4 نقاط فاصلة في أولويات ميزانية الجيش بين ترامب وأوباما
استراتيجية الأمن القومي والميزانية الدفاعية التي أعلنت إدارة ترامب بعض تفاصيلها أزاحت ملفات كبرى اعتمدها أوباما وأحلت محلها أخرى.
بأكبر ميزانية دفاعية في تاريخ أمريكا وتاريخ العالم، طوى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفحة أخرى من صفحات سياسة سلفه باراك أوباما، فيما يتعلق بأولويات الأمن القومي الأمريكي، ليضع استراتيجية جديدة تعيد أجواء مناطحة القوى الكبرى.
فشهر فبراير/شباط المقبل، ينتظر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رقم الميزانية الجديدة لوزارة الدفاع "البنتاجون" ضمن إعلان ميزانية الإنفاق الدفاعي لعام 2019، والمتوقع أن يبلغ 719 مليار دولار، أي بزيادة 7% عن ميزانية 2018.
وهو رقم غير مفاجئ، فزيادة ميزانية الدفاع والشؤون العسكرية من أبرز وعود ترامب في حملته الانتخابية 2016، الذي تعهد حينها بزيادة "تاريخية"، توقف "استنزاف" قدرات الجيش الأمريكي أمام منافسيه، والذي اتهم سلفه باراك أوباما بأنه السبب فيه.
وتشمل الميزانية الجديدة الإنفاق على الحروب الدائرة وصيانة الترسانة النووية للولايات المتحدة.
"التآكل العسكري"
ووفق ما كشفته استراتيجية الدفاع الوطني التي أعلنها وزير الدفاع جيمس ماتيس في وقت سابق، فقد أقرَّ بأن التفوق التنافسي للجيش الأمريكي أمام خصومه "تراجع في كل مجالات الحرب، برا وبحرا وجوا وفي الفضاء وفي العالم الافتراضي"، مرجعا ذلك لأسباب منها ضعف التمويل.
وفي انتقاد حاد لسياسات أوباما في هذا المجال، قال نائب وزير الدفاع المكلف بالشؤون الاستراتيجية البريدج كولبي، إن استراتيجية الدفاع القومي الجديدة هدفها مواجهة "تآكل تفوقنا العسكري".
وعن كيفية حدوث هذا التآكل، أوضح أن "الصين وروسيا بشكل خاص عملتا بشكل مكثف منذ سنوات عدة على تطوير طاقتهما العسكرية، في حين كانت الولايات المتحدة في الفترة ذاتها منكبة على مكافحة الإرهاب والدول المارقة".
إلا أن كولبي شدد على أن الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية الجديدة "ليست استراتيجية مواجهة، بل استراتيجية تقر بوجود تنافس عسكري فعلي"، وتجعل القوات الأمريكية مستعدة للقتال في النزاعات الكبيرة و"مفاجأة" خصومها.
وتضمنت استراتيجية الدفاع القومي وسياسات ترامب الدفاعية عموما عدة اختلافات مفصلية بينه وبين سياسات سلفه باراك أوباما، أبرزها النقاط التالية:
أولوية التحديات
تصدرت المنافسة العسكرية بين الولايات المتحدة وخصميها الصين وروسيا التحديات التي تواجهها واشنطن في استراتيجية الدفاع القومي في عهد ترامب، فيما جاءت إيران وكوريا الشمالية في المرتبة الثانية، ومكافحة الإرهاب في مؤخرة الأولويات.
وصراحة قال ماتيس، إن بلاده تواجه "تهديدات متزايدة" من جانب روسيا والصين، اللتين وصفهما بأنهما من "القوى الرجعية" التي تسعى لإقامة عالم يتناسب مع "تسلطها"، وتسعى إلى ضرب "قيم الولايات المتحدة وغناها ونفوذها".
في المقابل، أظهرت استراتيجية الأمن القومي الصادرة في عهد أوباما عامي 2010 و2015، أن أولوياتها كانت تتعلق بمكافحة تنظيم داعش الإرهابي، ودعم حركات التغيير في العالم تحت مسمى دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما حدث فيما وصف بثورات الربيع العربي، وكذلك كان من أولوياتها تمكين الشباب عبر منظمات المجتمع المدني.
أما فيما يتعلق بروسيا فلم تصنفها ضمن الأكثر خطورة على الأمن الأمريكي، واتجهت إلى التهدئة مع إيران عبر تفضيل الخيار السياسي والتفاوضي الدولي على الخيار العسكري.
الخطر المناخي
ومن بين الاختلافات بين الاستراتيجية الجديدة في عهد ترامب وبين الأوضاع في عهد أوباما، أن استراتيجية ترامب لم تشر إلى التغير المناخي كخطر يواجه أمريكا، في حين كان يعتبره سلفه جزءا من الأمن القومي.
الترسانة النووية
ينتظر العالم إعلان واشنطن تحديث ترسانتها النووية وتطوير نوع جديد من الأسلحة التي تتمتع بقدرة محدودة، وذلك خلال إعلان تفاصيل ميزانية الدفاع الشهر المقبل.
وورد في صيغة تمهيدية "لتقييم وضع الترسانة النووية" الذي وضعته وزارة الدفاع، أن الوضع العالمي اليوم معقد أكثر بكثير مما كان عليه قبل 8 سنوات، وأنه يجب أن تربط وضع ترسانتها النووية "بالتقييم الواقعي" للتهديدات التي تواجهها والقادمة خصوصا من روسيا والصين وكوريا الشمالية.
ويعد هذا التقييم قطيعة مع رؤية الرئيس السابق أوباما الذي دعا في 2009 في براغ بجمهورية التشيك إلى إزالة كل الأسلحة النووية.
وفي ذلك قال وزير الدفاع جيمس ماتيس، إن "التهديدات تفاقمت بشكل خطير.. الولايات المتحدة تواجه بيئة أصبح فيها التهديد النووي أكثر تنوعا وتقدما من أي وقت مضى".
واقترحت الوزارة تطوير نوعٍ جديدٍ من الأسلحة النووية قدرته محدودة، على شكل أسلحة تكتيكية توصف بـ"الأسلحة النووية المصغرة"، تحقق نسبة اختراق أكبر وقادرة على تدمير التحصينات والمنشآت تحت الأرض.
وبرر ماتيس هذا النوع الجديد من الأسلحة، بأنه لمسح "القناعة الخاطئة" من أعداء أمريكا بأنها لن تغامر باستخدام أسلحتها النووية المفرطة في قوتها المدمرة.
وكان ترامب دعا فور انتخابه رئيسا إلى "تعزيز وتوسيع" القدرات النووية لبلاده، طالبا وضع سياسة نووية جديدة.
أكبر ميزانية
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، وقّع ترامب مرسوم ميزانية الدفاع الضخمة بمبلغ 700 مليار دولار، ووصفت حينها بأنها أكبر ميزانية في تاريخ أمريكا، بل والعالم كله.
وأكد ترامب، أن قانون الدفاع الوطني سيمنح العسكريين أكبر زيادة في رواتبهم منذ 8 سنوات.
وكان لافتا أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي وافقا على هذا الأمر حينها، فيما يبقى الخلاف بينهما حول مصادر تمويل هذه الميزانية.
وقال ترامب، حينها، معلقا على ذلك: "يجب أن نعمل بغض النظر عن الانتماء الحزبي لمنح قواتنا البطلة المعدات، والموارد، والدعم".
وفي العموم، تنفق الولايات المتحدة على الدفاع أكثر من أي دولة أخرى، ولكن أقصى حد وصلت إليه في السابق كان 600 مليار دولار؛ ما يعني أن رفعها 100 مليار أخرى دفعة واحدة قفزة كبيرة لها تداعياتها الدولية في عهد ترامب، خاصة مع إعلان روسيا والصين كذلك زيادة تحديث ودعم قواتهما المسلحة في الداخل والخارج.