"عدالة أردوغان".. السجن للصحفيين والرأفة لإرهابيي داعش
حكم بالسجن المؤبد على ثلاثة صحفيين أتراك معارضين متهمين "بمحاولة قلب النظام الدستوري" بسبب "تورطهم المزعوم في محاولة الانقلاب 2016"
قضيتان حديثتان في تركيا تكشفان المعايير المزدوجة المقلقة لأنقرة عندما يتعلق الأمر بمفهوم العدالة.
في فبراير/شباط، حكم بالسجن المؤبد على ثلاثة صحفيين أتراك معارضين متهمين "بمحاولة قلب النظام الدستوري" بسبب "تورطهم المزعوم في محاولة الانقلاب 2016".
وفي مارس/آذار، أصدرت محكمة كلس الجنائية حكمًا مخففًا على نيل كريستوفر براكاش- الإرهابي الداعشي الأسترالي الذي ألقي القبض عليه عام 2016 أثناء عبوره الحدود إلى تركيا من سوريا.
وقالت أوزاي بولوت، الصحفية التركية والباحثة بمعهد جيتستون الأمريكي للدراسات، إن براكاش يعتبر أكثر "أعضاء داعش المطلوبين" في أستراليا، ووجد مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) صلة بين وبين مؤامرة فاشلة لهجوم على تمثال الحرية في نيويورك.
خلال واحد من كثير من مقاطع الفيديو الدعائية لداعش الخاصة به، تحدث براكاش عن رحلة تحوله للإسلام بعد رحلة إلى كمبوديا، فضلًا عن سفره إلى سوريا للانضمام لخلافة داعش المزعومة عام 2013.
عام 2015، أصدرت الحكومة الأسترالية أمر بإلقاء القبض على براكاش بسبب انتماءه لمنظمة إرهابية ولتورطه في مؤامرة فاشلة لقطع رأس ضابط شرطة في يوم أنزاك الوطني.
خلال جلسة الاستماع له في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بمحكمة كلس الجنائية عبر مكالمة فيديو من سجنه في مدينة غازي عنتاب، الذي كان مسجونًا فيه منذ 2016، قال براكاش للقضاة إنه نادم على انضمامه لتنظيم داعش، ويريد محاكمته في تركيا وعدم العودة لأستراليا.
وفي يوليو/تموز 2018، رفضت تركيا طلب أستراليا بتسليم براكاش، المصنف إرهابيا من قبل واشنطن والأمم المتحدة، والمعروف باسم أبو خالد الكمبودي. وبعد بضعة أشهر، أعلنت الحكومة الأسترالية تجريده من الجنسية.
ورغم أن القانون الجنائي التركي ينص على الحكم بالسجن لمدة تصل 15 عامًا لتهمة العضوية في منظمة إرهابية، حكم القضاة على براكاش بالسجن 7 سنوات ونصف، استنادًا إلى بند يتيح الحكم المخفف، مثل "خلفيته وعلاقاته الاجتماعية وسلوك المتهم بعد ارتكابه الجريمة وخلال محاكمته والآثار المحتملة للعقوبة على مستقبل المتهم."
وإن صادقت محكمة الاستئناف التركية على عقوبة براكاش، سيكون مؤهلًا للحصول على إطلاق سراح مبكر خلال عامين ونصف، مما يعني إطلاق سراحه عام 2021.
وعلى النقيض، لازال الوضع غامضًا بالنسبة للصحفيين المعارضين لنظام أردوغان – أحمد ألتان ومحمد ألتان ونازلي إيليجاك – إن لم يكن ميؤوس منه، رغم جهود محاميهم وتنديدات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والأمم المتحدة.
وقال هارلم دزير ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المعني بحرية وسائل الإعلام، ردَا على محنة الصحفيين، إن "جسامة هذه العقوبات، وحقيقة أن المحكمة فشلت في تنفيذ قرارات الدستور ذات الصلة الملزمة، يثير أيضًا أسئلة جوهرية حول قدرة القضاء (التركي) للحفاظ على الحق في حرية التعبير الذي يكفله الدستور."