تويتر.. "عصفور مزعج" في غابة السياسة
شركة تويتر حذفت عشرات الآلاف من الحسابات، خاصة التي ربطتها بعمليات الدعاية في عدة دول أبرزها تركيا وروسيا
فتحت شركة تويتر الباب على مصراعيه أمام حالة من الجدل في عددٍ من دول العالم بعد تعطيلها آلاف الحسابات التي وصفتها بـ"المزيفة"، غير آبهة بتهديدات حكوماتها بردود قاسية.
وحذفت شركة تويتر، الخميس، عشرات الآلاف من الحسابات، خاصة التي ربطتها بعمليات الدعاية في عدة دول أبرزها تركيا وروسيا.
وبحسب الشركة العالمية فإن ما مجموعه 32 ألفا و242 حسابًا تم حذفها بسبب انتهاكات لسياسات التلاعب بالمنصة. فيما تم حذف حسابات مريبة لمستخدمين نسبها تويتر إلى مصالح حكومية روسية وتركية.
ومنذ أواخر مايو/أيار الماضي تدور معارك إلكترونية ضارية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتويتر على خلفية تغريدتين اعتبرهما "مضللتين".
حرب تويتر- ترامب
يوم الثلاثاء 26 مايو/أيار الماضي، أضاف تويتر إلى تغريدتين نشرهما ترامب عبارة "تحقّقوا من الوقائع"، في سابقة من نوعها أراد منها الموقع تحذير روّاده من احتمال أن يكون الرئيس الأمريكي بصدد تضليلهم بقوله إنّ التصويت عبر المراسلة ينطوي حتماً على "تزوير".
حينها، قال متحدّث باسم "تويتر" في معرض تبريره سبب إقدام الموقع على وسم هاتين التغريدتين بهذا التحذير إنّهما تضمّان معلومات قد تكون مضلّلة بشأن عملية التصويت، وقد تمّ وسمهما لتوفير سياق إضافي حول بطاقات الاقتراع بالبريد.
لكن رد الرئيس الأمريكي جاء بعدها بيومين بتأكيده أنه سيقدم تشريعًا قد يلغي أو يُضعف قانونًا يحمي شركات الإنترنت منذ فترة طويلة، بما في ذلك منصتا تويتر Twitter وفيسبوك Facebook.
بعدها، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا بعد مهاجمة موقع تويتر Twitter لما فعله الأخير من إضافة رابط تحذيري لمراجعة الحقائق إلى بعض تغريدات ترامب لأول مرة، وهو ما اعتبره ترامب كبتا للحرية وتضييقا على المحافظين.
وتحدث الرئيس الأمريكي عن أنه قد تتم إزالة أو تغيير قانون معروف باعتباره القسم 230 من خلال التشريع والذي يمنح شركات وسائل التواصل الاجتماعي حصانة قانونية تحميها من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون.
ترميم صورة أردوغان
وفي تركيا توجد 7 آلاف و340 حسابا على تويتر تنتهك سياسات التلاعب بالمنصة، ما دفع الشركة لحذفها أيضا؛ حيث تستخدمها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان ضمن حملة دعاية مركزة تستهدف الرأي العام المحلي.
ووفق تحاليل المؤشرات الفنية وسلوكيات الحسابات فإنه تم استغلال تلك الحسابات للدعاية لصالح أردوغان وتحسين صورته لدى الجماهير التركية، إضافة إلى الدعاية لسياسات حزب العدالة والتنمية (الحاكم).
وقد رصدت تويتر حسابات مخترقة مرتبطة بمنظمات تنتقد أردوغان وأداء الحكومة التركية، حيث كانت أهدافا متكررة لعمليات قرصنة من جانب جهات رسمية.
وتشهد شعبية أردوغان والحزب الحاكم تراجعا كبيرا جراء أزمة فيروس كورونا وتداعياتها على البلاد وكذلك استمرار تدهور الاقتصاد التركي.
ولعل هذا ما دفع مدير وحدة الاتصالات بالرئاسة التركية، الجمعة، للزعم بأن تقديرات شركة تويتر "غير حقيقية"، وأن بلاده لن تتسامح مع هذا الإجراء.
ورغم استخدام أردوغان لتويتر منذ سنوات فإن الإجراء الأخير دفعه "ألتون" لاتهام الموقع بأنه "آلة دعائية" تروج "لأجندة سوداء من جانب كيانات معادية لتركيا"، من بينها جماعات إرهابية، على حد قوله.
إجراء استباقي روسي
أما موسكو والتي شملتها إجراءات حذف الحسابات من تويتر، فقد اتخذت خطوة استباقية ضد قرار الموقع الأمريكي، وتحديدًا مطلع يونيو/حزيران الجاري؛ حيث فرضت محكمة روسية غرامات مالية قدرها 4 ملايين روبل (نحو 58 ألف دولار) على شركتي فيسبوك وتويتر.
ورغم عدم إعلان السلطات الروسية عن السبب المباشر لتلك العقوبة، فإن حكما سابقا صدر عن محكمة "تاغانسكي" بموسكو في فبراير/شباط الماضي، غرم "تويتر" 4 ملايين روبل، بعد أن ارتأى أنها خالفت قوانين حماية حقوق المستخدم في روسيا.
وأدانت المحكمة الروسية "تويتر" بتخزين بيانات المستخدمين الروس في خوادم خارج أراضيها، لكن الشركة العالمية حاولت تقديم شكوى للطعن بالحكم وقوبل طلبها بالرفض.
تحرك فرنسي مفاجئ
على النقيض تماماً، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالا هاتفيا الأسبوع الماضي مع المدير التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة جاك دروسي، ليؤكد له من جديد دعمه لتويتر، بحسب ما ذكره مساعد الرئيس.
ووفقاً لوكالة بلومبرج، الجمعة، فإن اتصال (ماكرون- دروسي) جاء في أعقاب الخلاف بين شركة تويتر والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقد مازح ماكرون المدير التنفيذي لتويتر بأنه سيكون مرحبا بالشركة للانتقال إلى فرنسا. وتتخذ الشركة من سان فرانسيسكو الأمريكية مقرا لها.
لكن متحدثا باسم تويتر رفض التعليق. وكان أول من تحدث عن الدعوة صحيفة لو كانار أنشينيه الفرنسية الأسبوعية.
وتشير إحدى الإحصائيات المرتبطة بموقع تويتر إلى وجود أكثر من 330 مليون مستخدم للموقع حول العالم فيما تتصدر الولايات المتحدة القائمة الدولية بـ48 مليوناً.