تقف دولة الإمارات العربية المتحدة شامخة قوية بقيمها ومكانتها البارزة التي تتصدر اهتمام المشهد العالمي كدولة محورية في المنطقة
تقف دولة الإمارات العربية المتحدة شامخة قوية بقيمها ومكانتها البارزة التي تتصدر اهتمام المشهد العالمي كدولة محورية في المنطقة، لتكون من بين أهم دول العالم التي تتجه اليها الأنظار كقدوة، ونموذج يحتذى به في التقدم والاستقرار. فدولة الإمارات صنعت هيبة التقدير والاحترام من خلال سياستها المتوازنة؛ حينما التزمت بمواقفها وقراراتها المعتدلة وقدمت للعالم صورة مثالية لما تمتلكه من ثوابت القيم العالمية التي تحترم الآخر، وحقوق الإنسان، واحترام القانون الدولي المنظم للعلاقات بين الدول، وتعمل من أجل أمن واستقرار المنطقة، ومحاربة التطرف السياسي بجميع أشكاله، بعزم صادق وقوة هائلة، مع الإصرار على مواجهة المشكلات الإنسانية والعالمية بحلول تنبع من قيم أصيلة غرسها القائد المؤسس رحمه الله.
ودولة الإمارات سارت على هذا النهج بقيادتها الحكيمة التي تنتهج الفكر الحر الأصيل، القائم على بناء مصالح وعلاقات وشراكات مع دول العالم. وتتويجاً لهذه السياسة الحكيمة تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الهند، تلبية للدعوة الكريمة من ناريندرا مودي رئيس الوزراء ليكون ضيف الشرف في استعراض يوم الجمهورية الذي يقام في 26 يناير من كل عام.
وهذه الدعوة تؤكد المستوى المتميز الذي وصلته العلاقات بين الدولتين، وهذا ما أكده سموه بقوله: «علاقاتنا التاريخية العريقة راسخة، وتعاوننا الاستراتيجي يرتقي إلى طموحاتنا المتبادلة، وحرصنا المشترك على تنميته وتطويره».
إن اختيار سموه ضيف الشرف في يوم الجمهورية الهندية له دلالة سياسية مهمة تجسد المواقف السديدة والمبادرات الحميدة والمكتسبات الحضارية، والقيم التاريخية المشتركة في أرقى صورها من العدل والنظام والسلام العالمي. فالعلاقات بين دولة الإمارات والهند تتنامى بشكل مستمر، وتعمل القيادتان في البلدين الصديقين للوصول بهذه العلاقات إلى مستوى التعاون الاستراتيجي للقرن الواحد والعشرين، وفي مختلف مجالات التعاون، ولاسيما في التجارة والاستثمار والقضايا الجيوسياسية.
وكانت الزيارة التي قام بها سموه إلى جمهورية الهند في الفترة من 10 إلى 12 فبراير/شباط 2016، بمثابة فصل جديد في العلاقات الوثيقة بين البلدين، وجاءت ضمن التوجه الذي تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعزيز الانفتاح على القوى الآسيوية الصاعدة، وفي مقدمتها جمهورية الهند، وتعزيز العلاقات معها، والاستفادة من تجربتها التنموية، وما حققته من تقدم في العديد من المجالات، خاصة قطاع التكنولوجيا والطاقة النووية.
وقد شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات بين الجانبين تتناول التعاون في مجالات الصناعة والفضاء والتمويل والطاقة النووية والمتجددة وتقنية المعلومات والأمن السيبراني والاستثمارات، فضلاً عن العديد من الميادين والمجالات الأخرى. وكان أهم ما تم الاتفاق عليه: إنشاء صندوق استثمار إماراتي - هندي في البنية الأساسية بهدف الوصول إلى 75 مليار دولار، لدعم الاستثمار في خطط الهند للتوسع السريع في الجيل المقبل من البنية الأساسية، وبصفة خاصة السكك الحديدية والموانئ والطرق والمطارات والمناطق والحدائق الصناعية، بحيث تصبح دولة الإمارات الشريك الأول للهند في برامج التنمية، ويبلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية الحالية في الهند 8 مليارات دولار. وكانت زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الأخيرة إلى دولة الإمارات بداية لإرساء حجر الأساس لعلاقات استراتيجية راسخة بين البلدين، ترتكز على التعاون في مجال الطاقة، ومكافحة الإرهاب، وتعميق الروابط الأمنية والاقتصادية.
ولاشك أن جمهورية الهند أصبحت إحدى أهم الأسواق الناشئة في قارة آسيا والعالم، وهي مشروع قوة عظمى في المستقبل، وبناء علاقات قوية معها هو أمر ينسجم مع التوجهات الاستراتيجية لدولة الإمارات التي تسعى إلى تقوية علاقاتها مع القوى الدولية المؤثرة، وبما يمكن توظيف هذه العلاقات في دعم المصالح والقضايا الإماراتية والخليجية والعربية.
بوجه عام تنظر الهند إلى الإمارات باعتبارها بوابتها نحو الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. كما أن الإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها الدولتان، وكذلك الخبرات التنموية الكبيرة المتراكمة لدى كل منهما، تفتح أمامهما أبواباً واسعة للتعاون، ولاسيما في الاقتصاد الرقمي الذي برعت فيه الهند، والأهم من ذلك هو تعزيز الثقة بين الدولتين والشعبين الصديقين وصولاً إلى تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وأمني تنعم به الدولتان، ويحقق للمنطقة بشكل عام، استقراراً أمنياً وسياسياً طويل المدى.
* نقلاً عن الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة