تختلف دولة الإمارات العربية المتحدة في معادلات القوة الإقليمية والدولية كثيراً عما كان عليه وضعها في السابق
تختلف دولة الإمارات العربية المتحدة في معادلات القوة الإقليمية والدولية كثيراً عما كان عليه وضعها في السابق، فقد أصبحت اليوم دولةً بالغة القوة والتأثير، بوعي قيادتها وتميّز تحالفاتها والتطور المذهل الذي تعيشه يوماً بيومٍ، والنموذج الذي تقدمه للعالم في هذه المرحلة من تاريخه.
فتحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يعمل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، على تطوير النموذج، على مستوى الحكومة، بوعي حاد وحرص مستمر على استشراف المستقبل وصناعة الحلول المبتكرة والجديدة لكل الإشكاليات التي يعاني منها العالم. إن الحرص على التطوير والتنمية والنجاح والابتكار والتميز ميزة مهمة، ولكن يتوازن معها الحفاظ على التراث والثقافة والأصالة وترسيخ القيم، وإن التمسك بالإسلام والدفاع عنه يتوازى مع الانفتاح والتعايش مع كل الأديان والثقافات والحضارات، وحين يفتخر العالم بالتواصل الحديث تفتخر الإمارات باحتضانها لجنسيات من حول العالم أكثر من تلك التي تعترف بها منظمة دولية بحجم الأمم المتحدة.
انتهت دولة الإمارات بالأمس القريب من «القمة العالمية للحكومات» في دبي، والآن انطلق معرض «أيدكس» الدولي للدفاع في أبوظبي، في تكاملٍ مستمرٍ ومتجددٍ وفاعلٍ، لبناء وتطوير «النموذج الإماراتي» الذي يمكن إضافته بسهولة لنماذج سبقته في التطوير الحضاري والسياسي والعسكري والاقتصادي، الذي مرت له نماذج متعددة في العصر الحديث، من مثل النموذج الياباني أو النموذج السنغافوري أو أمثالهما من النماذج حول العالم. إن الأفكار الواعية والرؤى الشاملة هي التي تصنع الفارق في حياة الأمم والشعوب، والدول والحكومات، وإن إيجاد الحلول الخلاقة للمشكلات الواقعية والإشكاليات الفلسفية، هي التي تدفع للنجاح والظفر أو للخسارة والهزيمة، وبقدر ما يمنحه الخيال وسعته من طموح واعٍ، بقدر ما يجب أن تحكمه الواقعية والعقلانية من اتزان حتى يمكن الظفر بنجاح مميز ونموذج فريد.
وجدت الإمارات حلها الخاص الذي يركز على التنمية بكل أبعادها ويعتمد في الوقت ذاته التطوير السياسي المتدرج، وهو حل نموذجي للعديد من الدول في المنطقة، وهو حل يمكن استشراف مستقبله بسهولة دون أي حاجة للقفز في المجهول، والنماذج التي سعت للقفز نحو الديموقراطية هي نماذج مخجلة ويمكن قراءة النموذج الأفغاني والنموذج العراقي في هذا السياق، وهما نموذجان غير ملهمين لأحد حول العالم.
وفي معادلة الأصالة والمعاصرة خلقت أيضاً حلّها الخاص، فالإمارات دولة مدنية عصرية بكل المقاييس، تعيش تسامحاً وتعايشاً منقطع النظير من كل الأديان والثقافات ومن كل الدول والأمم، ويجد الجميع فرصته بشرط الخضوع للقانون وعدم أذية الآخرين بأي شكلٍ من الأشكال، وفي الوقت عينه يتم إطلاق برامج متعددة تدخل في عمل الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الخيرية وغيرها تتعلق بتعليم النشء العادات الراسخة والتقاليد الموروثة والقيم المعروفة والأخلاق العالية، ليتم بناء على هذا التوازن المميز بناء أجيالٍ تقف على أرضٍ صلبةٍ في وعيها وثقافتها متطلعةً لأفق مستقبلٍ وضّاء.
وفي المجال العسكري، على سبيل المثال، فقد عرف الجيش الإماراتي بمشاركاته الفاعلة ضمن قوات الأمم المتحدة في أكثر من مكانٍ حول العالم، منها مشاركته في حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت، وكذلك في البوسنة وفي أفغانستان وغيرها، وقد توّج ذلك كله اليوم بالمشاركة الأكبر في «عاصفة الحزم» واستعادة الشرعية في اليمن ضمن «التحالف العربي»، وهي الدولة الثانية بعد السعودية في المشاركة الكاملة في دحر عملاء إيران في اليمن من ميليشيا «الحوثي» إلى أتباع المخلوع صالح، وقد بات النصر اليوم قريباً. أخيراً، فهذا هو «النموذج الإماراتي» في معادلات القوة والنجاح، وهو على تميزه يخضع دائماً للتطوير والتجديد.
نقلا عن / الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة