الإمارات وعُمان.. رؤى مشتركة تدعم أمن واستقرار المنطقة
خلقت دولة الإمارات وسلطنة عمان "أرضية مشتركة" يقف عليها البلدان في معالجتهما لملفات وأزمات المنطقة والعالم عبر الحلول الدبلوماسية.
وتعد الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين البلدين، فرصة لتعزيز التعاون وزيادة التنسيق بشأن معالجة مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
وتكتسب زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الحالية، إلى سلطنة عمان أهمية كبيرة كونها تأتي في توقيت مهم، يعاني فيه العالم أجمع جراء تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية.
زيارة تأتي أيضاً قبل حدثين مهمين على المستويين العربي والخليجي، هما القمة العربية المقررة في الجزائر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والقمة الخليجية الـ43 المنتظرة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ما يجعل المباحثات المرتقبة محطة مهمة على طريق تعزيز التضامن الخليجي والعربي.
وتترأس سلطنة عمان، الدورة المقبلة لمجلس التعاون الخليجي على مدار العام 2023، تزامنا مع استمرار عضوية الإمارات في مجلس الأمن للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي يضفي أهمية إضافة على التعاون بين بلدين لهما ثقلهما في المنطقة.
ويحرص البلدان على زيادة التقارب والتعاون والتكامل، سواء على الصعيد الثنائي أو الخليجي أو العربي، بما يحصن مصالحها الوطنية العليا ويحافظ على أمنها واستقرارها ويصون مكتسبات التنمية لديها.
وتجمع "رؤى مشتركة" الإمارات وسلطنة عُمان، تؤمن بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها، وتهدف إلى تعزيز مفهوم السلام وثقافته، وتعزيز علاقات حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والذي يُعد ركنًا أساسيا من أركان سياسة البلدين.
الأزمة الأوكرانية
وتجسيدا لتلك الرؤى والتوافقات، تتفق الإمارات وسلطنة عمان على أهمية حل الأزمة الأوكرانية الروسية سلميا، ويتخذان موقف الحياد الإيجابي من الأزمة، عبر عدم الانحياز لأي طرف، والدفع بحل دبلوماسي للأزمة.
وسبق أن أكدت الدولتان على ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وسيادة الدول وسلامة أراضيها.
الأزمة اليمنية
تتفق كل من الإمارات وسلطنة عمان أيضا على أهمية التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية، كما تدعمان الهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة منذ 2 أبريل/نيسان الماضي، ورحبتا بتجديدها مرتين متتاليتين حتى 2 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ورحبت دولة الإمارات في أغسطس/ آب الماضي بتمديد الهدنة في اليمن للمرة الثانية، وأثنت على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، للوصول لوقف دائم لإطلاق النار ثم حل سياسي للأزمة اليمنية بما يعزز السلام والاستقرار في هذا البلد والمنطقة.
وجددت دولة الإمارات التزامها بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني الشقيق ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار في إطار سياستها الداعمة لكل ما يحقق مصلحة شعوب المنطقة.
بدورها رحبت سلطنة عُمان بتمديد الهدنة لمدة شهرين إضافيين، وأعربت عن أملها في أن تؤسس هذه الخطوة لمباحثات موسعة برعاية الأمم المتحدة لضمان وقف إطلاق النار بشكل دائم وشامل ومعالجة كافة القضايا الإنسانية والاقتصادية والسياسية وبما يؤدي إلى تحقيق سلام مستدام في اليمن.
اتفاق السلام
ثمة توافق أيضا بين الإمارات وسلطنة عمان على أهمية دعم السلام مع إسرائيل، وفق ضوابط ومحددات تدعم وجود حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين.
وحينما وقعت الإمارات اتفاق السلام الإبراهيمي مع إسرائيل قبل عامين، كانت سلطنة عمان في طليعة الدول المرحبة بالسلام بين الجانبين.
وأعربت سلطنة عمان آنذاك عن تأييدها قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن العلاقات مع إسرائيل. وقالت وزارة الخارجية العمانية في بيان لها حينها إن السلطنة تأمل أن يسهم ذلك في تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط وبما يخدم تطلعات شعوب المنطقة في استدامة دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بأسباب التقدم والازدهار للجميع.
من جهتها، أكدت دولة الإمارات في أكثر من مناسبة دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وبينت أن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت.
وتدعم سلطنة عمان بدورها جهود السلام، وتؤيد أن تشمل مبادرات السلام الجانب الفلسطيني، بما يفضي إلى تحقيق تسوية نهائية ودائمة وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
مكافحة الإرهاب
تعمل الإمارات وسلطنة عمان على مكافحة كافة أشكال وصور التطرف والإرهاب، على أكثر من صعيد، فكلا البلدين عضو في التحالف العالمي لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وأعضاء في التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، وأعضاء في مركز استهداف تمويل الإرهاب، والذي يضم في عضويته دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة.
كما يوجد بالبلدين منظومة تشريعية تجرم الانضمام أو تقديم الدعم المادي أو الإيديولوجي للإرهابيين أو المنظمات المتطرفة.
وجنبا إلى جنب مع الجهود الأمنية الناجحة لمحاربة الإرهاب تتوافق رؤى البلدين على أهمية نشر التسامح، وتعزيز الاستقرار والسلام والازدهار في محاربة التطرف.
تلك الرؤى المشتركة عبر عنها البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية التي شارك فيها البلدان إلى جانب قادة ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والأردن ومصر والعراق، في 16 يوليو/ تموز الماضي.
وبحسب البيان الختامي "أكد القادة رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتطوير سبل التعاون والتكامل بين دولها، والتصدي المشترك للتحديات التي تواجهها، والالتزام بقواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل واحترام السيادة والسلامة الإقليمية".
كما جدد القادة "إدانتهم القوية للإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، وعزمهم على تعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنع التمويل والتسليح والتجنيد للجماعات الإرهابية من جميع الأفراد والكيانات، والتصدي لجميع الأنشطة المهددة لأمن المنطقة واستقرارها".