الإمارات وفرنسا.. مواقف قوية تجسد العلاقات النموذجية
"كاشفات المحن"، كلمتان عُدتا بمثابة رمانة الميزان لقياس قوة وصدق العلاقات بين الدول، والتي تختبرها المواقف والتحديات المختلفة.
تلك المواقف تظهر مدى قوة العلاقات بين البلدان الصديقة والشقيقة، والتي كان من بينها تلك التي تجمع الإمارات وفرنسا، والتي أظهرت أنها عصية على الانكسار أو التغير.
فبالتزامن مع زيارة الدولة، للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، المقررة الإثنين، إلى فرنسا، يستذكر مواطنو البلدين العديد من تلك المواقف والتي قالوا إنها لا تنسى، بينها دور أبوظبي البارز في إجلاء رعاياها من أفغانستان أغسطس/ آب الماضي خلال التطورات التي جرت آنذاك.
وتنظر الإمارات بتقدير بالغ للمواقف الفرنسية العديدة المساندة لها، والتي كان من أبرزها موقفها القوي إبان الهجمات الحوثية الإرهابية الفاشلة على الإمارات أوائل العام الجاري.
وترصد "العين الإخبارية" في التقرير التالي العديد من المواقف التي تبرز حجم العلاقات النموذجية بين البلدين.
إجلاء الرعايا
لعل أبرز المواقف التي أبرزت علاقة الإمارات وفرنسا، ما قامت به أبوظبي من دور إنساني وسياسي على أكثر من صعيد خلال الأزمة الأفغانية أغسطس/ آب الماضي.
فدولة الإمارات أجلت الدبلوماسيين والرعايا الفرنسيين من كابول إلى جانب مواطني العديد من الدول الصديقة وقامت بتوفير العبور الآمن لهم، في موقف أعربت فرنسا على لسان أكثر من مسؤول عن شكرها وتقديرها لتلك التسهيلات المهمة التي قدمتها دولة الإمارات.
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في هذا الشأن عن شكر الجمهورية الفرنسية وتقديرها للدعم الذي قدمته دولة الإمارات في عملية إجلاء رعايا مختلف الدول من أفغانستان.
الأمر نفسه أشار إليه كرافييه شانيل سفير فرنسا لدى الإمارات والذي قال إن الدعم الإماراتي لفرنسا لتسهيل إجلاء رعايا الدول من أفغانستان لقي تقديرا كبيرا من قبل السلطات في باريس، كما كان له أكبر الأثر في نفوس ذوي الرعايا الذين تم إجلاؤهم بأسرع وقت ممكن وباحترافية عالية ضمنت سلامتهم.
إنجاز أمني
وفي مايو/أيار الماضي، تقدمت السلطات الأمنية الفرنسية بالشكر إلى الإمارات، لإلقاء القبض على أحد الأعضاء البارزين في إحدى أكبر عصابات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود.
فالقيادة العامة لشرطة دبي تمكنت من إلقاء القبض على أحد الأعضاء البارزين في إحدى أكبر عصابات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، والضالعة في جرائم اتجار بالمواد المخدرة، وتنفيذ عمليات تهريب بين أمريكا الجنوبية وأوروبا داخل شحنات السكر، إلى جانب إدارة عدة مختبرات في أوروبا مُختصة بفصل السكر عن الكوكايين بعد تهريبه إليها.
العملية التي عرفت بـ"قصب السكر"، عبرت السلطات الأمنية الفرنسية عن شكرها إلى الإمارات، على مشاركتها فيها وسرعة إلقاء القبض على العضو البارز في العصابة الدولية التي تعمل في مجموعات مترابطة لتهريب المخدرات بين أمريكا الجنوبية وأوروبا.
وأشادت استيفاني شيربونيه، المفتش العام لإدارة مكافحة المخدرات الفرنسية، بالدور الاستثنائي لشرطة دبي في مكافحة الجريمة المُنظمة، وإلقاء القبض على مرتكبيها بالتعاون مع مختلف الأجهزة الشرطية على مستوى العالم، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات في فرنسا، من خلال غرفة العمليات المشتركة، وتبادل المعلومات المباشرة خلال تنفيذ عملية إلقاء القبض على أفراد العصابة بالتزامن بين كافة الدول المشاركة في ساعة " الصفر".
لفتة خاصة
وفيما كان للإمارات مواقف لم تنسها القيادة الفرنسية، كانت للأخيرة أيضًا مواقف عكست قوة علاقات البلدين، والتي كان آخرها التعازي الفرنسية في وفاة رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مايو/أيار الماضي.
فالرئيس الفرنسي ماكرون كان في مقدمة قادة دول العالم الذين وصلوا أبوظبي لتقديم التعازي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وفي لفتة خاصة، قدم رئيس فرنسا –كذلك- التعازي عبر تغريدة باللغة العربية، قال فيها: "أفجعنا خبر وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة". وتابع "أعرب عن تعاطفي مع شقيقه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأسرته وشعب الإمارات".
وعقب تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة الإمارات، قال الرئيس ماكرون: "أعبر عن دعمي الكامل لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد " .. مهنئا شعب الإمارات باختياره رئيسا للدولة"
مواجهة إرهاب الحوثي
وسجلت فرنسا موقفًا متميزًا في دعمها الإمارات إبان الهجمات الإرهابية الحوثية الفاشلة على الإمارات في يناير/كانون الثاني الماضي؛ فإلى جانب إدانتها واستنكارها الشديدين للهجوم الإرهابي الذي شنته مليشيات الحوثي الإرهابية على دولة الإمارات، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية 4 فبراير/ شباط الماضي، أن باريس ستتعاون مع أبوظبي على ضمان أمن مجالها الجوي في مواجهة هجمات جماعة الحوثي الإرهابية.
وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، البدء في تفعيل اتفاقية التعاون والدفاع المشترك مع فرنسا، لمواجهة المحاولات الإرهابية الفاشلة لاستهداف دولة الإمارات.
أول زيارة.. دلائل هامة
وتحمل الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين دلائل هامة على قوة علاقات البلدين، ففيما كانت أول زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الشرق الأوسط بعد انتخابه في ولايته الرئاسية الأولى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، يبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الإثنين، زيارة دولة لفرنسا، تحمل أهمية خاصة لأكثر من سبب.
وتعد تلك الزيارة هي الأولى للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لفرنسا بعد توليه رئاسة الإمارات خلفا لأخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان 14 مايو/ أيار الماضي، والثانية خلال 10 شهور بعد الزيارة التي أجراها في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس ماكرون.
كما تعد –أيضا- أول زيارة دولة يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد توليه رئاسة الإمارات، والتي تعد الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات
ويعد اللقاء الذي يجمعهما هو الرابع خلال الفترة نفسها، بعد لقائهما خلال زيارتين أجراهما الرئيس الفرنسي للإمارات إحداهما زيارة رسمية في 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والأخرى في 15 مايو/أيار الماضي لتقديم التعازي في وفاة رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.