العلاقة بين الكوريتين.. "فك الارتباط" يحطم عاما من آمال الوحدة
البداية كانت مع انطلاق أولمبياد الألعاب الشتوية في كوريا الجنوبية الذي شهد مشاركة نحو 500 رياضي من كوريا الشمالية
على مدار أكثر من عام شهدت العلاقات بين الكوريتين الكثير من الزخم، في ظل تصارع لوتيرة الأحداث بين بيونج يانج وسيؤول، ما أدى لتضاعف الآمال في انفراجة للأزمة بين الجارتين، بعد صراع استمر أكثر من 50 عاما.
- الكوريتان تبدآن حظر الطيران والتدريبات العسكرية قرب الحدود بينهما
- الكوريتان تعيدان فتح طرق وخطوط سكك حديدية بينهما
البداية كانت مع انطلاق أولمبياد الألعاب الشتوية بكوريا الجنوبية في 9 فبراير/ شباط 2018، عبر مشاركة نحو 500 رياضي من كوريا الشمالية، كأكبر وفد يزور الجارة الجنوبية منذ أكثر من 65 عاما.
وفي اليوم التالي لانطلاق الأولمبياد استقبل الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه-إن شقيقة نظيره الشمالي كيم جونج أون على أمل ترجمة الانفراجة الأولمبية إلى تقدم ذي معنى تجاه حل الأزمة المتعلقة ببرامج بيونج يانج النووية والصاروخية.
وأقام مون مأدبة غداء لشقيقة الزعيم الكوري الشمالي الصغرى كيم يو جونج، في القصر الأزرق، وهو قصر الرئاسة في سيؤول.
وفي 25 فبراير/شباط، أعلنت سيؤول أن وفداً كورياً شمالياً رفيع المستوى وصل لحضور الحفل الختامي للأولمبياد الشتوي في بيونج تشانج.
وفي الثاني من مارس/آذار ردت كوريا الجنوبية بإرسال سوه هون رئيس جهاز المخابرات، وتشونج يوي يونج رئيس مكتب الأمن الوطني، على رأس وفد إلى الجارة الشمالية.
من جانبه، وعد زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في 9 مارس/آذار بعدم إيقاظ نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-إن من النوم بعد الآن على إنذارات متعلقة بإطلاق صواريخ.
ووافقت بيونج يانج في 24 مارس/آذار على عقد محادثات رفيعة المستوى مع كوريا الجنوبية، لمناقشة المسائل اللوجستية تمهيدا لعقد قمة نادرة بين الدولتين.
وأكدت وزارة الوحدة أن كلا من الكوريتين سترسل وفدا يضم 3 أعضاء إلى قرية "بانمونجوم" الحدودية، لإجراء محادثات تهدف إلى تمهيد الطريق لعقد قمة مشتركة في أواخر أبريل/نيسان.
قمة تاريخية تزيد الآمال
وتصاعدت الآمال والطموحات بتحقيق السلام بين الكوريتين عندما أعلنت كوريا الشمالية في 21 أبريل/ نيسان استعدادها لإجراء حوار مع المجتمع الدولي لإحلال السلام وتحقيق النمو الاقتصادي.
وقال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون إن بلاده لم تعد بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات، لأنها استكملت التسليح النووي، وإنه سيتم هدم موقع للتجارب النووية في شمال البلاد.
وردت كوريا الجنوبية بوقف بث الدعاية على الحدود مع جارتها الشمالية في 24 أبريل، لتهيئة مناخ سلمي لأول قمة بين البلدين منذ 10 سنوات.
وفي 27 أبريل/نيسان عقدت القمة التاريخية بين زعيمي البلدين في قرية "بانمونجوم" الواقعة داخل الأراضي الكورية الجنوبية.
ووقّع رئيسا الكوريتين إعلانا يتضمن الموافقة على العمل من أجل "نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية".
وأعلن مون وكيم أنهما سيعملان على التوصل إلى اتفاق لتحقيق سلام "دائم" و"راسخ" في شبه الجزيرة.
كما شمل الإعلان تعهدات بالحد من التسلح ووقف "الأعمال العدائية" وتحويل الحدود المحصنة بين البلدين إلى "منطقة سلام" والسعي من أجل إجراء محادثات متعددة الأطراف مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة.
كما اتفق الزعيمان على عقد المحادثات الثلاثية بين الكوريتين والولايات المتحدة الأمريكية أو المحادثات الرباعية بين الكوريتين والولايات المتحدة والصين للإعلان عن إنهاء الحرب في 2018 الذي يصادف مرور 65 عاما على عقد اتفاقية الهدنة وبناء نظام السلام المستدام والمتين.
حصاد القمة
وفي 4 مايو/أيار طلبت كوريا الشمالية من المنظمة الدولية للطيران المدني "إيكاو"، السماح لها بفتح ممر جوي إلى جارتها الجنوبية.
وذكرت "إيكاو" أنها حولت المقترح إلى سلطة الطيران المدني الكورية الجنوبية، مشيرة إلى رغبتها في تسهيل ودعم محادثات أوسع بهذا الشأن.
كما وجهت كوريا الشمالية الدعوة إلى الصحافة لتشهد تفكيكا مرتقبا لموقع نووي.
وعقب ذلك بأربعة أشهر تقريبا رد مون جاي الرئيس الكوري الجنوبي الزيارة إلى بيونج يانج لعقد قمة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في محاولة لإنعاش المحادثات التي لم تراوح مكانها بين كوريا الشمالية وواشنطن حول نزع الأسلحة النووية.
واتفقت الكوريتان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول على إزالة الألغام الأرضية على امتداد الحدود شديدة التحصين في إطار اتفاق على تهدئة التوترات وبناء الثقة في شبه الجزيرة الكورية المقسمة.
وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول قالت وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية إن الكوريتين اتفقتا على تدمير 22 نقطة حراسة قرب الحدود شديدة التحصين بينهما.
كما قررا في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بدء سريان حظر الطيران والتدريبات العسكرية قرب الحدود شديدة التحصين بين الكوريتين الشمالية والجنوبية.
وتأتي الخطوة ضمن اتفاق عسكري تم التوصل إليه خلال القمة واشتمل على وقف "كل الأعمال العدائية" وإزالة الألغام ونقاط الحراسة داخل المنطقة المنزوعة السلاح تدريجيا.
وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2018 توجه وفد من كوريا الجنوبية إلى كوريا الشمالية، لحضور احتفال للإعلان عن مشروع إعادة فتح طرقات وخطوط سكك حديدية بين شطري شبه الجزيرة المنقسمة، في خطوة جديدة على طريق المصالحة بين البلدين الجارين.
وشوهد قطار مؤلف من 9 عربات يقل نحو 100 مسؤول كوري جنوبي وهو يغادر محطة سيؤول للقطارات في الصباح الباكر في رحلة تستغرق ساعتين إلى مدينة كيسونج الحدودية في الشمال، حيث سيجرى الاحتفال.
تعيين وزير للوحدة.. وبيونج يانج تنسحب
في 8 مارس/آذار 2019 أعلنت كوريا الجنوبية تعيين كيم يون تشول وزيرا جديدا للوحدة بين الكوريتين، وحل تشول الذي يحظى بثقة مون منذ فترة طويلة محل تشو ميونج جيون الذي لعب دورا كبيرا في الانفراجة مع كوريا الشمالية العام الماضي.
وأكد مسؤولون وقتها أن تعيين كيم يون تشول وهو مؤيد قوي للمصالحة الكورية ربما يسهم بشكل أكبر في تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية.
فيما قال بعض المحللين إن التعيين قد يشير أيضا إلى خلافات عميقة داخل حكومة مون ويزيد المخاوف الأمريكية من أن الجنوب ربما يتحرك بسرعة كبيرة للغاية نحو الشمال.
وفي خطوة مفاجئة أعلنت كوريا الجنوبية في 22 مارس/آذار أن بيونج يانج سحبت موظفيها من مكتب الارتباط المشترك بين الكوريتين.
وكان المكتب تم افتتاحه في مدينة "كايسونج" بكوريا الشمالية في سبتمبر/أيلول الماضي وسط تقارب غير مسبوق بين البلدين، لكن نائب وزير شؤون الوحدة في كوريا الجنوبية شون هاي سونغ قال إن بيونج يانج أبلغتهم اعتزامها الانسحاب من مكتب الارتباط.