المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي يحتفل بالذكرى 46 لتأسيسه
عقد نحو 579 جلسة.. ناقش وأقر خلالها 609 مشروعات قوانين
المجلس يعد إحدى المؤسسات الاتحادية التي رسخت وجسدت المشاركة السياسية للمواطنين للمساهمة في عملية البناء ومسيرة التنمية الشاملة.
يحتفل المجلس الوطني الاتحادي في الثاني عشر من شهر فبراير/شباط الجاري بالذكرى الـ"46" لتأسيسه، وهو أكبر قدرة وفاعلية على تمثيل شعب الاتحاد وتحقيق تطلعات القيادة واستشراف المستقبل من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية تنفيذا للاستراتيجية البرلمانية للمجلس للأعوام 2016-2021م.
تلك الاستراتيجية التي تستند إلى مجموعة من المنطلقات الوطنية من ضمنها برنامج التمكين السياسي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي أعلنه عام 2005م، ورؤية دولة الإمارات العربية المتحدة 2021م.
ويستذكر المجلس الوطني الاتحادي بهذه المناسبة بكل الفخر والاعتزاز جهود مؤسس الدولة وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات المؤسسين، رحمهم الله، في إرساء دعائم الاتحاد وتكريس مبدأ الشورى في الحكم كنهج أصيل للعلاقة بين الحاكم والمواطنين منذ عقود طويلة قبل قيام الاتحاد.
ويضطلع المجلس، منذ عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير/شباط 1972م، بمسؤولية ودور مهم بالمشاركة في بناء دولةِ القانون والمؤسسات وتعزيز نهج الشورى ومشاركة المواطنين في صنع القرار وتمكينهم من المساهمة في مسيرة التنمية الشاملة، وتكريس قيم الولاء والانتماء والتلاحم الوطني، وعمل في تناسق تام وتعاون فعّال مع الحكومة، وأسهم في مسيرة التنمية المتوازنة الشاملة، وفي تعزيز الركائز الأساسية لمشروع النهضة الذي تتطلع له القيادة الحكيمة وتتبناه بتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيوخ حكام الإمارات.
وتجسيدا لنهج الشورى حظي المجلس الوطني الاتحادي الذي تزامن تأسيسه مع انطلاق مسيرة الاتحاد باهتمام ودعم القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وترسخت علاقة تقدير واحترام بين القيادة والمجلس الوطني الاتحادي وبقدرة أبناء الإمارات على تحمل مسؤوليات العمل الوطني في إطار من التشاور والتواصل المستمر بين أفراد الشعب وممثليهم في المجلس من جهة وبين السلطة التنفيذية من جهة أخرى.
وأكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ذلك منذ انطلاق الدولة، حيث قال في خطابه في المجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1972م: إن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي كلهم من أبناء الشعب ويستطيعون أن يعبّروا بكل حرية عن آرائهم"، كما أكد مرارا أن واجب أعضاء المجلس أن يعبّروا بصدق عن احتياجات المواطنين.
وحرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على تضمين الدستور عددا من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر بشكل دقيق عن نهج الشورى في دولة الإمارات وفي فكره الذي كان يطالب دائما بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة.
وأسهم المجلس الوطني الاتحادي في مسيرة التنمية الشاملة المتوازنة التي تشهدها دولة الإمارات، فقد عقد منذ التأسيس وحتى الجلسة الثامنة من دور الانعقاد العادي الثالث التي عقدها بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني 2018م، ما يقارب من "579" جلسة، ناقش وأقر خلالها "609" مشروعات قوانين بعد أن استحدث وعدل عددا من موادها وبنودها، وناقش "315" موضوعا عاما تتعلق بعدد من القطاعات المهمة ووجه " 794" سؤالا إلى ممثلي الحكومة، تتناول العديد من الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي من خلال ممارسة اختصاصاته الدستورية الرامية إلى تحديث وتطوير البيئة التشريعية ومناقشة القضايا التي لها علاقة مباشرة بشؤون الوطن والمواطنين.
ويعد المجلس الوطني الاتحادي إحدى المؤسسات الاتحادية التي من خلالها تترسخ وتتجسد المشاركة السياسية للمواطنين للمساهمة في عملية البناء وفي مسيرة التنمية الشاملة المتوازنة، التي تتواصل بقيادة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي أعلن في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2005م، "أن المرحلة المقبلة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلب تفعيلاً أكبر لدور المجلس وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية"، مضيفا: "سنعمل على أن يكون مجلسا أكبر قدرة وفاعلية والتصاقا بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسّخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم قررنا بدء تفعيل دور المجلس الوطني عبر انتخاب نصف أعضائه من خلال مجالس لكل إمارة وتعيين النصف الآخر بادئين مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن".
وشهدت مسيرة الحياة البرلمانية في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، محطات مهمة أسهمت في تمكين المجلس من ممارسة اختصاصاته الدستورية تنفيذا لبرنامج التمكين، والذي كان من أبرز عناصره تعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتطوير دور المجلس الوطني الاتحادي بإجراء التعديل الدستوري رقم "1" لسنة 2009م، ومشاركة المرأة عضوة وناخبة، وتنظيم انتخابات لعضوية المجلس التي جرت خلال الأعوام 2006 و2011م و2015م.
وأسهمت التعديلات الدستورية لسنة 2009م في تمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية، والتي شملت تعديل المادتين "72 و78" من الدستور اللتين أتاحتا تمديد مدة عضوية المجلس من عامين إلى أربعة أعوام، وتمديد دور الانعقاد إلى مدة لا تقل عن سبعة أشهر، وذلك ابتداء من الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر من كل عام، كما تم تعديل المادة "85" من الدستور لإعطاء المجلس سلطة أكبر فيما يتعلق بلائحته الداخلية، حيث يتولى المجلس وضع مشروع اللائحة وتصدر بقرار من رئيس الاتحاد بناء على موافقة المجلس الأعلى للاتحاد، وتم تعديل المادة "91" من الدستور والمتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها الدولة، حيث يحدد بقرار من رئيس الاتحاد الاتفاقيات والمعاهدات التي يتوجب أن تعرض على المجلس الوطني قبل التصديق عليها.
وجاء انطلاق الفصل التشريعي السادس عشر للمجلس الوطني الاتحادي بعد إجراء ثالث تجربة انتخابية ضمن برنامج التمكين، التي جرت بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2015م، وتم خلالها زيادة أعداد الهيئات الانتخابية لتعد الأكبر، والتي ارتفعت من 7 آلاف عام 2006م في أول تجربة انتخابية إلى 224 ألف ناخب، لتجسد هذه الزيادة في أعداد الهيئات الانتخابية حرص القيادة الرشيدة على تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية السياسية وتعزيز دور المجلس في مختلف مجالات العمل الوطني في دولة الإمارات.
وحرص المجلس الوطني الاتحادي خلال الفصل التشريعي السادس عشر الذي بدأ بتاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2015م على تبني وإطلاق أول استراتيجية برلمانية للأعوام 2016-2021م، بهدف تحقيق أفضل الإنجازات للمجلس في فصله التشريعي الحالي يتم البناء عليها في الفصول التشريعية المقبلة لمواصلة مسيرة الخير والعطاء، وترسيخ الوحدة الوطنية والمواطنة الصالحة وتعزيز المنظومة التشريعية بما يتوافق مع أفضل المعايير العالمية، والارتقاء بالدور الرقابي للمجلس بما يسهم في تحقيق رؤية الإمارات، ودعم السياسة الخارجية للدولة من خلال دور ريادي متميز للدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز التواصل والمشاركة المجتمعية الفاعلة، وتطوير القدرات الداخلية لأجهزة المجلس لتحقيق أداء برلماني متميز.
ولمواكبة توجهات دولة الإمارات في استشراف المستقبل، عقد المجلس الوطني الاتحادي للمرة الأولى خلال الفترة من 24-25 يناير/كانون الثاني 2016م الملتقى البرلماني التشاوري الأول تحت عنوان "استشراف المستقبل"، لمناقشة وضع أول استراتيجية برلمانية شاملة لفصله التشريعي الحالي وفق أفضل الممارسات البرلمانية العالمية والتي تتضمن الرؤية والرسالة والقيم والأهداف والاتجاهات الاستراتيجية الخمسية وهي: التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية والمشاركة والتواصل وتمكين الأمانة العامة للمجلس.
وتستند استراتيجية المجلس البرلمانية على مجموعة من المنطلقات الوطنية لتعكس فكر القيادة الرشيدة، منها برنامج التمكين السياسي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ورؤية دولة الإمارات العربية المتحدة 2021، والبرنامج الوطني "العشر نقاط"، والسياسات العامة للدولة وتطلعات وطموحات القيادة الرشيدة وشعب دولة الإمارات، والتوجيهات والتوصيات التي طرحت خلال اللقاءات مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيوخ حكام الإمارات، وأعضاء المجلس في فصله التشريعي السادس عشر.