الإمارات تحاصر إرهاب الإخوان.. كشف مؤامرات ومخططات تنظيم «الهاربين»
دلالات عديدة مهمة حملتها تحقيقات النيابة الإماراتية التي كشفت عن تنظيم سري جديد بالخارج، شكله الهاربون من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي.
وكشفت التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة تحت إشراف النائب العام، وتم الإعلان عن بعض تفاصيلها، اليوم الجمعة، عن تنظيم سري جديد خارج الإمارات، شكله الهاربون من أعضاء تنظيم دعوة الإصلاح (جماعة الإخوان) المصنف إرهابيا في دولة الإمارات، المقضي بحله عام 2013، لإعادة إحياء التنظيم، وبهدف تحقيق ذات أغراضه.
ويعد هذا ثاني تنظيم سري لتنظيم "الإخوان الإماراتي" يتم الكشف عنه خلال العام الجاري بعد تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي، الذي أصدرت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة – حكما 10 يوليو/ تموز الماضي بإدانة 53 متهما من قياداته وأعضائه وست شركات مرتبطة به بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها 20 مليون درهم.
وتوالي الكشف عن تنظيمات سرية للإخوان بقدر ما يعكس إصرار التنظيم الإرهابي على التآمر ضد الإمارات ومحاولاته العبثية المستمرة لاستهداف استقرارها والنيل من إنجازاتها، فإنه يعكس أيضا:
- نجاح أمني إماراتي منقطع النظير في محاصرة التنظيم وكشف مخططاته وإحباط مؤامراته.
-الحرص على نيل عناصره العقاب العادل في ظل منظومة قضائية تتمتع بالاستقلال والمصداقية والعدالة وقادرة على التعامل مع أعقد القضايا وأكثرها حساسية بنزاهة وتجرد ووفق أعلى المعايير العالمية.
- الحفاظ على أمن واستقرار وازدهار الوطن.
تفاصيل التحقيقات
وكانت متابعة جهاز أمن الدولة للهاربين من مختلف إمارات الدولة، ممن صدرت ضدهم احكام غيابية عام 2013، قد أسفرت عن رصد مجموعتين من أعضاء التنظيم تلاقوا في الخارج، وآخرين استقطبوهم فانضموا إليهم وشكلوا تنظيما جديدا، وتلقوا أموالا من التنظيم في الإمارات ومن جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى خارج البلاد.
كما كشفت التحقيقات أن:
- التنظيم أقام تحالفات مع جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى، للعمل معها من خلال قطاعات إعلامية واقتصادية وتعليمية، سعيا إلى تقوية صلته بها، ولتوفير جانب من التمويل، وتثبيت وجود التنظيم، وتعزيز أدوات حمايته في الخارج، وتحقيق أهدافه.
- مجموعة التنظيم في إحدى الدول ارتبطت بالعديد من واجهات التنظيمات الإرهابية التي تتخذ شكل منظمات خيرية أو فكرية، وقنوات تلفزيونية، ومن أبرز ها مؤسسة قرطبة (TCF): المصنفة إرهابية في الدولة منذ عام 2014، والتي تتخذ مظهر مؤسسة “فكر” شرق أوسطية، ويديرها القيادي بجماعة الإخوان الإرهابية أنس التكريتي، المقيم بالخارج، والذي كان له دور كبير في تنظيم العديد من التظاهرات أمام سفارات البلاد، ومقار المنظمات الدولية.
- أعضاء التنظيم الهاربون تواصلوا فيما بينهم في اجتماعات تنظيمية سرية عبر تطبيقات على شبكة الإنترنت، وفى زيارات متبادلة بين أفراد المجموعتين.
اعترافات خطيرة
وتم القبض على أحد أعضاء التنظيم بالخارج، وقد تضمنت اعترافاته الكشف عن بيان هيكل التنظيم ونشاطه، وأدوار أعضائه.
وقد تبين من الاعترافات أن التنظيم كان يستهدف:
- تهديد استقرار الدولة.
- قيادة حملات التشويه وخطاب الكراهية.
- التشكيك في مكتسبات الدولة.
- بث الفتنة بين أبناء الوطن.
- تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
- إثارة الرأي العام عبر الإنترنت على صفحات إلكترونية وحسابات وهمية أنشأوها لهذا الغرض.
جرائم جديدة
ولتحقيق تلك الأهداف الخبيثة، لجأ أعضاء التنظيم إلى ارتكاب جرائم من بينها:
- التعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية بهدف زعزعة أمن الدولة، والتحريض ضد مؤسساتها الرسمية، ومهاجمتها في مجال حقوق الإنسان، لإضعافها وهز ثقة المجتمعات فيها.
- جانب من أعضاء التنظيم تكفلوا بالتواصل المباشر مع المنظمات الحقوقية والدولية المعنية بحقوق الانسان، وإمدادها بمعلومات كاذبة ضد سلطات الدولة لتضعها ضمن تقاريرها السلبية ضد دولة الإمارات.
- تنظيم العديد من المظاهرات أمام سفارات الدولة ومقار المنظمات الدولية.
مفاجآت مرتقبة
ويباشر فريق من أعضاء النيابة العامة حاليا تحقيقات مكثفة لكشف الحقيقة بشأن بعض التفاصيل التي تضمنها اعتراف المتهم المقبوض، وتحريات جهاز أمن الدولة.
ومن المتوقع أن تعلن النيابة العامة عن تفاصيل هذا التنظيم الإرهابي وجرائمه عقب الانتهاء من التحقيقات.
خطورة التنظيم
ما كشفته تحقيقات النيابة يؤكد مجددا خطورة تنظيم الإخوان الإرهابي، سواء من حيث آليات عمله أو أهدافه أو مخططاته ومؤامراته أو من حيث إصراره على استهداف الدولة، عبر مختلف الوسائل منها:
- لجوء الهاربين من التنظيم في الخارج إلى التواصل وتنظيم صفوفهم إعادة إحياء التنظيم وتحقيق نفس أهدافهم الخبيثة.
- لجوء أفراد التنظيم إلى استقطاب عناصر آخرين للانضمام لهم.
- التحالف مع جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى، للعمل معها.
- حرص التنظيم على العمل من خلال قطاعات ومجالات عدة منها إعلامية واقتصادية وتعليمية وحقوقية وخيرية لتحقيق أهدافه.
نجاح أمني منقطع النظير
خطورة ما تم الكشف عنه يعكس في الوقت نفسه النجاح الأمني الإماراتي في الكشف عن تلك الجرائم والمؤامرات.
وكانت متابعة جهاز أمن الدولة للهاربين من مختلف إمارات الدولة، ممن صدرت ضدهم أحكام غيابية عام 2013، قد أسفرت عن الكشف عن تحركات ومخططات ومؤامرات التنظيم السري الجديد.
وكان المتهمون الهاربون قد أدينوا بتهمة إنشاء تنظيم سري يهدف إلى محاولة الاستيلاء على الحكم، ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها.
وكانت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في 2 يوليو/تموز 2013 حكمها في قضية التنظيم السري غير المشروع.
وحكمت المحكمة بإنزال العقوبة القصوى البالغة 15 عاماً سجناً بـ8 متهمين هاربين، ومعاقبة 56 متهماً حضورياً بـ10 أعوام سجناً مع مراقبتهم لمدة 3 سنوات بعد تنفيذ العقوبة، ومعاقبة خمسة متهمين بالسجن 7 سنوات، كما نص الحكم على براءة 25 متهماً بينهم 13 امرأة، ما يعني تبرئة كل متهمات التنظيم النسائي .
وكانت هذه القضية قد استأثرت آنذاك باهتمام محلي وإقليمي ودولي منذ الإعلان عن إحالة المتهمين إلى القضاء بتهمة محاولة الاستيلاء على الحكم، ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، والإضرار بالسلم الاجتماعي، إذ كشفت التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين للنيابة العامة، عن وجود مخططات تمس أمن الدولة، إضافة إلى ارتباط التنظيم وأعضائه بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تمت إحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي الذين أدينوا في القضية نفسها لمحكمة أمن الدولة بجريمة «إنشاء تنظيم سري آخر» حمل اسم " تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"، بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وفي 10 يوليو/ تموز الماضي ، قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة - بإدانة 53 متهما من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، و6 شركات في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة، المعروفة إعلاميا (بقضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي)، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها 20 مليون درهم، وفقا لما يلي:
ارتباط كلا التنظيمين (تنظيم العدالة والكرامة – تنظيم الهاربين) الذين تم الكشف عنهما خلال العام الجاري بالقضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة، والذي صدر أحكام بشأن في 2 يوليو/تموز 2013، إلا أن الجرائم الجديدة التي تمت محاكمة تنظيم العدالة والكرامة بشأنها أو الجاري التحقيق فيها في "تنظيم الهاربين" هي جرائم مغايرة للجرائم التي سبق محاكمتهم عنها في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
توالي الكشف عن تلك الخلايا السرية في الداخل والخارج يكشف بشكل جلي حرص السلطات المعنية في الإمارات على حفظ أمن الدولة، والبحث والتدقيق الدائمين والمستمرين على أي محاولات للمساس بأمن الدولة، ولاسيما إذا كان يقف وراءها أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي.
أيضا يكشف ذلك عن نجاح دولة الإمارات في حماية أمنها وسيادتها واستقرارها والحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين فيها وأمنهم، وأنها لن تتوانى عن متابعة كل من يحاول استهداف أمنها واقتصادها وسلامة مواطنيها.
كما تأكد أن جرائم الإرهاب لا تسقط بالتقادم، وأن الجريمة مهما مر الوقت عليها وحاول مرتكبها إخفاءها لا بد أن يحاسب، ولا سيما إذا كانت جريمة تمس أمن الدولة.
أيضا كشفت التحقيقات في كلتا القضيتين عن وجود فرق متكاملة تعمل على مكافحة الإرهاب داخل الإمارات تضم أكثر من جهة، الأمر الذي ساعدها على محاصرة التنظيم الإرهابي، وكشف جرائمها بأدلة دامغة تضمن اعترافات وإقرارات للمتهمين توافقت مع تحريات جهاز أمن الدولة.
جهود متكاملة سبق أن توجت باحتفاظ دولة الإمارات للسنة الرابعة على التوالي على مكانتها ومركزها الأول في مؤشر الإرهاب العالمي، حيث تعتبر من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة.
كما تعد دولة الإمارات من أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر ونشر نتائجه في يناير/كانون الثاني الماضي.
تجربة فريدة
وتملك دولة الإمارات تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب، حرصت خلالها على أن تكون الوقاية والتعاون الدولي نهجاً لسياستها، واتخذت تدابير تمنع التطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف.
وأصدرت دولة الإمارات العديد من القوانين والتشريعات وتبنت العديد من الخطط والاستراتيجيات والمبادرات والبرامج الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
كما تقوم الإمارات بجهود كثيرة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الرسائل التي تؤدي إلى التطرف، وأطلقت عدة مبادرات رائدة في هذا الصدد منها ووثيقة الأخوة الإنسانية، وتشييد "بيت العائلة الإبراهيمية".
ورغم جهود الإمارات الدائمة والمستمرة لمحاكمة كل من يحاول الإخلال بأمن البلاد والكشف عن جرائمهم، فإن الطريق مفتوح دائما لعودة المغرر بهم من حاضنة الإرهاب إلى رحابة الاعتدال، ومن أوكار الإخوان إلى أحضان الوطن متى ما توفرت النوايا الصادقة للتوبة والإقرار بالخطأ والرجوع إلى الحق، والعفو متاح دائماً لمن يعود إلى الثوابت الوطنية والدفاع عن مصالح الدولة والحفاظ عليها، ويعلن توبته من الفكر الضال.
وهذا ما حدث بالعفو عام 2019 عن القيادي السابق بتنظيم الإخوان الإرهابي، عبدالرحمن بن صبيح السويدي، بعد إدانته في قضية "التنظيم السري" في البلاد.