الإمارات والمناخ.. نحو "مستقبل أخضر": مبادرات طموحة
من قلب صحراء الجزيرة العربية، تنطلق الإمارات نحو المستقبل وعلى أجنحتها بدائل تغيث كوكبا يئن في صمت تحت تأثيرات مناخية تهدد البشرية.
فمن الأخضر اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة لونا مستهدفا اقتصادها المستقبلي وأجيالها المقبلة، ومنه ترسم مسارا للتعافي لمرحلة ما بعد كورونا.
رؤية تتبناها قيادة رشيدة في الإمارات تستهدف تجسيد مفهوم التنمية المستدامة عبر التركيز على حماية البيئة والمناخ وحفظ الموارد الطبيعية وتحسين جودة الحياة، في إطار حقل بات يتصدر أجندة الدول والملتقيات الدولية والإقليمية.
ولأنها تمتلك جميع الإمكانيات والخبرات والمقومات وأول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن هدفها لتحقيق الحياد المناخي، تقدمت الإمارات بطلب لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP 28" في أبوظبي عام 2023
ومن أبوظبي إلى غلاسكو في اسكتلندا حيث المدينة التي تستضيف قمة التغير المناخي cop 26، حتى 12 من نوفمبر الجاري، ضمن جهود دولية، بدأت الإمارات أولى خطواتها للإعداد لخطوات نحو المستقبل، عبر مبادرات وطنية للتحكم في الانبعاثات وتبني وسائل مستدامة.
مبادرات استراتيجية تطلقها الإمارات التي تعتبر من أكبر مصدري النفط بالعالم، في مقدمتها "الحياد المناخي" الذي أكد ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أن بلاده "أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي".
إعلانٌ ترافق مع انطلاق معرض إكسبو دبي 2020 الذي انطلق بداية الشهر الجاري ويستمر حتى مارس/آذار القادم، ويقوم على موضوعي مستقبل كوكب الأرض والاستدامة.
كما يأتي متوائما مع أهداف "اتفاقية باريس للمناخ" الموقعة عام 2015، لتشجيع الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى للحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض، وخفض انبعاث غازات الدفيئة التي تعرف بغازات الاحتباس الحراري.
سجلٌ حافل
جهود إماراتية لم تكتف بتلك المبادرة التي جاءت لتعزيز منظومة الإمارات الحيوية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، بل اتخذت الدولة جُملة من الخطوات العملية التي ترجمت التصدي لظاهرة تغير المناخ، ووضعِ أطر قانونية للمحافظة على الثروات البيئية.
ففي السنوات الأخيرة استحدثت الإمارات وزارة التغير المناخي والبيئة، كما كانت من السبّاقين لدعم "بروتوكول كيوتو" 2005 للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في البلدان الصناعية، والأولى في المنطقة التي توقع على "اتفاق كوبنهاجن".
ولم تتقاعس الإمارات عن دعم المفاوضات التي قادت إلى الاتفاق التاريخي لمكافحة التغير المناخي الذي رأى النور في قمة باريس للمناخ عام 2015 عبر تقديم التزامات وطنية لمعاهدة الأمم المتحدة الإطارية بهذا الشأن.
وامتدادا لهذا السجل الحافل، وضعت الإمارات على سُلم أولوياتها تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها الأمم المتحدة، من أجل حشد الجهود لمعالجة تغير المناخ، ومكافحة عدم المساواة، والقضاء على الفقر بجميع أشكاله.
وتماشيا مع هذه الأولويات بدأت الإمارات في السنوات الأخيرة، التخطيط للتحول إلى مدن ذكية وخضراء تحقق التنمية المستدامة للأجيال القادمة.
ولأجل استيعاب التوسع الحضاري، والحد من التلوث بالاعتماد على الطاقة النظيفة، وإعادة تدوير المخلفات بالطرق التقنية والحديثة، أنشأت حكومة أبوظبي مدينة "مصدر" الذكية.
أما إمارة دبي، فكثفت خلال الأعوام الأخيرة من مشاريعها المعتمدة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وهو ما ترجمه نموذج المدينة المستدامة الذي يعد أول مشروع سكني ينتج الطاقة النظيفة في المنطقة.
ولم تكتف بذلك، بل دعمت الإمارات تنفيذ مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة عالميا كما تعزز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة في الدول النامية باستثمارات شملت 70 دولة بقيمة تناهز 16.8 مليار دولار أمريكي.
مبادرات واستعدادات أظهرت القدرة المستمرة للدولة على التكيف مع المستجدات والمتغيرات في هذا الشأن ما يرشحها بقوة لاستضافة "كوب 28" لتكون نموذجا يحتذى به ومثالا يقتدى به.
خطوات قفزت إلى المستقبل منذ 15 عاما في رؤية تتبناها قيادة رشيدة في الإمارات تستهدف تجسيد مفهوم التنمية المستدامة عبر التركيز على حماية البيئة والمناخ وحفظ الموارد الطبيعية وتحسين جودة الحياة.
آمال تبنيها على استعدادات بدأت منذ سنوات للتأسيس لهذه المرحلة وتطبيق استراتيجية "الحياد المناخي"، ففي 2017 اعتمدت الإمارات "الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017-2050"، وبعدها بـ3 سنوات سلمت تقريرها الثاني للمساهمات المحددة وطنياً للأمانة العامة للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ.
واليوم، تتطلع الإمارات إلى أن تقدم نموذجا يحتذى به لإدارة الطاقة والبيئة عبر برامج تفتح آفاقا جديدة للطاقة المتجددة، في خطوات تعزز التزامها بتوسيع دور التقنيات عديمة الانبعاثات الكربونية في الاقتصاد والاستثمار في الطاقة المتجددة.