هذا المشهد يعيدنا مباشرة إلى ما قبل عام 2013، وإلى ما قبل محاكمة أعضاء التنظيم السري غير المشروع.
مرة، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى ضرورة تفعيل المرسوم بقانون الرقم 2 لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية، وذلك عبر رصد المخالفين والإبلاغ عنهم نحو تطبيق القانون وتحقيق أغراضه.
في الأفق نفسه تبدو الحاجة ماسّة إلى احترام وتفعيل جميع الأنظمة والتشريعات الخاصة بالجرائم الإلكترونية وجرائم تقنية المعلومات، ولا علاقة لذلك بقضية الحرية التي نطالب بالمزيد منها، ففي محتوى الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي ما هو ضد الحرية والحوار، وما يضرب عرض الحائط بمبادئ الحرية والحوار والمسؤولية، وصولاً إلى واقع عجائبي وغرائبي لهذه الجهة، اختلط فيه الحابل بالنابل، بين الدعوات الباطلة والتحريض وبث الفتن، بل أبعد من ذلك، الإساءة إلى الرموز والنَّيل من هيبة الدولة، فمن يخدم هؤلاء غير الإرهاب وتنظيماته؟
هي أبعد من «خلايا نائمة» في وطن حقق التنمية على نحو نادر غير مسبوق، وواجه الإرهاب داخلياً وخارجياً بسياسة حكيمة متوازنة، وتصدى لبذور التطرف عبر تقديم حتى من حاول الالتحاق بتنظيم «داعش» الإرهابي وغيره إلى محاكمة علنية عادلة.
هم، للأسف، حاضرون ويؤدون أدواراً بعضها ينبئ، بشكل أو بآخر، عن بيعة خارجية، وإلا فكيف يجرؤ بعضهم على كتابة أو إعادة تغريدات وتدوينات مسيئة لدولة الإمارات الغالية؟ دولة الإمارات وطناً وقيادة وشعباً؟ لا يدخل الموضوع المطروح هنا في عنوان الحرية، فنحن، في الوقت نفسه، ندعو إلى المزيد من الحرية والمزيد من التشريعات والقوانين التي تحمي الحرية وتدعمها، لكن لا لحرية مكذوبة تحاول زعزعة الأمن والاستقرار وحياة الناس.
بعض هذا المشهد يعيدنا مباشرة إلى ما قبل عام 2013، وإلى ما قبل محاكمة أعضاء التنظيم السري غير المشروع. كانت بعض التغريدات والتدوينات في تلك المرحلة تبث من قبل أصحابها، والغاية نوع من «جس النبض»، ومعرفة وقياس الآثار وردود الفعل. كان الصمت الرسمي حيالها لافتاً لمن لا يعرف يقظة جهاز أمن الدولة وغيره من المؤسسات المعنية، فيما كانت تلك مرحلة التحري وجمع الأدلة لمن شملتهم المحاكمة، والإدانة بعد ذلك.
طريقة مواجهة تلك المحنة أثبتت تآزر مؤسسات الدولة وشعب الإمارات العزيز الكريم، فقد كان الموقف موحداً، وكان الصوت واحداً. لا مكان في الإمارات لمتخاذل أو خائن، ولا شيء ضد المتهمين والمدانين في أشخاصهم، فقد حوكمت التوجهات والسلوكيات والأفعال، ولعل العفو الرئاسي عن عبدالرحمن بن صبيح بعد عودته إلى أحضان وطنه يحمل الإشارات الدالة المقصودة.
فماذا عمّن يستمر في نشر أكاذيبه وإساءاته أمس واليوم غير مكترث بالقوانين المرعية، بدءاً من ازدراء الأديان والمذاهب، مروراً بقذف وسب الأبرياء (حتى قذف وسب غير الأبرياء مذموم ومجرم، لأن المسؤولية مسؤولية الدولة لا الأشخاص)، وصولاً إلى التطاول على الرموز ومحاولة النَّيل من هيبة الدولة؟
المسألة أحوج ما تكون إلى ضبط، وببساطة شديدة، لا فائدة من قوانين لا تُفعّل ولا يلجأ إليها المتضررون، ومن هنا أهمية وعي ضرورة التفعيل. إن ترك التشريعات القوية والرادعة جانباً يفقدها، مع مرور الأيام، صفتي القوة والردع.
هي أبعد من «خلايا نائمة» في وطن حقق التنمية على نحو نادر غير مسبوق، وواجه الإرهاب داخلياً وخارجياً بسياسة حكيمة متوازنة، وتصدى لبذور التطرف عبر تقديم حتى من حاول الالتحاق بتنظيم «داعش» الإرهابي وغيره إلى محاكمة علنية عادلة.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة