شبح جديد يطارد الاقتصاد العالمي بخلاف الحرب.. ما هو؟
شبح الركود التضخمي بدأ يتسلل من جديد إلى اقتصادات الدول مع تهديد الحرب للاقتصاد العالمي وسط تباطؤ التعافي الوبائي.. تعرف على ملامحه
الركود التضخمي أصبح أحد أهم المخاوف التي بدأت تطل برأسها خلال الأسابيع الأخيرة لتتعدى كونها مخاوف من الاقتصاديين والمسؤولين عن الملفات الاقتصادية في الدول المختلفة وعلى رأسها بعض الدول المتقدمة إلى الجماهير العادية من الناس التي أصبحت تبحث عن معنى هذا المصطلح وما يمكن حدوثه إذا وقعت هذه الحالة.
يأتي ذلك مؤخرا بعد ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والطاقة، والذي يتزامن مع نقص في المعروض رغم عدم تعافي الطلب بشكل كامل من تداعيات أزمة جائحة فيروس كورونا، وبالتالي يتوقع أن يؤثر ذلك على إنتاج السلع واحتمالية المزيد من ارتفاع الأسعار وبالتالي تراجع الطلب عليها وهكذا.
- مصطلح في أخبار يومية تهمك.. ما هو الركود التضخمي؟
- الأثرياء في زمن التضخم.. أزمة أمازون ونصيحة "ماسك" وجنة "الكريبتو"
وحذرت صحفية الفايننشال تايمز ، من أن الخطر المزدوج المتمثل في تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، أو ما يسمي بـ"الركود التضخمي"، سيضرب الاقتصاد العالمي هذا العام بعد أن فاقمت الحرب الروسية الأوكرانية التباطؤ الاقتصادي الذي تسببت فيه جائحة "كوفيد-19".
ولحل هذه المشكلة التي هي أقرب لدائرة مفرغة، يجب التوصل إلى حلول تتسم بالحكمة من قبل البنوك المركزية أو المسؤولين عن هذا الملف الحساس لأن المشكلة في هذه الحالة تكون مزدوجة والعمل على حل أحد جوانبها فقط دون الآخر قد يفاقم الجانب الآخر منها.
وللتعرف على الركود التضخمي وكيف يمكن أن يحدث إليك أبرز المعلومات المتعلقة به.
ما هو الركود التضخمي؟
الركود التضخمي هو التضخم المصحوب بالركود وهو حدث اقتصادي يتميز بارتفاع التضخم (أي ارتفاع الأسعار) وركود نمو الاقتصاد (أي تراجع معدلات النمو أو انكماش الاقتصاد)، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات البطالة.
وببساطة فإن الركود التضخمي يعني أن يكون هناك نمو ضعيف في الاقتصاد (أو انكماش) مصحوب بارتفاع في معدلات التضخم.
وهذا الوضع هو بخلاف ما يفترض حدوثه في الوضع الطبيعي، حيث أنه كلما حدث نمو كلما صاحبه تضخم، وكلما حدث تباطؤ أو انكماش للاقتصاد كلما صاحبه تباطؤ في التضخم أو انكماش في الأسعار.
وتم استخدام المصطلح لأول مرة من السياسي البريطاني إيان ماكلويد في عام 1965 لوصف ما كان يعتقد أنه "أسوأ ما في العالمين- ليس فقط التضخم من جانب أو الركود من الجانب الآخر ولكن كلاهما معا".
كيف يحدث الركود التضخمي؟
تتمثل أسباب الركود التضخمي في عدم وجود طلب قوي على السلع والخدمات، وهو ما يؤدي إلى انخفاض النمو أو انكماش الاقتصاد، وذلك تزامنا مع تراجع لحجم المعروض من بعض السلع والبضائع بطريقة عنيفة وبالتالي لا يكفي هذا المعروض حتى الطلب البسيط الموجود وبالتالي حدوث ارتفاع في الأسعار.
ومثالا على كيفية حدوث الركود التضخمي هو ما يحدث حاليا فيما يتعلق بالغاز والبترول، وأسعارهما التي وصلت حاليا لمستويات قياسية في سنوات رغم عدم تعافي الاقتصاد العالمي بشكل كامل مثلما كان عليه الحال قبل جائحة كوفيد 19.
لماذا يعد الركود التضخمي مشكلة معقدة؟
يتسبب الركود التضخمي في تدمير الاقتصاد والأعمال التجارية، كما أنه لا يترك المجال أمام صانعي السياسات للتعامل مع تلك الأزمة، إذ يتسبب في ارتفاع الأسعار وانخفاض النمو وتراجع ثقة الأعمال.
كما أن صانعي السياسات على مستوى العالم، الذين يبحثون عن حلول معالجة الأسعار المتزايدة بسرعة ومخاطر رفع أسعار الفائدة، سيكونون مقيدين لأن مستويات الديون مرتفعة بالفعل.
ويعد تأثير التضخم المصحوب بالركود ذا شقين، أولا: يعني ذلك عددًا أقل من الوظائف مع دخول الاقتصاد في حالة ركود أو تباطؤ النمو، ثانيا: يؤدي ارتفاع الأسعار إلى انخفاض القوة الشرائية، وينتهي الأمر بالناس إلى دفع جزء أكبر من دخلهم على الضروريات مثل الطعام والوقود، مما يقلل من قدرتهم الشرائية لعناصر أخرى.
الاقتصادات الكبرى على المسار
يقارن مؤشر تتبع Brookings-FT للتعافي الاقتصادي العالمي (Tiger) مؤشرات النشاط الحقيقي والأسواق المالية والثقة بمعدلاتها التاريخية، لكل من الاقتصاد العالمي والبلدان الفردية، ويحدد مدى تحسن البيانات في الفترة الحالية أو أسوأ من المعتاد.
في السلسلة التي تصدر مرتين سنويًا، يُظهر المؤشر المركب خسارة ملحوظة في زخم النمو منذ أواخر عام 2021 في الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، مع انخفاض مستويات الثقة أيضًا من أعلى مستوياتها وتراجع أداء الأسواق المالية مؤخرًا.
"إن هناك خطرًا من أن يصبح عام 2022 "فترة مشحونة من إعادة التنظيمات الجيوسياسية، واضطرابات الإمدادات المستمرة وتقلبات الأسواق المالية، كل ذلك على خلفية ارتفاع الضغوط التضخمية ومجال محدود للمناورة السياسية"، بحسب الفايننشال تايمز نقلا عن إسوار براساد، زميل أول في معهد بروكينجز.
قال براساد إن كل من الكتل الاقتصادية الثلاث الكبرى في العالم تواجه صعوبات كبيرة. وفي حين أن الإنفاق لا يزال قوياً في الولايات المتحدة وعاد سوق العمل إلى ظروف ما قبل الوباء، فإن التضخم يفرض صعوبات شديدة أمام تفويض مجلس الاحتياطي الفيدرالي باستقرار الأسعار.
في الولايات المتحدة، قفزت وتيرة نمو الأسعار إلى أعلى مستوى لها في 40 عامًا عند 8.5 في المائة في مارس/آذار الماضي.
قال براساد: "مجلس الاحتياطي الفيدرالي في خطر حقيقي بفقدان السيطرة على مسار التضخم وقد يضطر إلى التشديد بقوة أكبر مما أشار إليه، مما يزيد من مخاطر حدوث تباطؤ ملحوظ في النمو في عام 2023".
وبالنسبة للصين، تنبع مشاكل البلاد من رغبتها في التمسك باستراتيجيتها الخالية من COVID-19 بعد زيادة في حالات متغير فيروس كورونا omicron الأكثر عدوى، كما إن عمليات الإغلاق، مثل القيود الشديدة في شنغهاي، تهدد الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار والإنتاج، في حين أن إمكانية تخفيف السياسة النقدية مرة أخرى ستؤدي إلى تضخيم المخاطر طويلة الأجل على الاستقرار المالي.
أعلنت الصين عن أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول اليوم الإثنين، وأظهرت أن بكين تواجه تحديًا صعبًا في تحقيق هدف النمو البالغ 5.5 في المائة على مدار هذا العام.
بالنسبة لأوروبا، الأكثر تعرضاً للصراع في أوكرانيا والتي تكافح لتقليل الاعتماد على واردات الطاقة الروسية، انخفضت مستويات الثقة بشكل حاد.
وقال براساد إنه لا توجد حلول سياسية سهلة، ويبدو أن هناك نقصًا في الاستعداد للعمل.
وتابع "إن الحفاظ على الاقتصاد العالمي على مسار نمو معقول يتطلب إجراءات متضافرة لإصلاح المشاكل الجذرية، بما في ذلك تدابير للحد من الاضطرابات التي يسببها الوباء، وخطوات لتخفيف التوترات الجيوسياسية والتدابير المستهدفة مثل الإنفاق على البنية التحتية لتعزيز الإنتاجية على المدى الطويل بدلاً من فقط قم بتحصين الطلب على المدى القصير".
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMjI5IA== جزيرة ام اند امز