شهران على الحرب.. الاقتصاد العالمي ينزف خسائر
لم يعد راسمو السياسة المالية والنقدية حول العالم يبحثون عن زيادات لنمو اقتصاداتهم، بقدر بحثهم عن تدارك الخسائر.
يأتي ذلك، بعد شهرين على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى ارتفاعات حادة في أسعار السلع والخدمات حول العالم، وتهدد بمزيد من معدلات الفقر، وأصابت الاقتصاد العالمي بتراجعات محتملة في النمو.
النفط
وفق حسابات "العين الإخبارية" بلغ متوسط سعر برميل النفط لخام برنت خلال أول شهرين من العام الجاري، نحو 115.3 دولار للبرميل، بزيادة 27 دولارا عن أول شهرين من 2022.
ويستهلك العالم يوميا، قرابة 99.4 مليون برميل نفط يوميا أي نحو 5.97 مليارات برميل في شهري الحرب، ما يعني أن كل برميل ارتفعت كلفته نحو 27 دولارا، أو 161.2 مليار دولار، زيادة في كلفة واردات النفط.
بمعنى آخر، تحملت الدول والشركات حول العالم مبلغ 161.2 مليار دولار فرق زيادة أسعار النفط بين أول شهرين من 2022، وبين الشهرين الماضيين اللذين شهدا الحرب الروسية الأوكرانية.
النمو العالمي
وظهرت أصداء بعيدة وواسعة لتداعيات الحرب تزيد من وطأة الضغوط السعرية وتفاقم التحديات الملموسة على مستوى السياسات، وتتكشف تطورات هذه الأزمة في الوقت الذي لم يتعاف فيه الاقتصاد العالمي من الجائحة بشكل كامل بعد.
ومقارنة بالتنبؤات الصادرة في شهر يناير/كانون الثاني، تم تخفيض توقعات النمو العالمي إلى 3.6% لعامي 2022 مقارنة مع 4.4% في التقرير السابق، ويعادل هذا الهبوط ما قيمته 6 تريليونات دولار.
ويعكس ذلك التأثير المباشر للحرب على أوكرانيا والعقوبات على روسيا، حيث يُتوقع أن يشهد كلا البلدين انكماشات حادة في معدلات النمو.
التضخم
وأصبح التضخم يشكل خطرا واضحا وحاضرا في بلدان عديدة. وحتى قبل اندلاع الحرب، سجلت معدلات التضخم ارتفاعا حادا نتيجة زيادة أسعار السلع الأولية واختلالات العرض والطلب.
واتجهت بنوك مركزية كثيرة، مثل الاحتياطي الفيدرالي، إلى تشديد سياساتها النقدية بالفعل؛ وتساهم الانقطاعات الناجمة عن الحرب في تفاقم هذه الضغوط.
وتوقع صندوق النقد الدولي حاليا، استمرار معدلات التضخم المرتفعة لفترة أطول كثيرا؛ وفي الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية، بلغ التضخم أعلى مستوياته على الإطلاق خلال 40 عاما بالتزامن مع تشديد أسواق العمل.
وتتزايد حاليا احتمالات انحراف توقعات التضخم عن الأهداف التي حددتها البنوك المركزية، مما سيؤدي إلى استجابة أكثر تشددا من جانب صناع السياسات.
كذلك قد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلى زيادة ملحوظة في حجم القلاقل الاجتماعية المحتملة في البلدان الأكثر فقرا.
ففي أعقاب الغزو مباشرة، شهدت اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تشديدا في الأوضاع المالية. وكانت إجراءات إعادة التسعير متوازنة في معظم الأحوال حتى الآن.
غير أن بعض مخاطر الهشاشة المالية لا تزال حاضرة، مما يزيد من احتمالات التشديد الحاد للأوضاع المالية العالمية وخروج التدفقات الرأسمالية.
أسعار الأغذية
وفي 8 أبريل/نيسان الجاري، قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، بأنّ الأسعار العالمية للسلع الغذائية قد سجّلت ارتفاعًا ملحوظًا في مارس/آذار لتصل إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق في ظلّ تسبب الحرب في منطقة البحر الأسود بصدمات في أسواق الحبوب الأساسية والزيوت النباتية.
وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية 159.3 نقاط في مارس/آذار 2022، أي بزيادة نسبتها 12.6 في المائة عن مستواه المسجّل في شهر فبراير/شباط الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ إرسائه في عام 1990.
ويتتبّع هذا المؤشر التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية الأكثر تداولًا. وكان المستوى الأخير الذي سجّلة هذا المؤشر أعلى بنسبة 33.6 في المائة مما كان عليه في مارس/آذار 2021.
الحمائية التجارية
وبدأت عديد الدول حول العالم، في تنفيذ ما يعرف بـ "الحمائية التجارية" أي حظر تصدير بعض أنواع السلع الرئيسة بسبب المخاوف من تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب الحرب.
والأسبوع الماضي، أعلنت إندونيسيا عن حظر تصدير زيت النخيل اعتبارا من 28 أبريل/ نيسان الجاري، لحين استقرار الأسعار في الأسواق المحلية، كما نفذت دول مثل روسيا وأوكرانيا والأردن وتركيا ورومانيا والمملكة المتحدة، إجراءات مماثلة.
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز