المعونة الأمريكية لمصر.. 3 تحفظات وتقارير مسمومة تفسد بوصلة الكونجرس
علاقات طيبة تجمع بين المؤسستين العسكريتين المصرية والأمريكية رغم إقرار الكونجرس تجميد جزء من المساعدات المخصصة لمصر
علاقات طيبة تجمع بين المؤسستين العسكريتين المصرية والأمريكية والقيادتين السياسيتين في البلدين، يناقضها موقف الكونجرس الأمريكي الذي تكررت مطالبته بتجميد جزء من المساعدات الأمريكية المُخصصة لمصر.
وصوتت مؤخراً لجنتان في مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح مشروع أقرته لجنة المساعدات الخارجية بالكونجرس، يقترح خفض المساعدات العسكرية والاقتصادية للقاهرة، بسبب ما أسمته "انتهاكات حقوق الإنسان في مصر"، مستندة فيه لتقرير مُضلل صدر مؤخراً عن منظمة هيومان رايتس ووتش.
وبموجب المشروع المقدم للكونجرس قد يتم تقليص المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بمقدار 300 مليون دولار، وخفض المساعدات الاقتصادية من 112 مليونا إلى 75 مليونا.
- "النجم الساطع" في موعدها رغم تجميد المساعدات الأمريكية لمصر
- مصر تنفي علمها المسبق بقرار خفض المساعدات الأمريكية
المعونة الأمريكية عمرها 39 سنة
أقرت الولايات المتحدة الأمريكية منذ توقيع اتفاق السلام المصري الإسرائيلي عام 1978 تقديم معونة لكل من مصر وإسرائيل، وينص الاتفاق على صرفها سنويا بقيمة ثابتة.
وأعلن الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
ولا يعد تخفيض المساعدات الأمريكية لمصر مفاجئة بشكل عام، فقد سبق وأعلنت الخارجية الأمريكية في مارس/آذار الماضي أن الميزانية التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعالم المالي 2018 لن تخفض المساعدات الأمريكية لإسرائيل، في حين أنها ستعيد النظر في المساعدات المقدمة لمصر والأردن.
كذلك فإن التقليص المرتقب للمساعدات الأمريكية لمصر ليس الأول في الفترة الأخيرة، حيث قررت واشنطن 23 أغسطس/آب الماضي إلغاء مساعدات بقيمة 95.7 مليون دولار، وتأجيل مساعدات أخرى قيمتها 195 مليون دولار، تبعها تعقيب من الخارجية المصرية يؤكد أن تحديات مصر الاقتصادية والأمنية لم تؤخذ بجدية من جانب واشنطن.
وكان الرئيس السابق باراك أوباما قرر تعليق المساعدات العسكرية جزئيا، قبل أن يعيد العمل بها في مارس/آذار 2015، وقدرها 1,3 مليار دولار سنويا.
الغواصات والنووي السلمي
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، يقول إن عدة لجان داخل أروقة مؤسسة الكونجرس الأمريكية ومجلس الشيوخ تدرك أهمية الدولة المصرية بالنسبة لواشنطن، إلا أن المحصلة النهائية قصور في التعامل باستراتيجية محترفة مع الأمر.
ويؤكد أن الفترة الماضية شهدت جلسات إنصات داخل الكونجرس وكان متوقعاً القرار الخاص بتجميد المساعدات المخصصة لمصر.
وفي تصريح خاص لـ"بوابة العين" الإخبارية يشير فهمي إلى أن لدى دوائر الكونجرس صورة مغلوطة عن مصر، وكثيراً ما يتم تسييس بعض الوقائع، لافتاً إلى أن القرارات الخاصة بالمساعدات المخصصة لمصر ناجم عن تحفظات أمريكية غير مُعلنة على 3 أمور.
ويوضح فهمي أن تنويع مصر لمصادر السلاح على رأس هذه التحفظات، يليها البرنامج النووي السلمي، وأخيراً حصول مصر على جيل من الغواصات أحدث من تلك التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تستطع إسرائيل اقتناءها بعد فضيحتها الخاصة بالغواصات الألمانية.
ويوضح فهمي أنه رغم زيادة المساعدات الأمريكية لإسرائيل مؤخراً وكذلك المساعدات المخصصة للأردن ودول أخرى، يظل ملف المساعدات المخصصة لمصر هو الملف الذي ينال منه الكونجرس بين الحين والآخر.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن القرار الأمريكي الخاص بالمساعدات لمصر يستدعي ضرورة إقامة حوار استراتيجي جاد بين القاهرة وواشنطن حول الأمر، يشترك فيه أطراف ملمة بتفاصيله جيداً ولديهم من الحنكة ما يمكنهم من الحوار حوله، فضلاً عن ضرورة مخاطبة الشخصيات المعادية لمصر في الكونجرس الأمريكي.
من يعبث بقرارات الكونجرس؟
يلقي اللواء محمود منصور، الخبير الاستراتيجي والعسكري، الضوء على جانب آخر من الأزمة، فيقول إن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة خاصة الكونجرس تملك من عناصر جمع المعلومات الكثير، إلا أنها مؤخراً أصبحت تحصل على معلوماتها من مصادر غير موثوقة، ومن ثم تصدر قرارات بناء على معلومات خاطئة منها ما يتعلق بالمساعدات المخصصة لجمهورية مصر.
وفي تصريحات خاصة لـ"بوابة العين" الإخبارية، رفض منصور القول بأن قطر لها تأثير في تطورات ملف المساعدات الأمريكية لمصر، معتبرا أن ثقل قطر السياسي ضئيل، لا يسمح لها بهذا التأثير.
لكن الخبير لم يستبعد الدور القطري الخبيث والمفضوح بدعم التنظيمات الإرهابية في مصر وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وسعيها الدؤوب عبر أبواقها الإعلامية وتأثيرها على منظمات منحازة ومسيسة بينها "هيومان رايتس ووتش" في تصدير صورة مغلوطة عن الأوضاع في مصر، لا سيما في ملف حقوق الإنسان.
وأوضح منصور أن ما تطلق عليه واشنطن "مساعدات" هي في حقيقة الأمر حقوق فعلية لدول أخرى تحصل أمريكا بمقتضاها على مساعدات لوجيستية واستراتيجية، والتسمية الصحيحة "مقابل خدمات"، لافتاً إلى أن الأمر لا يتم عشوائياً وإنما هذا المقابل يتم دفعه لمصر كجزء من اتفاق كامب ديفيد التي تم توقيعه بعد اتفاق السلام، الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية راعية لها.
وختم الخبير الاستراتيجي بالقول إن أمريكا بإصدارها قرارات خاطئة مبنية في الأساس على معلومات خاطئة تُعرض نفسها لخسارة دول مؤثرة في العالم، خاصة أن مصر تمتلك من عناصر القوة في علاقاتها الدولية الكثير، الذي يجعلها تختار من الصديق الاستراتيجي ومن الذي يمكن التغاضي عن وجوده في قائمة الأصدقاء.
aXA6IDMuMTQ1Ljc4LjEyIA== جزيرة ام اند امز