المعاهدة حققت اختراقاً نوعياً للحفاظ على عملية السلام الغائبة، فدولة الامارات لا تبحث عن دور إقليمي مستقل.
نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم نموذج للدبلوماسية الملهمة إقليميا وعالميا، وبتحقيق سمعة استثنائية غير مسبوقة لشعوب وحكومات دول المنطقة والعالم أجمع، عبر فاعليتها وتفوقها في كسب مكانة متقدمة لها انعكاسات تنموية واقتصادية واستثمارية. وعلى مستوى المنطقة سجلت دولة الإمارات وقفات مشرفة لصالح قضايا المنطقة لاسيما القضية الفلسطينية على مدى السنوات الماضية، من خلال رفضها التام لسياسة الاستيطان الإسرائيلي ومعارضة الخطط الإسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية، ودأبت سياسة الإمارات الخارجية على التأكيد على محورية القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية والإقليمية، وجددت الدعوة إلى وضع حد للانتهاكات بحق الفلسطينيين، وعبرت عن تمسكها التام بقرار مجلس الأمن بتجريم الاستيطان ودعت لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
الإمارات كانت وماتزال من أوائل الدول الرافضة لقرارات اقتطاع الأراضي الفلسطينية، وسعت للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن رؤية الإمارات وهي إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، جعلها تستثمر قوتها الناعمة من خلال قرار شجاع، وتقديم نموذج مشرف غير مسبوق للسلام والاستقرار في المنطقة، من خلال توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، والتي جاءت نتاج حصيلة قراءة متأنية للواقع العربي المتصدع، وبعد دراسة عميقة لمعادلات ومعايير داعمة للقضية الفلسطينية.
المعاهدة حققت اختراقاً نوعياً للحفاظ على عملية السلام الغائبة، فدولة الامارات لا تبحث عن دور إقليمي مستقل، بل تحرص على حماية الحقوق العربية والعمل المشترك ضمن مبادرة السلام العربي. المعاهدة توقف الضم فورا، وتثبط على أي احتمالات للتصعيد، وتحافظ على قابلية حل الدولتين على النحو الذي أقرته جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي، كما تخلق المعاهدة إمكانيات جديدة في عملية السلام وتعزز استقرار دول الإقليم والمنطقة.
من خلال هذي المعاهدة تتشارك الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بوجهة نظر واحدة في ما يتعلق بالتهديدات والفرص في المنطقة، فضلاً عن الالتزام المشترك بتعزيز الاستقرار من خلال المشاركة الدبلوماسية، وزيادة التكامل الاقتصادي، والتنسيق الأمني. وبفضل جهود من دولة الإمارات، ستتوقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية جديدة كانت ستحرم الفلسطينيين من حلم دولتهم.
على مدى سبعين عاما عاش الفلسطينيون أيامًا عصيبة، وتلك الأيام أثبتت أن التواصل والمفاوضات أفضل من الانقطاع، حيث حرصت الإمارات دوما على الإبقاء على جسور التواصل مفتوحة خدمة للقضية الفلسطينية. وهي أحد الأطراف التي تعمل بصدق وشفافية مع العرب جميعا والمجتمع الدولي المعني بالقضية الفلسطينية، وستبقى دولة الإمارات داعماً قوياً للشعب الفلسطيني ولكرامته وحقوقه ودولته ذات السيادة.
كان قرار إسرائيل بضم أراضٍ فلسطينية مقلقا لكافة دول العالم وكان سينهي أي فرصة للسلام، حتى تدخلت الدبلوماسية الإماراتية وأوقفت تلك الخطوة، وذلك يؤكد حكمة القيادة الإماراتية في وضع فرص جديدة للاستقرار الأمني ونبذ خطاب العنف والكراهية، والدعوة قولا وعملا للتعايش السلمي الذي تبنته الدبلوماسية الإماراتية من خلال معادلة نجاح صعبة عبر سياسة خارجية حكيمة نشطة، متمثلة بالاعتدال والاتزان والشفافية في العلاقات الدولية، جعلتها تتربع على مكانة إقليمية ودولية رائدة، وغدت ذات دور فاعل في المجتمع الدولي في دعم الاستقرار والأمن والاقتصاد ومكافحة الإرهاب وكسب التأييد العالمي، ونقل وجهة النظر الرسمية حول أهم القضايا الإقليمية والدولية، ومناقشة الأبعاد والحلول لها وترسيخ القوة الناعمة لدولة الإمارات من خلال استخدام الإمكانات الوطنية في التأثير الإيجابي وإدارة الأزمات بكفاءة عالية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة