الفترة الماضية، أقدمت على غلق ملاجئ ثانية للاجئين السوريين، في محاولة لإجبار الدول الأوروبية على مساعدة أنقرة أو طرد اللاجئين ودفعهم نحو السفر إلى الدول الأوروبية.
ورقة انتخابية
قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات المحلية في تركيا (30 مارس/أذار 2019) تحول موضوع اللاجئين السوريين في تركيا إلى ورقة انتخابية برأي بعض المراقبين، وتحاول الحكومة التركية من خلال إثارة مسألة إعادتهم إلى بلادهم سحب البساط من تحت المعارضة الممثلة في حزب الشعب الجمهوري الذي يدعو إلى ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وبحسب المحللين السياسيين الأتراك فإن هذه الخطوة لا تعكس القناعة الأصلية لهذه الأحزاب، حيث "كانت الحركة القومية تردد نفس العداء للاجئين السوريين قبل دخولها في ائتلاف حكومي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، وغيرت خطابها عند وصولها إلى السلطة
في السياق ذاته تخطط أنقرة لتجنيس معظم السوريين المقيمين على أراضيها، وجنست الآلاف بالفعل حتى الآن، ومع سياسة تجنيس السوريين التي تسعى أنقرة للذهاب فيها بعيدا سيكون اللاجئ السوري في موقف صعب أمام سلطات بلاده بقوانينها الحالية التي تمنع الحصول على جنسية ثانية، وحصوله على الجنسية التركية سيعرضه للحرمان من جنسيته الأصلية، إلا أنه يبقى من الصعب جدا تفعيل هذا القانون على أرض الواقع.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز