القضاء التركي يصادق على سجن مسؤولين كشفوا فساد أردوغان
جرت تحقيقات الفساد هذه خلال الفترة 17-25 ديسمبر 2013، وكان حينها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيسا للوزراء
صادقت محكمة الاستئناف التركية بمدينة إسطنبول، الخميس، على أحكام السجن الصادرة بحق 66 متهما بينهم مدراء أمن سابقون، كشفوا النقاب عن فساد الرئيس رجب طيب أردوغان، ضمن تحقيقات فضائح فساد ضربت البلاد عام 2013.
جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "صباح" التركية الحكومية، والذي ذكر أن المحكمة أصدرت حكمها النهائي بشأن القضية، التي يعتبر رجل الدين فتح الله غولن، أحد المتهمين الرئيسيين بها,
وجرت تحقيقات الفساد هذه خلال الفترة 17-25 ديسمبر 2013، وحينها كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيسًا للوزراء.
وخلال حملة 2013، ضد الفساد والرشوة والاحتيال وغسل الأموال وتهريب الذهب، اعتقلت الشرطة التركية أبناء وزراء وعشرات آخرين بينهم سليمان أصلان مدير بنك "خلق" (المملوك للدولة التركية)، ورجل الأعمال الإيراني رضا ضراب.
وفي أعقاب تلك الاعتقالات، أطاح أردوغان بعدد من المدعين العموم في القضية، فضلا عن قيامه بحركة تنقلات في صفوف ضباط الشرطة، بزعم سعيهم لمساعدة خصومه السياسيين (في إشارة لغولن".
وأسفرت إجراءات أردوغان القمعية حينها عن إسقاط التحقيق في القضية، وعدم تنفيذ أمر المدعي العام التركي باعتقال نجله بلال.
وكانت محكمة الجنايات الـ14 بمدينة إسطنبول، قد أصدرت في 18 مارس/آذار 2019 أحكامًا مختلفة بحق 67 متهمًا كانت تتم محاكمتهم بالقضية، تضمنت السجن المؤبد المشدد بحق 15 متهمًا إثر إدانتهم بـ"السعي لقلب نظام الحكم".
وأصدرت المحكمة المذكورة حينها أيضًا حكمًا بالسجن لمدة 41 عامًا و6 أشهر بحق 5 متهمين آخرين؛ إثر إدانتهم بتهمة "انتهاك سرية الاتصال وانتهاك الحياة الخاصة".
وأصدرت أحكامًا تتراوح بين عامين و6 أشهر و10 أعوام و6 أشهر بحق 22 متهمًا، إثر إدانتهم بـ"الانتماء لتنظيم إرهابي مسلح" في إشارة لجماعة غولن التي تدرجها أنقرة على قوائم الإرهاب، فيما برأت محكمة الجنايات كذلك 24 متهمًا من كافة التهم المنسوبة إليهم.
وتم استبعاد أسماء غولن و6 متهمين آخرين من القضية لكونهم هاربين خارج الديار، ومن ثم لم تصدر بحقهم أية أحكام.
وفيما بعد، طعن المتهمون على تلك الأحكام أمام محكمة الاستئناف التركية التي صادقت، اليوم الخميس، عليها، وقالت في حيثيات حكمها إنها "تتفق مع الإجراءات المعمول بها والقوانين".
وفي صباح 17 ديسمبر 2013، أمر المدعيان العامان التركيان جلال كارا ومحمد يوزكيتش، بتنسيق من المدعي العام الشهير زكريا أوز، الذي سبق أن أشرف على قضية تنظيم “أرغنكون”، بإطلاق عملية كبيرة أصابت الجميع بالصدمة.
وأسفرت العملية عن احتجاز 89 شخصًا، بينهم باريش غولر، ابن وزير داخلية تركيا في تلك الفترة معمر غولر؛ وصالح كاغان تشاغلايان، ابن وزير الاقتصاد التركي وقتها ظفر تشاغلايان؛ وعبد الله أوغوز بايركتار، ابن وزير البيئة والتخطيط العمراني أردوغان بايركتار؛ والمدير العام لبنك “خلق” الرسمي سليمان أصلان.
وتم كذلك احتجاز اثنين من مشاهير عالم الأعمال وهما: علي آغا أوغلو والإيراني رضا ضراب، وعمدة بلدية “فاتح” في إسطنبول مصطفى دمير، وذلك بتهمة “الرشوة، وإساءة استخدام السلطة، والاختلاس في المناقصات العامة، والتهريب وتبييض الأموال".
ثم أصدرت المحكمة، بعد النظر في الأدلة، قرارًا باعتقال 26 شخصًا من المتهمين، بينهم أبناء الوزراء الثلاثة، ومدير بنك “خلق” سليمان أصلان، ورضا ضراب؛ في حين أن المحكمة قضت بإخلاء سبيل ابن وزير التخطيط العمراني بايركتار، ورجل الأعمال آغا أوغلو، وعمدة بلدية فاتح، قيد المحاكمة.
اعتبر رئيس الوزراء في ذلك الوقت أردوغان قضية الفساد والرشوة "عملية سياسية" تستهدف الإضرار بحكومته والاقتصاد التركي، بل وصفها بـ”محاولة انقلاب” يقف وراءها ما أسماه “الكيان الموازي”، قاصدًا به حركة غولن.
وبعد يوم واحد من تحقيقات الفساد أي في 18 ديسمبر 2013، بادرت السلطات التركية بعزل 5 من مدراء الأمن، بمن فيهم المشرفون على التحقيقات، ثم عزل مدير أمن إسطنبول حسين تشابكين وتعيينه حاكمًا مركزيًّا في 19 ديسمبر 2013.
ومن اللافت أن حكومة أردوغان أصدرت في 21 ديسمبر 2013 مرسومًا يقضي بضرورة إبلاغ الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، التحقيقاتِ والعملياتِ التي يقودونها، إلى كبار المسؤولين الإداريين (الحكوميين) في منطقتهم.
المرسوم اعتبره مجلس القضاء الأعلى التركي، في بيان مكتوب، مخالفًا لمواد الدستور وقانون العقوبات، بالإضافة إلى مخالفته لمبادئ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، واستقلالية القضاء، وسيادة القانون، الضرورية التي لا يمكن أن تتخلى عنها أي دولة ديمقراطية في العالم، وأكد أن القضاء المستقل ضمان المرؤوسين ضد الرؤساء.