الإمارات وإندونيسيا.. قيادة عالمية لتحالف المانغروف
في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2022، أعلنت دولة الإمارات عن التعاون مع إندونيسيا ضمن تحالف أشجار القرم "المانغروف" الذي يسعى إلى توسيع نطاق عملية الحفاظ على النظم البيئية لأشجار المانغروف وتسريعها وترميمها لصالح المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
أشجار المانغروف تمثل أهمية بيئية كبيرة وشريانًا حيويًا بحريًا وكنوزًا طبيعية ذات فوائد بيئية واقتصادية وسياحية عديدة، كما تعد مخازن طبيعية لامتصاص الكربون وتسهم في تخليص الشواطئ من الملوثات، وتقلل من درجة الحرارة ورطوبة المناخ.
وتتعرض غابات القرم "المانغروف" للتدمير على الرغم من احتجازها 10 أضعاف الكربون الذي تحتجزه الغابات على الأرض.
وتقود دولة الإمارات حراكا عالميا لاستنهاض جهود حماية شجرة المانغروف وتعزيز موائلها الطبيعية وذلك انطلاقا من حرصها والتزامها بمواجهة تداعيات تغير المناخ وحماية النظم الإيكولوجية الساحلية الحيوية حول العالم.
وفي نوفمبر الماضي أعلنت الإمارات عن الإطلاق العالمي لـ"تحالف القرم من أجل المناخ" بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، وذلك بهدف دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالميا كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً.
واجتذب التحالف نحو 20 شريكاً لتوسيع نطاق وتسريع عملية حفظ واستعادة النظم الإيكولوجية لأشجار القرم لصالح المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وفقا لوكالة أنباء الإمارات "وام".
ويعمل أعضاء تحالف القرم من أجل المناخ بشكل جماعي على تحقيق مجموعة من الأهداف تشمل إظهار الالتزام الجماعي بالحلول المناخية القائمة على الطبيعة من خلال حماية أشجار القرم وزراعتها، وتوسيع خدمات النظام البيئي لأشجار القرم في التخفيف من تغير المناخ ومكافحته من خلال الابتكار والبحث العلمي، وتعزيز حماية النظم البيئية لأشجار القرم على المستوى العالمي من خلال الدراسات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وتشجيع نهج العمل الخيري في المجتمع والقطاع الخاص لدعم جهود حلول الكربون الأزرق وجهود زراعة أشجار القرم، وتكثيف الجهود العالمية لتحقيق الأجندة الدولية للعمل المناخي.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه دراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عن تراجع مساحة أشجار المانغروف حول العالم بواقع 14.8 مليون هكتار بين عامي 2000 - 2020 لعدة أسباب منها تطوّر تربية الأحياء المائية والانحسار الطبيعي وزراعة نخيل الزيوت وزراعة الأرز والتوطن المباشر.
وأشارت الدراسة إلى الأهمية البيئية التي تمثلها أشجار المانغروف حيث تؤدي دورا حاسما في حماية المجتمعات الساحلية من الأخطار الطبيعية، مثل العواصف وتآكل التربة وأمواج التسونامي، وباتت أهميتها تتعاظم أكثر فأكثر مع تزايد حدة الظواهر المناخية القصوى وارتفاع وتيرتها فهي قادرة على الحد من الأضرار الناجمة عن الأمواج والعواصف العاتية وخفض ارتفاع أمواج التسونامي وتآكل التربة.
وأمام هذا الواقع تبرز أهمية ما تقوم به الإمارات من جهود لحماية شجرة القرم واستعادة دورها البارز في تعزيز استدامة النظام البيئي العالمي، وقد باتت تلك الجهود محط إشادة وتقدير المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بمواجهة تداعيات التغيير المناخي.
واستضافت الإمارات اجتماعا وزاريا رفيع المستوى حول أشجار القرم خلال مؤتمر الأطراف COP28، جمع الحكومات المضيفة لأشجار القرم ومختلف الشركاء، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والمؤسسات المالية، فضلاً عن المجتمع العلمي.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 2023، أعلنت دولة الإمارات خلال مشاركتها في أسبوع المناخ المنعقد حاليا في مدينة نيويورك عن تأييدها لمبادرة "تنمية القرم" Mangrove Breakthrough، التي تهدف إلى استعادة وحماية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030، حيث يمتلك العالم اليوم 14 مليون هكتار من أشجار القرم المتبقية، أي نصف مساحتها الأصلية.
ويعد التوسع في زراعة غابات القرم أحد أهم الحلول المستندة للطبيعة التي تعتمد عليها الإمارات في مواجهة التحديات البيئية.
وعززت دولة الإمارات طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليون - التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ - إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030.
وتلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي، كما أنها تعمل كأحواض طبيعية للكربون؛ وتمثل الإمارات موطناً لـ60 مليون شجرة قرم، وتمتد هذه الغابات على مساحة تصل إلى 183 كيلومتراً مربعاً، وتلتقط 43,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ومع إضافة 100 مليون شجرة من أشجار القرم، سيصل إجمالي مساحة غابات القرم إلى 483 كيلومتراً مربعاً، وستساهم بدورها في التقاط 115,000 طن "تقريباً" سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.