تركي آل الشيخ.. وزير ثار من أجل الرياضة السعودية والعربية
تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للرياضة بالسعودية، بات حديث الرأي العام في العالم العربي منذ تعيينه في سبتمبر 2017.. فما السبب؟
في 6 سبتمبر الماضي أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، أمراً ملكياً بتعيين تركي آل الشيخ رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في المملكة العربية السعودية، خلفاً لمحمد آل الشيخ، بهدف تطوير الرياضة السعودية، لكن بعد نحو 4 أشهر من توليه المنصب بات الرجل يستحق لقب وزير الرياضة العربية بعد الجهود التي بذلها في خدمة ودعم كل الرياضة العربية وحل مشاكلها.
تركي آل الشيخ يتعجب من ضعف إقبال جماهير الأهلي على حملة "ادعم ناديك"
وقبل تعيينه في منصبه الجديد، ارتبط اسم تركي آل الشيخ بنادي التعاون الذي دعمه مالياً، وبذل الكثير من الجهود من أجل تطويره حتى تأهل لأول مرة في تاريخه إلى دوري أبطال آسيا، بعد احتلاله المركز الرابع في ترتيب دوري المحترفين السعودي، حيث نجحت إدارة النادي بدعم منه في التعاقد مع مجموعة من اللاعبين الأجانب أصحاب الإمكانيات العالية، بالإضافة للمدرب البرتغالي جوزيه جوميز.
الوزير الشاعر
يعمل آل الشيخ مستشاراً بالديوان الملكي بالمملكة العربية السعودية بمرتبة وزير، وبعيداً عن عمله السياسي، وبالطبع الرياضي، فإنه اشتهر أيضاً بكتابة الأغاني لعدد من أفضل وأنجح الأصوات الطربية العربية، وكانت أشهر أغانيه "علم قطر" بأداء جوقة من أشهر مطربي الخليج، ومنهم محمد عبده، وماجد المهندس، ووليد الشامي، ورابح صقر، وعبدالمجيد عبدالله، وهي الأغنية التي حققت نجاحاً كبيراً في الخليج بشكل عام والمملكة بوجه خاص، لاسيما وأنها جاءت للرد على السياسات القطرية الداعمة للإرهاب.
إجراء تغييرات جذرية على شكل ومسميات البطولات السعودية
أصدر آل الشيخ في 19 سبتمبر 2017 مجموعة قرارات ثورية وتاريخية فاجأت جميع العاملين في مجال كرة القدم السعودية، وشملت تلك القرارات إلغاء مسمى دوري جميل للمحترفين وتحويله إلى الدوري السعودي للمحترفين.
وسميت بطولة الدوري السعودي منذ استحداث نظام الاحتراف في موسم 2008-2009 باسم دوري المحترفين، قبل أن تتجه بداية من موسم 2009 - 2010 وحتى ما قبل 19 سبتمبر 2017 لحمل أسماء الشركات الراعية ما بين "زين" ثم "عبداللطيف جميل" وأخيراً "جميل".
كما ألغى آل الشيخ "كأس ولي العهد" التي كانت بمثابة كأس محلية ثانية، وحولها لكأس السوبر التي تجمع بين بطلي الدوري وكأس خادم الحرمين الشريفين.
وفي الإطار ذاته، تحول اسم دوري القسم الأول لدوري الأمير فيصل بن فهد بدلاً من دوري "ركاء".
وعلى الصعيد المالي، تم رفع مكافآت كأس الملك إلى ١٠ ملايين ريال للمركز الأول و٥ ملايين ريال للمركز الثاني كنوع من أنواع التحفيز المالي.
لم تتوقف قرارات التاسع عشر من سبتمبر عند هذا الحد، بل وجّه آل الشيخ بتشكيل لجنة لوضع حلول لأزمة تراكم مكافآت الحكام.
حملة الإصلاح ومحاربة الفساد
تعتبر حملة محاربة الفساد التي قام بها آل الشيخ هي الحلقة الأهم في عمل المسؤول الرياضي السعودي، وكان من أبرز النقاط التي اهتم بها:
- أصدر توجيهاً بأن تعقد جمعيات عمومية استثنائية لأندية الدرجة الممتازة، على أن ترفع التقارير المالية المعتمدة خلال 30 يوماً من تاريخ القرار، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
- أحال ملف المخالفات المالية والتجاوزات الخاصة بنادي الاتحاد لهيئة الرقابة والتحقيق، وشدد على أن الهدف هو تحديد المسؤولية؛ من أجل مساءلة المتجاوزين وفقاً للقانون، خاصة أن ذلك يدعم الحفاظ على سمعة أندية المملكة.
وارتبط اسم الأندية السعودية خلال السنوات الأخيرة الماضية بالكثير جداً من القضايا المتعلقة بعدم حصول لاعبين ومدربين على مستحقاتهم المتأخرة.
- إحالة نتائج بعض ملفات القضايا العالقة للتحقيق، بينها قضية انتقال الحارس محمد العويس، حارس الأهلي القادم من الشباب، وقضايا أنمار الحائلي الرئيس السابق لنادي الاتحاد، وعبد العزيز التويجري الرئيس السابق لنادي الرائد، ومحمد سعد بخيت وسلمان القريني، إلى اتحاد كرة القدم؛ لاتخاذ ما يلزم، ولا تزال قضية الفساد في نادي الاتحاد، والهدر المالي، وقضية عبد الله البرقان، قيد التحقيقات.
وكانت تلك القضايا أثارت الكثير من الجدل في الشارع الرياضي السعودي، فصفقة انتقال العويس إلى أهلي جدة أثارت جدلا كبيرا؛ بسبب اتهامات الشباب للأهلي باستخدام أساليب غير قانونية لإغراء الحارس بعدم التجديد والانتقال إلى صفوفه، ليتم تحويل الملف برمته إلى هيئة الرقابة والتحقيق.
وفي سياق متصل، فإن أنمار الحائلي الرئيس السابق لاتحاد جدة وعبدالعزيز التويجري الرئيس السابق للرائد، قد تم تحويلهما للجنة الانضباط باتحاد الكرة السعودي، بالإضافة لتولي النيابة العامة الشق الجنائي في إدانتهما، بسبب اعتراف الأول بالتزوير في عقود اللاعبين، واتهام الثاني بالتلاعب والتزوير في توقيع مخالصة مالية مع اللاعب سلطان السوادي، بينما تتعلق قضية سعد بخيت بالمخالفات المالية وقضية سلمان القريني، الأمين العام السابق لنادي النصر، بمخالفة مخاطبته الفيفا رسمياً دون الرجوع للمرجعيات المحلية.
- إحالة مكتب النعيم ومكتب التنمية ومكتب العربي للاستشارات الهندسية، للتحقيق؛ لوجود قصور في تنفيذ أعمالهم، وبناء عليه تقرر البدء في اتخاذ الإجراءات النظامية لسحب المشاريع منهم.
- حل مجلس إدارة نادي النصر برئاسة الأمير فيصل بن تركي؛ بسبب ثبوت علمه بالمخالفات التي قام بها سلمان القريني، عضو مجلس الإدارة السابق والأمين العام السابق للنادي، وتعيين رجل الأعمال سلمان المالك بدلاً منه.
الاستعانة بالخبرات الأجنبية لتطوير الكرة السعودية
قام آل الشيخ بإبرام العديد من الاتفاقيات التي تهدف لرفع مستوى الرياضة السعودية في مختلف المجالات والألعاب، من خلال نقل خبرات الدول المتقدمة في تلك الألعاب، وأبرزها كرة القدم.. ومن بين تلك الاتفاقيات:
- التعاقد مع أوليفر كان، حارس مرمى منتخب ألمانيا وفريق بايرن ميونيخ السابق وأفضل لاعبي كأس العالم 2002، من أجل تولي مهمة الإشراف على أكاديمية متخصصة في حراسة المرمى؛ لتطوير مستوى الحراس السعوديين.
وجاء إنشاء تلك الأكاديمية في ظل ما يسمى بأزمة حراسة المرمى التي تعاني منها الكرة السعودية، والتي أدت إلى فتح الباب للتعاقد مجدداً مع حراس مرمى أجانب في 2017، بعد 25 عاماً من الاعتماد على الحراس المحليين.
- توقيع الاتحاد السعودي لكرة القدم اتفاقية مع الاتحاد البرتغالي لتطوير الأداء الإداري والفني والاستثماري في منظومة الكرة السعودية، علماً بأن الاتفاقية تضمنت برنامجا يشرف عليه المدير الفني العالمي جوزيه مورينيو (مدرب مانشستر يونايتد الحالي وتشيلسي وريال مدريد وإنتر ميلان وبورتو السابق)، يهدف لتطوير أداء مدربي كرة القدم السعوديين بواقع 5 مدربين سنوياً، ويقام هذا البرنامج في لشبونة.
- توقيع مذكرة تفاهم مع مانشستر يونايتد الإنجليزي، تهدف إلى تطوير كرة القدم السعودية عن طريق الاستفادة من خبرات مهد كرة القدم في اللعبة، وذلك من خلال إنشاء عدة أكاديميات في المملكة لرعاية المواهب وتطويرها وفقاً لأحدث مفاهيم الاحتراف والأسس العلمية؛ لإعداد جيل من اللاعبين قادر على الاحتراف في أكبر دوريات العالم.
- الإعلان عن حزمة من البرامج النوعية تتضمن استضافة العديد من النهائيات العالمية للعديد من الألعاب.
- توقيع اتفاقية مع رابطة الدوري الإسباني "لا ليجا" لرعاية وتسويق أكاديميتين في الرياض وجدة، تكون مهمتهما إعداد لاعبين سعوديين قادرين على خوض تجارب احترافية في أندية الليجا.
- استضافة نهائي السوبر العالمي على كأس محمد علي كلاي للملاكمة.
- إبرام 3 اتفاقيات لاستضافة بطولات عالمية في الشطرنج وسباق السيارات وسباق الدرون.
ـ فتح الباب للرياضات الأوليمبية وتطويرها، عبر إطلاق 16 اتحاداً رياضياً مختلفاً، تشمل مجموعة من الألعاب الرياضية الأوليمبية، وذلك لتطويرها وزيادة الممارسين لها، ضمن سياسة الهيئة العامة للرياضة، واللجنة الأوليمبية.. أما هذه الألعاب فهي فنون القتال المتنوع والغوص والكروست فيت والسباق الثلاثي وكرة القدم الأمريكية واللاكروس والكانو والتجديف والتسلق والركبي وكرة القاعدة وألعاب الهوكي والبولو والجوجيستو والملاحة الشراعية.. علماً بأنه ليست كل الرياضات الـ16 رياضات أوليمبية مثل كرة القدم الأمريكية، لكنها كانت أوليمبية لفترة، وتحديداً في أوليمبياد 1932 فقط، التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية.
دعم العرب رياضيّاً
ظهر دعم آل الشيخ للرياضة العربية، وليست السعودية فقط، من خلال عدة مواقف ثابتة وواضحة، نلقي الضوء عليها من خلال الآتي:
- المساهمة في رفع الحظر الدولي عن كرة القدم الكويتية، مما أسهم في استضافتها لبطولة خليجي 23 لكرة القدم المقامة حالياً في الأراضي الكويتية بعد نقلها من قطر، وهو ما أقره أسد تقي، نائب رئيس الاتحاد الآسيوي، بمجرد الإعلان عن قرار رفع الإيقاف.
- توقيع المدير الفني البوليفي خوليو سيزار عقدا لتولي تدريب منتخب فلسطين الأول لكرة القدم، خلال المرحلة المقبلة، برعاية تركي آل الشيخ.
ـ الإعلان عقب انتخاب محمود الخطيب رئيساً للنادي الأهلي المصري، عن وعود بجلب مستثمرين لنادي القرن بالقارة الأفريقية خلال السنوات المقبلة، والإعلان لاحقاً عن القيام بذلك فعلياً، بصفته رئيسا للاتحاد العربي لكرة القدم، ما يجعله حريصا على تنمية كل الأندية العربية، لينصبه الأهلي المصري رئيسا شريفا له.
- التوجيه بأن يلعب منتخب السعودية لقاء وديا مع العراق في الربع الأول من 2018؛ من أجل دعم رفع الحظر عن الملاعب العراقية.
صفحة جديدة مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم
أعلن تركي آل الشيخ، في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الماضي، أنه التقى سلمان آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في العاصمة الرياض، مؤكداً فتح صفحة جديدة ومرحلة من التعاون بين السعودية والاتحاد الآسيوي.
أما سبب جلسة الصلح التي حدثت فكان الموقف الصارم لآل الشيخ ضد سياسات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وتصريحات ضد رئيسه الشيخ سلمان آل خليفة، والمجلس الأوليمبي الآسيوي ممثلاً بالشيخ أحمد فهد، مؤكداً ضرورة وقوفهما عند حدهما، في إشارة إلى مواقف تعرضت لها الرياضة السعودية في الآونة الأخيرة من الهيئتين.
وأوضح آل الشيخ في ذلك الوقت أن الهجوم على مسؤول رياضي مثل آل خليفة أو الفهد لا يعني بالمرة الهجوم على البحرين أو الكويت.
دعم الأندية السعودية ماليّاً
عانت الأندية السعودية، على مدار السنوات الماضية، من أزمات مالية كثيرة تتعلق بالتأخر في سداد مستحقات اللاعبين والمدربين، ومن ثم تعرضت الأندية لعقوبات صارمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وصلت في بعض الأحيان لخصم نقاط من رصيد ناد مثل الاتحاد في الموسم الماضي لدوري المحترفين.
وقرر آل الشيخ الشهر الماضي إطلاق مبادرة "ادعم ناديك" التي تهدف إلى أن تقوم الجماهير نفسها بدعم أنديتها مالياً من خلال إرسال رسائل نصية عبر الهواتف النقالة، مع قيام هيئة الرياضة السعودية بالإشراف بنفسها على هذا الملف، سواء من ناحية الأموال المتلقاة أو كيفية إنفاقها من أجل حل أزمات الأندية.
وبالنسبة لآل الشيخ، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه طالب الجماهير بضرورة تقديم أكبر دعم ممكن لأنديتها، حيث طالب جمهور الأهلي بدعم ناديه لا سيما أن الهيئة دعمته مالياً، وذلك بسبب كثرة الديون على النادي والمتعلقة بعدة قضايا، أبرزها كما ذكرنا قضية الحارس محمد العويس.
لمسات إنسانية
وجه آل الشيخ الدعوة لمنتخبات مصر وتونس والمغرب والسنغال بالحضور للمملكة لأداء مناسك العمرة، عقب نجاحها في التأهل لكأس العالم 2018 التي ستقام في روسيا.
كما تم الكشف عن قيام الهيئة العامة للرياضة بتولي إجراء عمليات جراحية للاعبين علي الزبيدي لاعب أهلي جدة، ونواف العابد لاعب الهلال، وعوض خميس لاعب النصر، وعوض خريص لاعب الاتحاد.
وعانى الرباعي من إصابات متعددة بين الرباط الصليبي للركبة، وإصابات في الفخذ، وقطْع في الغضروف، علماً بأن الرباعي من العناصر الأساسية للمنتخب السعودي.
ولا تزال جهود آل الشيخ مستمرة في دعم الرياضة السعودية خاصة، والعربية عامة، من خلال عمله الدؤوب وسعيه الذي لا يكل ولا يمل؛ من أجل تطوير الرياضة العربية، وجعلها منافسا قويا وواجهة مشرفة في المحافل الدولية.
أبرز مكاسب 2017
ما فعله تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للرياضة، في الفترة القصيرة التي تولى فيها المهمة، جعل البعض يصنفه بأنه "أبرز مكاسب 2017"، وهو ما أكده فؤاد أنور، نجم الكرة السعودية السابق، في حوار حصري مع "بوابة العين الرياضية"، ملخصا ما قام به من جهود في الفترة الأخيرة.