في مارس/آذار 2018، أعلنت دولة الإمارات عن مبادرتها لإعادة إعمار جامع النوري الكبير ومئذنته الحدباء في مدينة الموصل العراقية.
المشروع الذي أطلق بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وبالشراكة مع منظمة (اليونسكو) ووزارة الثقافة العراقية، يُعد الأضخم من نوعه في العراق، ويعكس التزام دولة الإمارات بدعم الاستقرار ونشر قيم السلام.
رمزية تاريخية وحضارية
اختيار جامع النوري ومئذنته الحدباء لم يكن صدفة، فالمكان يشكل رمزًا دينيًا وثقافيًا للعراقيين، ويحمل ذاكرة تاريخية ممتدة عبر قرون. ومن هنا جاء المشروع ليعيد الحياة إلى أحد أبرز معالم الموصل وليؤكد أن الهوية الثقافية لا تموت مهما تعرضت للتدمير.
بناء الحجر والإنسان
لا يقتصر المشروع على إعادة بناء الحجر فحسب، بل يتجاوزه إلى بناء الإنسان. فقد أتاح أكثر من ألف فرصة تدريبية للشباب العراقيين، شاركوا خلالها في أعمال الترميم والتأهيل، مما زوّدهم بخبرات مهنية ومعرفية تسهم في مستقبلهم العملي، وتؤهلهم ليكونوا روادًا في مسيرة التنمية وإعادة الإعمار.
بُعد ثقافي وسياحي
يمثل المشروع إضافة مهمة لدور الموصل في القطاعين الثقافي والسياحي. فإلى جانب إعادة المسجد ومنارته وقاعاته، يشمل المشروع ترميم المباني الملحقة، وإعادة تأهيل الحدائق التاريخية، وإنشاء صرح تذكاري يحتفظ بما تبقى من آثار الجامع. هذه الخطوات ستجعل الموقع مركزًا ثقافيًا ومجتمعيًا مفتوحًا لأبناء الموصل وزوارها، بما يعزز الانفتاح ويغرس قيم التسامح.
رسالة ضد فكر الهدم
أرادت الجماعات المتطرفة أن تجعل من الموصل رمزًا للدمار عبر استهداف جامعها التاريخي، لكنّ المشروع الإماراتي جاء ليؤكد أن البناء أقوى من الخراب، وأن الهوية الثقافية قادرة على الانتصار على فكر الإقصاء والتطرف. إنه تجسيد لرؤية دولة الإمارات في نشر قيم السلام، وحفظ التراث الإنساني للأجيال القادمة.
حضارة لا تموت
إعادة إعمار جامع النوري ومئذنته الحدباء ليست مجرد مشروع عمراني، بل هي استعادة لذاكرة الموصل ورمزيتها، ورسالة أمل للعراقيين بأن حاضرهم ومستقبلهم يمكن أن ينهضا من تحت الركام. فالحضارة قد تُهدم لكنها لا تموت، ومئذنة الحدباء ستبقى شاهدًا على أن يد البناء قادرة دائمًا على الانتصار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة