اقتصاد مصر في سنوات التحدي.. النمو القوي يقهر الحرب والوباء
جابهت مصر ظروفا عالمية صعبة في السنوات الأخيرة بداية من وباء كورونا وتداعيات الحروب عالميا وإقليميا، لكنها مع ذلك استمرت في تحقيق النمو القوي عاما بعد آخر.
حتى عام 2019، كان الاقتصاد المصري مضربا للمثل في المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي، عندما يتعلق الأمر بكيفية نجاح خطط الإصلاح في تحرير إمكانيات الاقتصاد وتحقيق النمو القوي.
- صندوق النقد يعيد النظر في سياسة الرسوم الإضافية.. كيف تستفيد مصر؟
- بيع قناة السويس مقابل تريليون دولار.. الحكومة المصرية توضح الحقيقة
ومنذ عام 2020، اجتاح وباء كورونا العالم، وترافق معه تباطؤا حادا بالإنتاج العالمي، وارتباكا شديدا في سلاسل الإمداد، وانهيارا تاما في السياحة، وهي عوامل أثرت بشكل رئيسي على الاقتصاد المصري الذي يعتمد بشكل كبير على قناة السويس والسياحة والتصدير لجلب العملة الصعبة.
ثم في 2022، اندلعت الحرب الروسية، التي رفعت أسعار الوقود والغذاء، وأثرت بشكل رهيب على مصر التي تستورد القمح والنفط.
وفي 2023، اندلعت حربا شبه إقليمية بجوار مصر، بين إسرائيل وحركة حماس، أدت بدورها إلى تأثير كبير على إيرادات مصر من قناة السويس بعد تراجع المرور من خلالها بسبب هجمات الحوثيين قرب السواحل اليمنية.
ورغم ذلك، وبالأرقام، لم تفوت مصر أي عام من أعوام التحدي هذه دون أن تحقق نموا ملحوظا في اقتصادها، معتمدة على حقيقة أنها بلد يحتض ملايين السكان وقوى عاملة شابة وموارد اقتصادية متنوعة وفرص استثمار جذابة رغم كل شيء.
رحلة نمو رغم الصعاب
وفقا لبيانات البنك الدولي، حققت مصر نموا اقتصاديا ملحوظا في آخر 5 سنوات، ففي عام 2019 حققت مصر نموا بنسبة 5.6%، ثم في عام 2020 (عام الجائحة) حققت نموا بنسبة 3.6%.
وفي عام 2021 (ضمن نطاق الجائحة) حققت مصر نموا بنسبة 3.3%، قبل أن تنطلق مجددا وتحقق نموا بنسبة 6.6% في 2022 (العام الذي شهد بداية الحرب الروسية الأوكرانية).
وفي عام 2023 حققت مصر نموا بنسبة 3.8%، لكنها تتأهب مجددا لإطلاق إمكانيات النمو الذي يتوقع أن يسجل 2.8% في 2024، ثم سيتجاوز 5% في السنوات الثلاث المقبلة، وفقا لتوقعات الحكومة المصرية ضمن برنامجها الجديد للنمو تحت شعار "معًا نبني مستقبلا مستدام".
المزيد من التحصين ضد صدمات الخارج
وفقا للدكتور السعيد غنيم، النائب الأول لرئيس حزب "المؤتمر" المصري، فإن برنامج الحكومة يتناول العديد من المشاكل والملفات العالقة، بالإضافة إلى رؤية جادة لعام 2030، ويعكس نتائج الحوار الوطني بشكل صريح.
وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت إصلاحات اقتصادية قطاعية تعتمد على سياسات التحفيز والدعم للقطاعات الاقتصادية الأساسية.
وأوضح غنيم أن الهدف من البرنامج هو رفع معدلات النمو وزيادة الإنتاج، مما سيؤدي إلى زيادة الصادرات المصرية، وتحقيق نمو اقتصادي.
وقال غنيم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن البرنامج يهدف إلى تعزيز مرونة الاقتصاد المصري ورفع قدرته على تحمل الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل اقتصاد مصر إلى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية عالمية، إضافة إلى التوسع في فتح أسواق خارجية في مختلف القطاعات، والحد من الاستيراد وتلبية احتياجات السوق المحلية وتوفير العملة الصعبة، وزيادة الاندماج في سلاسل القيمة العالمية والإقليمية، مما يسهم في تحقيق طفرة في القطاع الصناعي خاصة الصناعات التصديرية بجودة عالية وأسعار منافسة.
وأشار غنيم إلى أن الحكومة جادة في مواجهة التحديات والتعامل مع كل الملفات والقضايا بجدية، وأن الفترة المقبلة ستشهد انطلاقة قوية للدولة المصرية، حيث سيشعر المواطن بنتائج ملموسة في مختلف المجالات.
قهر التضخم وإطلاق النمو
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عبدالرحيم إن هناك انخفاضا نسبيا في معدلات التضخم، إذ كشفت البيانات الأخيرة للبنك المركزي عن انخفاض في التضخم الأساسي من مستوياته السابقة إلى مستوى أقل خلال بعض الأشهر من العام.
ويعد تراجع معدلات التضخم أحد المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تعكس استقرار الاقتصاد وتحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وفي مصر، كما في أي دولة أخرى، يمثل انخفاض معدلات التضخم خطوة إيجابية نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ورفع مستويات الرفاهية.
نظرة إيجابية من المؤسسات الدولية
وقال الدكتور أيمن غنيم، الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية، لـ"العين الإخبارية"، إن انخفاض معدلات التضخم يعكس تحسناً في الوضع الاقتصادي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض حتى عام 2025 وفقاً لتوقعات بنوك الاستثمار العالمية.
ويرى الخبراء أن هذا التطور قد يسهم في تحسين الظروف الاقتصادية العامة في مصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.