الإمارات تحول التحديات البيئية إلى فرص تنموية
دولة الإمارات تشهد نمواً متسارعاً في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة وإقبالاً ملحوظاً على الاستثمار في المدن المستدامة والأبنية الخضراء
سارعت دولة الإمارات إلى اتخاذ عديد من الإجراءات الاستباقية للتصدي لظاهرة التغير المناخي، ونجحت في تحويل تحدياتها إلى فرص تنموية مبتكرة تسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي والنمو المستدام.
وتشهد دولة الإمارات نمواً متسارعاً في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، وإقبالاً ملحوظاً على الاستثمار في المدن المستدامة والأبنية الخضراء، بالإضافة إلى الزيادة المطردة للمساحات الخضراء والعناية بالمحميات الطبيعية، وغير ذلك من الجهود والإنجازات.
وبمناسبة "ساعة الأرض" التي يحييها العالم، السبت المقبل، في تمام الساعة 8:30 مساءً، يرصد هذا التقرير أبرز الجهود التي اتخذتها الإمارات لحماية البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي، خاصة في ظل التوقعات المناخية التي تشير إلى ارتفاع المعدل السنوي لدرجة الحرارة في دولة الإمارات بواقع 1,5 إلى 2 درجة تقريباً بحلول عام 2040.
يعد قطاع الطاقة هو أحد أهم القطاعات تأثيراً في تغير المناخ، ووفقاً للبيانات المتوفرة فإن مساهمة قطاع الطاقة، بما في ذلك إنتاج الكهرباء، واستخراج وتكرير النفط، وتحلية المياه والصناعات التحويلية والنقل، تمثل نحو 80% من إجمالي الانبعاثات على المستوى الوطني.
وانطلاقاً من هذه الأهمية، حرصت دولة الإمارات على الاهتمام بصورة خاصة بهذا القطاع، وشكّل إنشاء شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" في عام 2006، نقطة تحول رئيسية في سياسة تنويع مصادر الطاقة التي تنتهجها دولة الإمارات، وفي تعاطيها مع مسألة الاستدامة بشكل عام، وتغير المناخ بشكل خاص.
ودشّنت الإمارات مشروع "شمس 1" في شهر مارس/آذار من عام 2013 في أبوظبي، وهو أول مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة في دولة الإمارات، وأكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية المركزة في العالم، بقدرة إنتاجية تبلغ 100 ميجاوات، تلاها افتتاح محطة "نور 1" بذات القدرة الإنتاجية، فيما تجري الاستعدادات للبدء بإنجاز محطة جديدة في أبوظبي بطاقة إنتاجية تبلغ 350 ميجاوات.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه "2013"، دشن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، المشروع الأول من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تبلغ 13 ميجاوات، وفي شهر مارس/آذار 2017، دشن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عملية تشغيل المرحلة الثانية من المجمع بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ميجاوات.
وأسهمت مشاريع الطاقة المتجددة التي نفذتها الإمارات على الصعيد الوطني والعالمي، إلى خفض كلفة الإنتاج بصورة ملحوظة، فسجلت رقماً عالمياً جديداً عند 2.42 سنت للكيلوواط/ساعة، وهو إنجاز مهم سيعزز فرص انتشار تقنيات الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي.
وفي ضوء النجاحات التي حققتها على صعيد الطاقة، أطلقت الإمارات في شهر يناير/كانون الثاني 2017 "استراتيجية الإمارات للطاقة 2050"، وهي أول استراتيجية موحدة للطاقة في دولة الإمارات، على جانبي الإنتاج والاستهلاك، إذ توازن بين الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في كل القطاعات.
ويعد الاقتصاد الأخضر أحد أهم مسارات التنمية المستدامة في دولة الإمارات الذي يعزز النمو الاقتصادي مع المحافظة على قاعدة الموارد الطبيعية وتوسيعها.
وأطلقت الإمارات في عام 2012 استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء التي توزعت على 6 مسارات وهي: مسار الطاقة الخضراء، مسار الاستثمار الأخضر، مسار المدن الخضراء، مسار التغير المناخي، مسار الحياة الخضراء، ومسار التكنولوجيا الخضراء.
وفي عام 2015، اعتمد مجلس الوزراء آلية تنفيذ الاستراتيجية والأجندة الخضراء لدولة الإمارات 2015-2030، التي تم إعدادها بعد دراسات واجتماعات وورش عمل، شاركت فيها مختلف الفعاليات التنموية في القطاعين الحكومي والخاص.
ويمثل النمو المستمر في قطاع النقل البري بدولة الإمارات أحد أهم التحديات البيئية؛ نظراً لما خلفته الزيادة المطردة والسريعة في عدد المركبات بدولة الإمارات من تأثيرات سلبية، وتحديات بارزة على أكثر من صعيد، من بينها زيادة مستويات التلوث في المدن والمراكز الحضرية، وزيادة النفايات الخطرة وغير الخطرة، وزيادة مستوى الانبعاثات الكربونية، إذ تبلغ مساهمة قطاع النقل نحو 15% من إجمالي الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات.
وبهدف الحد من الآثار السلبية لقطاع النقل البري، والمحافظة على دوره الحيوي في التنمية، قامت الجهات المعنية باتخاذ مجموعة من التدابير، من بينها وضع معايير وطنية لمستويات الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل البرية، وحظر استخدام البنزين الحاوي على الرصاص وإحلال البنزين الخالي من الرصاص بديلاً له منذ عام 2003، واستخدام الغاز الطبيعي كوقود في عدد أكبر من المركبات، واعتماد خيار النقل الجماعي وجعله أكثر قبولاً وجاذبية.
ويعد قطاع المباني أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي، وفقاً للهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ، وفي الإمارات يستحوذ هذا القطاع على أكثر من 70% من جملة استهلاك الطاقة الكهربائية في دولة الإمارات، ونحو 40% من إجمالي المياه، وبالتالي فإن استدامة أنماط الاستهلاك في هذا القطاع تمثل فرصاً لخفض الاستهلاك وخفض الملوثات والانبعاثات والنفايات أكبر منها في أي قطاع منفرد آخر.
وتبنت دولة الإمارات نهج العمارة الخضراء، الذي يعد إحدى الأدوات المهمة في هذا الجانب، خاصة في ظل النهضة العمرانية التي تشهدها دولة الإمارات.
ويتم تطبيق معايير هذا النهج بصورة إلزامية في كل من أبوظبي عن طريق برنامج "استدامة" الذي يتضمن 5 مستويات للتقييم، وفي دبي عن طريق نظام "السعفات"، الذي يتضمن 4 مستويات" للتقييم، كما تم البدء بتطبيق معايير العمارة الخضراء على المستوى الاتحادي في المباني الحكومية كمرحلة أولى، على أن يتم تطبيقها على كل المباني في دولة الإمارات في مراحل لاحقة.
وتعد تقنية التقاط وتخزين الكربون، التي تبنتها دولة الإمارات، من التقنيات الواعدة والمهمة في مجال التخفيف من الانبعاثات الكربونية في المشاريع الصناعية، ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أبصرت شركة أبوظبي لالتقاط الكربون "الريادة" النور، وهي مشروع مشترك بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، لتنفيذ أول برنامج على نطاق تجاري في المنطقة لالتقاط وتخزين الكربون، واستخدامه في الإنتاج المُحسِن للنفط بأبوظبي.
وانطلاقاً من اختصاصاتها ومسؤولياتها، أنجزت وزارة التغير المناخي بالتعاون مع كل الجهات المعنية في دولة الإمارات، أول خطة لمواجهة التغير المناخي في المنطقة، وتقوم الخطة على رؤية 2021، واستراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، واستراتيجية الابتكار، وستعزز هذه الخطة من مسيرة التنويع الاقتصادي الطموحة التي تقطعها دولة الإمارات، كما سيعزز من تحولها نحو القطاعات الجديدة والمبنية على المعرفة.
ويشكل الاعتناء بالحياة الفطرية والبحرية أحد أهم القضايا في أجندة العمل الحكومية بدولة الامارات، حيث وصل عدد المحميات الطبيعية المعلنة في الإمارات، بموجب قرارات رسمية وفق القوانين والأعراف الدولية المعتمدة 15 محمية، موزعة على 6 محميات برية و7 محميات بحرية.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز