احتلت دولة الإمارات المركز الأول عالميا بوصفها أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم عام 2017
كصحفي مقيم في دولة الإمارات منذ سنين طويلة، ومواكب لتوجهاتها كافة، لم أتفاجأ أبداً بمبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالاتصال بالرئيس السوري بشار الأسد وإعلان تضامنه مع سوريا المصابة، ككل دول العالم على اختلاف تصنيفاتها، بوباء فيروس كورونا وإبداء سموه كامل الاستعداد لتقديم الدعم والمساندة لإيقاف انتشار هذا الفيروس القاتل ومنع تفشيه بين السوريين، بعدما عجزت معظم الدول الموبوءة به عن احتوائه والقضاء عليه حتى الآن.
وها هو الشيخ محمد زايد يؤكد بمبادرته تجاه سوريا أن الشقيق سند الشقيق مهما حصل بينهما من تباعد، وأن السياسة عمل يومي يحتمل الخلاف والاختلاف والمخاصمة، فيما مبدأ الأخوة لا يخضع لمعطيات أو تقلبات العمل السياسي، لأنه من الأصول الثابتة للشعوب الحيّة التي تبني عليها وتورثها لأجيالها.
وأزيد على ذلك بالقول: كنت على ثقة تامة بأنني سأسمع مثل هذا الخبر وسأرى بأم العين قوافل المساعدات الطبية والإنسانية الإماراتية تحط رحالها في سوريا وهي محملة بكل ما من شأنه مؤازرة الشعب السوري، الذي دمرت الحرب المتواصلة عليه منذ أكثر من تسع سنوات معظم البنى التحتية لنظامه الصحي والاقتصادي، وبات في مهب رياح لعبة أمم قذرة تتقاذفه بحسب المصالح والأهواء والطموحات الشخصية.
فالإمارات التي غلّبت، على الدوام منذ نشأتها، الجانب الأخلاقي والإنساني على أي حسابات سياسية، لم تتأخر أبداً عن إرسال المساعدات الطبية والغذائية للشعب الإيراني لمواجهة محنة كورونا الصعبة رغم خلافها العميق والجوهري في أكثر من ملف مع النظام الإيراني، فكيف ستتأخر إذًا عن إغاثة سوريا الشقيقة في مثل هذه الظروف؟.
ومن هنا كان رهاني، ومثل كل مرة جعلتني دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة أكسب الرهان.
أنا متيقن من أن هناك أصواتا ناشزة كثيرة ستخرج للتشويش والتشكيك ومحاولة تسييس هذه الخطوة المحض إنسانية، ولكن دولة الإمارات وقادتها لم يكترثوا يوماً لمثل هذه الأصوات، وبوصلتهم على الدوام تعميق وتجذير إرث الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي لم يتأخر يوما عن إغاثة ملهوف أو محتاج في طول كوكب الأرض وعرضه، وهو صاحب الكلمة الفصل المضيئة في وجدان كل عربي عندما قال يوما: "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي".
وها هو الشيخ محمد بن زايد يؤكد بمبادرته تجاه سوريا أن الشقيق سند الشقيق مهما حصل بينهما من تباعد، وأن السياسة عمل يومي يحتمل الخلاف والاختلاف والمخاصمة، فيما مبدأ الأخوة لا يخضع لمعطيات أو تقلبات العمل السياسي، لأنه من الأصول الثابتة للشعوب الحيّة التي تبني عليها وتورثها لأجيالها.
وليس بخافٍ على أحد أن دولة الإمارات حافظت خلال العام 2018، وللعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياسا لدخلها القومي بنسبة 1.31%، وبما يقرب من ضعف النسبة التي حددتها الأمم المتحدة مقياسا عالميا لقياس جهود الدول المانحة والبالغ 0.7 في المئة.
كما احتلت دولة الإمارات المركز الأول عالميا بوصفها أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم عام 2017، وفقا للبيانات التي أعلنتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقد حددت قيادة الإمارات الرشيدة نهجا واضحا يقوم على قطع أي صلة بين المساعدات الإنسانية التي تقدمها وبين التوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، وإنما تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب، ما جعلها تحظى باحترام وتقدير بالغيْن في كل المحافل الدولية. والمتابع لهذه الجهود العملاقة يتأكد له بالدليل القاطع أن الذراع الإنسانية لدولة الإمارات يقف خلفها جيش من الكفاءات البشرية المدربة على العمل والبناء وتنفيذ المشاريع وإغاثة الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا على اختلافها، دون تمييز بين دين أو مذهب أو قومية أو عرق.
كما يقف خلفها أيضا قناعة راسخة بأن الإمارات، بجوهرها، أكبر من دولة.. فهي رسالة إنسانية قبل كل شيء؛ مفرداتها العطاء والتسامح والتسامي فوق أي خلافات أو اختلافات أو مصالح ما دامت هذه المساعدات ستصل إلى مستحقيها.. قناعة قامت على فلسفة مستوحاة من فطرة إنسانية خالصة عبر عنها المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه بقوله: "الأرض أرض الله والخير خير الله"، وفي ذلك تلخيص مُحكم لجوهر كل ما قيل وكُتب في هذا الشأن، فضلاً عن كونها تختصر بحكمة بالغة وصايا الرسل والأنبياء.
لا أجد أي موجب للقول إن دولة الإمارات وقيادتها لم تكن يوما ولن تكون بحاجة لمن يتحدث عنها، وهي التي أفعالها تسبق على الدوام أقوالها، ولكن الواجب الأخلاقي أيضا يملي علينا الإضاءة على كل فعل أو مبادرة أو خطوة هدفها إنقاذ حياة ولو إنسان واحد أينما كان على سطح هذه المعمورة، أو ستسهم في تغيير حياة إنسان واحد نحو الأفضل. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
أنا على ثقة تامة بأن الشعب السوري بكل فئاته وعلى اختلافه وتنوعه، لن ينسى لدولة الإمارات ورجالاتها الأوفياء لعهود الأخوة والإنسانية هذا الموقف الأخلاقي المؤثر، وسيتوارثه السوريون بكل حب وامتنان من جيل إلى جيل، لأن العطاء في وقته ومكانه لا يوازيه عطاء مهما كان حجمه ومهما جزلت الأيادي فيه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة