الإمارات ووكالة الطاقة الذرية.. رؤية مسؤولة وتعاون نموذجي والتزام دولي
في الذكرى الأربعين لعضوية الإمارات في الوكالة
في الذكرى الأربعين لعضوية الإمارات بالوكالة، تظل هذه العلاقة نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول المتحضرة والمنظمات الدولية الكبرى.
تظل العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول المتحضرة والهيئات والمنظمات الدولية الكبرى.
فدولة الإمارات، التي ستشارك في الدورة العادية الـ60 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية فيينا خلال الفترة من 26 الى 30 سبتمبر الجاري بحضور وفود رفيعة من الدول الأعضاء، وتوشك على تشغيل أول مفاعل نووي العام المقبل من بين أربعة مفاعلات - حرصت من خلال عضويتها الممتدة أربعين عاما على المشاركة كطرف فاعل وحيوي في كل المعاهدات الدولية ذات الصلة بالأمن النووي من خلال الوفاء بجميع التزاماتها وبالمبادرات الدولية الرامية إلى تحصين الدول من الإشعاعات النووية ومخاطرها المحتملة سواء عن طريق توقيع الاتفاقيات الدولية أو وضع الخطط والاحتياطات اللازمة لمنع مخاطر الأسلحة النووية حيث وقعت تسع اتفاقيات ثنائية حول التعاون النووي بمختلف مجالاته.
ولم يتوقف تعاطي الإمارات الإيجابي عند ذلك بل أسهمت ماليا في أنشطة الوكالة الدولية حيث قدمت مليون دولار أمريكي لمشروع تحديث مختبر الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية وأطلقت معهد الخليج للبنية التحتية في مجال الطاقة النووية الذي يركز على التدريب في مجال الأمن والأمان النووي وحظر الانتشار.
وفي هذا السياق أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال مشاركته في القمة النووية الثالثة في لاهاي عام 2014 أن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة تتبنى نهج التعاون والتفاهم والحوار بين الدول وحل الصراعات بالطرق السلمية، وتعارض أي طموحات عسكرية نووية أو انتشار أسلحة الدمار الشامل سواء في منطقة الشرق الأوسط أو العالم، وهي تدعم ما يخدم تنمية الشعوب ويحقق مصالحها.
وشدد على أن التعاون الدولي في مجال الأمن النووي يعد اليوم ذا أولوية دولية مع تنامي التحديات التي تملي علينا تعزيز الأطر والأدوات ذات الصلة ما يسمح بتبادل الخبرات لضمان أعلى معايير الأمن النووي في جميع البلدان.
وقال إن الإرهاب بشكل عام والإرهاب النووي بشكل خاص يشكل أهم التحديات المهمة التي تواجه عالمنا اليوم الذي يتطلب منا العمل بشكل دؤوب ومشترك للتصدي لهذا الخطر بشتى أنواعه.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي لا يسعه الانقسام حول ما يجب عمله، وعليه العمل بقصارى جهده لدعم وتمكين الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة وتعزيز قدراتها للحد من امتلاك السلاح النووي لأن عواقب التراخي تنذر بأبعاد كارثية ستكلفنا جميعا ثمنا غاليا.
وأكد أن التحولات والمتغيرات الجارية والتحديات الراهنة تتطلب وبصورة ملحة صياغة توجهات مشتركة وبلورة إرادة جماعية لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تمسّ أمن الدول واستقرارها وسلامة شعوبها وفي مقدمتها خطر الإرهاب النووي.
وأوضح الشيخ محمد بن زايد أن مسؤولية الأمن النووي تبقى مسؤولية وطنية وتشمل اتخاذ التدابير المناسبة لضمان حماية المواد النووية والإشعاعية من أيادي الإرهاب.
وقال إن الإمارات تعمل بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكعضو نشط في عدد من المبادرات الدولية ذات الصلة، معرباً عن حرص الإمارات على إقامة شراكات وثيقة مع كل الهيئات الدولية والتعاون الدائم مع كل المساعي الدولية ودعم مختلف المبادرات لتعزيز القدرات لمكافحة الإرهاب النووي وتجنب انتشار أسلحة الدمار وبما يعكس التزام دولة الإمارات في اطار سياستها العامة للقيام بدور حيوي لدفع الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي وتسخير الإمكانات من أجل استتباب الأمن والاستقرار الدوليين وبشكل متسق مع توجهات الدولة في تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية بشكل شفاف يعتمد على أعلى معايير الأمن والأمان.
وأمام تلك الرؤية المتحضرة لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة للطاقة النووية واهمية الاستخدام السلمي لها وحرصها على استتباب السلم والأمن الدوليين كان طبيعيا أن يتم اختيارها لعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرتين في عامي 2010 و2013 وهو أعلى سلطة لاتخاذ القرار بالوكالة والذي يضم 35 دولة، الأمر الذي يعكس مكانة الدولة وثقة الدول الأعضاء بمواقفها ونهجها المسؤول في مجال الطاقة النووية.
ويؤكد اختيار الإمارات لمجلس المحافظين صواب سياساتها ودورها المؤثر في المحافل الدولية وذلك بفضل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
وتتيح عضوية المجلس للإمارات القيام بدور فاعل في تحديد سياسات وعمل الوكالة في مجالات الطاقة النووية والأمن النووي والسلامة النووية وحظر الانتشار وبما يتسق مع السياسات العامة للدولة.
وتحمل مشاركة الدولة في اجتماعات المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا العام أهمية كبيرة، حيث يحتفل وفدها الذي يرأسه سعادة السفير حمد علي الكعبي المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويضم عددا من ممثلي الجهات المعنية في الدولة منها الهيئة الاتحادية الرقابة النووية ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية بمناسبة مرور 40 عاما على عضوية الإمارات في الوكالة الدولية، حيث حرصت الإمارات طوال تلك الفترة على أن تتعاون بشكل كبير مع الوكالة الدولية في مجال الأمن النووي من خلال العديد من النشاطات، فوقعت خطة الدعم المتكاملة في مجال الأمن النووي مع الوكالة وطورت نظاما صارما لمراقبة وضبط تصدير وتوريد المواد النووية وأسهمت في مجال تبادل المعلومات والتعاون الإقليمي في مجال الأمن النووي باستضافتها العديد من الفعاليات ذات الصلة بذلك .
وفي هذا الاطار أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الـ 44 العام الماضي أنه وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط بنسبة كبيرة خلال الفترة الحالية فإن هذا لم ينل من مشروعاتنا التنموية والحضارية أو طموحاتنا للمستقبل، وهذا يعود إلى أننا أدركنا منذ وقت مبكر خطورة الاعتماد الكلي على النفط كمصدر للدخل، وعملنا بكل قوة من أجل بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة وتحقيق تنمية مستدامة لا ترتبط بتقلبات أسعار النفط أو حتى بإنتاجه، ومن هنا جاء اهتمامنا بالصناعة والسياحة والطاقة المتجددة ومشروعات الفضاء والطاقة النووية للأغراض السلمية وغيرها من المشروعات التنموية الكبرى التي ترفد اقتصادنا الوطني بالمزيد من مصادر الدخل.
وأضاف: "لقد قلت في القمة الحكومية 2015 // بعد خمسين عاما سوف نحتفل بآخر برميل للنفط// في تأكيد على أننا ندرك أن النفط مورد ناضب ونبني خططنا التنموية المستقبلية على هذا الأساس، ولا شك في أن الانخفاض الحالي في أسعار النفط يؤكد سلامة نهجنا في التنوع الاقتصادي وبناء اقتصاد قائم على التنوع والمعرفة والابتكار، وهو النهج الذي سوف نمضي فيه بكل قوة من أجل تنمية مستدامة للأجيال الحالية والقادمة".
وستسهم الطاقة النووية في تنويع إمدادات الطاقة في الدولة مع ضمان أمن الطاقة في المستقبل، كما ستسهم الاستثمارات في مجال الطاقة النووية في دعم نمو قطاع مهم يتطلب تكنولوجيا فائقة في دولة الإمارات العربية المتحدة ويوفر وظائف مرموقة لعقود قادمة.
وأعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بموجب مرسوم صادر في 23 ديسمبر 2009 عن إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية.. فيما تختص المؤسسة في توظيف وامتلاك وتشغيل محطات الطاقة النووية في دولة الإمارات، وفي نفس الوقت القيام باستثمارات استراتيجية في القطاع النووي على الصعيدين المحلي والعالمي.
وتلتزم المؤسسة بتوفير مصدر طاقة آمن واقتصادي وصديق للبيئة لدولة الإمارات العربية المتحدة فيما تتمثل مهمة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في توفير طاقة نووية آمنة واقتصادية وفعالة وموثوقة وصديقة للبيئة لشبكة الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2017، ومن المتوقع أن تبدأ المحطة الأولى عملياتها التشغيلية في عام 2017 في حين من المقرر استكمال وبدء تشغيل المحطات الثلاث الأخرى بحلول عام 2020.
وتعود ملكية المؤسسة بالكامل لحكومة أبوظبي وتخضع لقوانين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وهي هيئة رقابية وتنظيمية مستقلة ترفع تقاريرها إلى وزارة شؤون الرئاسة عبر مجلس إدارتها المؤلف من تسعة أعضاء.
وأنهت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في 16 فبراير الماضي اختبار التوازن المائي البارد بنجاح في المحطة النووية الأولى في موقع براكة والذي يمثل خطوة مهمة تجاه الاستعداد للعمليات التشغيلية .
وتعتبر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أن تعليم النساء بشأن التطبيقات الآمنة للطاقة النووية وتحفيزهن على العمل في هذا المجال يندرج ضمن المبادئ الأساسية لنجاح برنامجها المستقبلي في الطاقة النووية، وتمثل الإناث حاليا نسبة 27% من الملتحقين ببرامج المؤسسة الدراسية ومن الملفت أن نسبتهن وصلت إلى 36% في برنامج الدبلوم العالي في تكنولوجيا الطاقة النووية.