ضربة إماراتية قوية للإخوان.. خبراء يرصدون لـ«العين الإخبارية» الأسباب والتداعيات
ضربة موجعة تلقاها تنظيم الإخوان الإرهابي على يد السلطات الإماراتية، بإحالة 84 متهما من أعضاء التنظيم إلى المحاكمة.
فقد أحال المستشار الدكتور حمد الشامسي، النائب العام لدولة الإمارات العربية المتحدة، 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي لمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية "محكمة أمن الدولة" لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري، بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الإمارات، كما أمر النائب العام، بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة، مع ندب محام للحضور مع كل متهم.
المتهمون الـ84 كانوا قد أخفوا وأتلفوا أدلة انتمائهم للتنظيم الإرهابي، قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم 17 لسنة 2013 "جزاء أمن الدولة"، وبناء على معلومات وتحريات كافية؛ أمر النائب العام الإماراتي بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة.
وبعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق، وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة، والتي ما زالت جارية حتى الآن.
وحول تأثير تلك الخطوة على تنظيم جماعة الإخوان في دولة الإمارات في ظل الظروف العالمية والمحلية، استطلعت "العين الإخبارية"، آراء خبراء في الإسلام السياسي.
من جانبه، قال ماهر فرغلي الكاتب والباحث المصري في شؤون الإسلام السياسي، إن إحالة النائب العام الإماراتي لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية هي خطوة صحيحة في طريق مواجهة خطر الجماعة في الخليج والعالم العربي التي بدأت في عام 2012، والمستمرة حتى اللحظة.
وأكد أن التنظيم لم يكف عن محاولات ارتكاب جرائم عنف للانتقام من الإمارات حكومة وشعباً.
أدلة جديدة لجرائم قديمة
وعن دلالات إحالة عدد من عناصر الجماعة للمحاكمة، قال فرغلي إنه "يجب توضيح أمر هام للغاية؛ وهو أن كثيرا من المحالين للمحاكمة الجديدة هم في الأساس من الذين يقضون عقوبات صدرت بحقهم عام 2013 في القضية المعروفة برقم 17".
وأضاف "الجديد أن السلطات الأمنية اكتشفت أن هناك اتهاما خطيرا لم يتهموا به وقتها، بعد إتلافهم الأدلة وإخفائها، وهو تكوين تنظيم آخر للقيام بأعمال إرهابية، ومن ثم قدمتهم للمحاكمة بعد تحريات استمرت 6 أشهر".
وأشار إلى أن قرار الإحالة الأخير مرتبط بشكل وثيق بالقضية رقم 17 لسنة 2013، التي ثبت فيها أن المتهمين أسسوا وأداروا تنظيماً يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الإمارات والاستيلاء عليه.
وأوضح أن التنظيم اتخذ مظهراً خارجياً وأهدافاً معلنة، هي دعوة أفراد المجتمع إلى الالتزام بالدين الإسلامي وفضائله، بينما كانت أهدافهم غير المعلنة الوصول إلى الاستيلاء على الحكم، وقد خططوا لذلك خفية في اجتماعات سرية عقدت في منازلهم ومزارعهم وأماكن أخرى، حاولوا إخفاءها وإخفاء ما يدبرونه خلالها عن أعين السلطات المختصة.
مواجهة قانونية بروح إنسانية
وقال فرغلي إن "تنظيم الإخوان وجد في الإمارات ملاذا آمنا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بعد أن خدعوا المجتمع الخليجي الذي تعاطف معهم وصدق أنهم مظلومون ولا يريدون سوى العمل الدعوي، ثم تبين لاحقاً كذب هذا الادعاء وأنهم مخربون إرهابيون، تآمروا على الدولة التي قدمت لهم المساعدة وآوتهم ومنحتهم فرصة لتكوين إمبراطورية مالية وتنظيمية، وهنا بدأت الإمارات في تصحيح الخطأ، وواجهت المؤامرات الإخوانية بشجاعة وانتصرت في النهاية".
وشدد فرغلي على أن مواجهة الإمارات لتنظيم الإخوان الإرهابي تميزت بالإطار القانوني المنضبط المغلف بالروح الإنسانية.
وقال إنه "رغم أن عناصر الجماعة تآمروا على سلامة دولة الإمارات، إلا أن القيادة السياسية أوصت خيرا بأسرهم، وقدموا لهم كافة المساعدات ليعيشوا حياة كريمة، وقد صرح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بأن العقوبة على الأشخاص وليست على الأسر، كما سمحوا لمن تراجع عن موقفه بإعادة الدمج بالمجتمع الإماراتي".
عقيدة الإخوان السرية
وحول إتلاف أدلة التنظيم الموازي الذي تم اكتشافه مؤخرا، قال فرغلي إن تنظيم الإخوان الإرهابي يعمل دائما بشكل سري، حتى في الدول التي تسمح لهم بالعمل تحت مظلة قانونية، فالسرية عقيدة لديهم، لأنهم دائما ما يعلنون خلاف ما يبطنون وأن لهم دائما أغراضا خفية وغير مشروعة.
وأضاف أنه "من الواضح ومن تحريات أجهزة الشرطة الإماراتية التي تتميز بالمهنية والدقة، أن ثمة تهما لم توجه لهم بعد إتلافهم عن عمد الأدلة على تورطهم للتخطيط لعمليات إرهابية وقتها".
خطر الإخوان عميق
ومن جانبه، أكد أحمد سلطان الكاتب والباحث المصري أن جريمة تنظيم الإخوان في الخليج أعمق بكثير من مجرد الانتماء لتنظيم دولي، فجريمتهم الكبرى هي عداؤهم للدولة الوطنية، والعمل على تقويضها وتفكيكها، وإضعافها ليسهل عليهم الاستيلاء عليها وضمها ضمن مشروعهم للفوضى في المنطقة.
وثمن سلطان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، السياسة الإماراتية لمكافحة تنظيم الإخوان الإرهابي، قائلاً "إن ما تقوم به دولة الإمارات من ملاحقة عناصر التنظيم قضائيا وقانونيا وبصورة علنية هي خطوة صحيحة لتجفيف منابع الجماعة ولقطع الطريق على التنظيم للتشكيك في الإجراءات المتخذة ضدهم".
وأكد أن الجماعة وتنظيمها الدولي تلقيا ضربة قوية عندما قامت الإمارات بإلقاء القبض على قرابة 95 شخصا ينتمون للجماعة الإرهابية عام 2013، بتهم إنشاء تنظيم يهدف إلى الاستيلاء على الحكم، والتواصل مع جهات أجنبية للإساءة إلى سمعة الدولة والتنسيق مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بهدف التمويل.
استحالة العودة
وقال سلطان: "تفكك التنظيم بشكل واضح، وفقد التنظيم والجماعة فرعهما في الإمارات قبل 10 سنوات، فقد كان الفرع يوفر للجماعة محفظة مالية قوية عبر مصرفيين ينتمون للجماعة ويعملون في بنوك دولية، ففقدوا فرعا قويا متمركزا في منطقة الخليج كان يحرك الأحداث، وبسبب تلك الضربة عادى الإخوان الإمارات شعبا وحكومة".
وأضاف أن "إعادة محاكمة بعض العناصر وبعد عدة سنوات وبعد ظهور أدلة كانوا أخفوها أو أتلفوها يؤكد استمرار دولة الإمارات في طريقها لمكافحة الجماعة"، معتبرا أن الإحالة الأخيرة "تقضي على أمل الجماعة في العودة للمشهد، وأن عودة التنظيم للإمارات بات محكوما عليها بالفشل التام".
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4yNDQg جزيرة ام اند امز