الإمارات والبرازيل.. علاقات تاريخية وشراكة استراتيجية راسخة
يسعى القادة الإماراتيون والبرازيليون منذ بدء العلاقات لتغدو ذات أبعاد مستقبلية شاملة بمضامينها وبمرتكزات استراتيجية خلاقة
ترتقي العلاقات الإماراتية البرازيلية عاماً بعد آخر في مختلف المجالات؛ حيث يحرص قادة الدولتين على توطيدها باتجاه الأرقى، وعلى أعلى المستويات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية.
- توقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" بقنصلية الإمارات في البرازيل
- رئيس الإمارات ونائبه ومحمد بن زايد يهنئون رئيس البرازيل بفوزه بالانتخابات
ومنذ بدء العلاقات الدبلوماسية رسميا بين الدولتين عام 1974م، يسعى القادة الإماراتيون والبرازيليون لتغدو ذات أبعاد مستقبلية شاملة بمضامينها وبمرتكزات استراتيجية خلاقة، لترسيخ دعائم الشراكة بين البلدين.
العلاقات التي تمتد لأكثر من 4 عقود دفعت قادة الدولتين للعمل معا للارتقاء بها، حتى بات البلدان يلتقيان معاً في العديد من الشراكات الاستراتيجية التي تصب في مصلحة الطرفين.
وتتميز العلاقات الثنائية الإماراتية البرازيلية بأنها تاريخية، ومتطورة باستمرار، وبدأت رسميا بين الدولتين في 26 مايو/أيار عام 1974.
وافتتحت سفارة جمهورية البرازيل في أبوظبي عام 1978م، في حين افتتحت الإمارات سفارتها في العاصمة برازيليا عام 1991، لتكون بذلك أول سفارة إماراتية في أمريكا الجنوبية، كذلك افتتحت قنصلية إماراتية في ساو باولو أكتوبر/تشرين الأول عام 2013.
وعلى مدار العقود الماضية، تمكنت الإمارات من إخراج علاقتها مع البرازيل من الطابع الرسمي، وإلباسها ثوب العلاقات الاجتماعية والشعبية، وهو ما أسهم كثيراً في تنويع العلاقة بين الطرفين، وعدم اقتصارها على الجانبين السياسي والرسمي.
وخلال هذه الفترة، سعى قادة البلدين إلى تعزيز وإقامة شراكات استراتيجية استثمارية جديدة، لا سيما أن الإمارات تعد ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في الشرق الأوسط منذ 2008، الأمر الذي يدل على مدى رسوخ وعمق العلاقة بين الطرفين.
كما تسبب وجود موانئ دبي العالمية في فتح العديد من البوابات البحرية لأمريكا اللاتينية، ما أدى لتعزيز حركة التجارة الصادرة والواردة، وبالتحديد البرازيل التي تعد واحدة من مجموعة العشرين الكبار حول العالم.
عمق العلاقات التاريخية بين الدولتين جعل بينهما الكثير من القواسم المشتركة على المستويات كافة، فالبرازيل تنتهج تقريبا نفس مبادئ الإمارات الخارجية، حيث تستند سياستهما الخارجية عموما إلى مبادئ التعددية وسلمية تسوية المنازعات، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والدبلوماسية الهادئة، بجانب تقديم المساعدات للبلدان النامية.
زيارات متبادلة
علاقات الدولتين تطورت منذ عام 2000 على الجوانب الاقتصادية والسياسية كافة، بعد سلسلة من الزيارات المتبادلة.
وشهدت السنوات الماضية العديد من الزيارات المتبادلة بين كبار مسؤولي البلدين، ومن أهم هذه الزيارات التي عكست قوة وتطور العلاقات الثنائية في مختلف المجالات زيارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في أبريل/نيسان 2014، وزيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في 16 مارس/آذار 2017.
بالمقابل، استقبلت دولة الإمارات العربية المتحدة عددا من كبار المسؤولين البرازيليين، وعلى رأسهم نائب رئيس البرازيل ميشيل تامر، الذي زار الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وزيارة جواو كارلوس ميريليس، وزير الطاقة والتعدين في ساو باولو، للمشاركة في أسبوع أبوظبي للاستدامة في يناير/كانون الثاني 2017.
وتعد زيارة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو لدولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم السبت، تتويجا لسلسلة من الزيارات بين قادة ومسؤولي الدولتين، أسهمت بشكل كبير في تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية.
وتطورت العلاقات الدبلوماسية بين قادة البلدين على مدار العقود الأربعة الماضية، أعقبتها علاقات اقتصادية أعمق، أسهمت بشكل كبير في تعزيز الروابط، خاصة أن الإمارات أصبحت منذ عام 2008 ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في الشرق الأوسط.
وتعد العلاقات الاقتصادية بين البرازيل ودولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا في التكامل، الأمر الذي يظهر إمكانية كبيرة للتعاون في العديد من قطاعات التجارة والاستثمار التي لا تزال غير مستكشفة أو متطورة جزئياً فقط.
مكافحة الإرهاب
وعلى صعيد مكافحة الإرهاب، فإن تعاونا كبيرا جرى بين الجانبين اللذين لطالما أكدا معا أهمية محاربة الإرهاب والتطرف وضرورة تعزيز التعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، خلال لقائه وزير الخارجية البرازيلي في مارس/آذار 2019 في العاصمة برازيليا، ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي ضد الإرهاب والتطرف، واستخدام التحريض والكراهية، وضرورة العمل معاً بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو العرق.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن "دولة الإمارات تحترم القانون الدولي وسيادة الدول والقيم الإنسانية".
شراكة استراتيجية
كما ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية البرازيل بعدد من الاتفاقيات، ومذكرات التفاهم النافذة والتي من أهمها اتفاقية التعاون الاقتصادي، والتجاري والصناعي والتقني ومذكرة تفاهم بشأن تقديم خدمات النقل الجوي.
بجانب مذكرة تفاهم حول المشاورات السياسية ومذكرة تفاهم بين هيئة الأوراق المالية والسلع وهيئة البورصات والأوراق المالية البرازيلية، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الرياضة وأخرى حول الإعفاء المتبادل على دخل الناقلات الجوية العاملة في النقل الجوي الدولي، ومذكرة تفاهم لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة الرسمية.
وتستند الإمارات والبرازيل إلى قدم علاقتهما لتكون منطلقا لتوطيد أواصر الصداقة، وتعزيز التعاون في المجالات كافة من خلال توقيع المزيد من اتفاقات التعاون، وزيادة الزيارات المتبادلة على المستويين الرسمي والشعبي، خاصة بعد إلغاء التأشيرات لمواطني البلدين، لتشكيل مستقبل مشرق.