وصلتني الدعوة موجهة من هيئة الشارقة للكتاب؛ للتحدث عن إنجازات المرأة البحرينية في يوم المرأة العالمي.
في خورفكان استمعت يوم الخميس الماضي، لقصص نجاح سيدات من الساحل الشرقي الإماراتي تصنف وتدرج في خانة البطولات، إنما ليست من النوع الذي يسلط الإعلام الضوء عليه مع الأسف.
وصلتني الدعوة موجهة من هيئة الشارقة للكتاب؛ للتحدث عن إنجازات المرأة البحرينية في يوم المرأة العالمي، وكان معي على المنصة من الكويت الدكتورة تهاني الصباح، ومن السعودية الأستاذة سمر المقرن، ومن الإمارات الدكتورة ميثاء الهاملي.
ختاماً ليس «ساروق الحديد» وحده كنزاً إماراتياً كان مدفوناً لزمن إلى أن تم اكتشافه مؤخراً، بل إن نساء الساحل الشرقي كنز مغمور يحتاج لاكتشاف هو الآخر ويستحق الترويج له.
تحدثنا نحن الأربعة عن تجارب وطنية في دولنا الخليجية، ومن ثم عن تجاربنا الشخصية في مجالنا باعتبارنا -وفق تصنيف الهيئة مشكورين- نساء حققن نجاحاً، ولكنني ومنذ لحظة توجيه الدعوة كنت أجدها فرصة للتعرف على هذا الجانب الجغرافي من الإمارات من الناحية المكانية والبشرية، الذي مازال ضبابياً بالنسبة لنا كخليجيين، وقد يكون التقصير منا لعدم اجتهادنا في التعرف عليه.
وما إن انتهى دورنا وأسئلة إدارة الحوار حتى طلبت أن أسمع من الحضور قصصهن، وبالتأكيد هناك قصص ملهمة تستحق أن تروى وأن نتعلم منها، خاصة أن من بين الحضور سيدة عرفونا عليها قبل بدء الجلسة بأم الشهيد، ولهذا حين جاء دوري في الحديث عن إنجازات المرأة، قلت أخجل أن أتحدث عن أي إنجاز وأم الشهيد بيننا فتلك من تستحق أن تصعد المنصة وتعلمنا معاً العطاء والفداء للوطن.
وبعد تردد وتحفظ مرده الخجل ومرده الحشمة ومرده قلة التعامل مع الإعلام والحديث في مواقع عامة، تحدثت أولاهن من الحضور عن تحدياتها التي واجهتها إلى أن حصلت على شهادة الدكتوراه، ونتيجة للتشجيع الذي نالته من الحضور توالت الطلبات من السيدات الحاضرات لسرد قصصهن، فاستمعنا لقصص ترفع الرأس وتفخر بها دولة الإمارات العربية المتحدة.
فهذه أرملة شابة تكمل تعليمها وهي تتحمل مسؤولية خمسة أيتام، واليوم تنال هي التعليم العالي وأولادها يتولون مناصب رفيعة في الدولة، وتلك تكمله وهي لديها ثلاثة أبناء من ذوي الهمم، وأخرى سيدة كفيفة تدرس وموظفة وزوجة وأم، وغيرها تصر على أن تخرج من بعد صلاة الفجر مباشرة لبُعد المسافة من بيتها لمدرستها، وهذه تدرس وموظفة وتناقش شهادة الماجستير بعدما وضعت مولودها بخمسة أيام.
تحسرت على وقت شبابنا الذي يضيع في تتبع الفاشنيستات اللاتي دون هدف ودون رسالة ودون فائدة، ولا تتاح لشبابنا الفرصة كي يتابع يوميات بطولية كهذه النماذج الحقيقية التي تعيش بيننا، هؤلاء مدارس حية وتنبض، تتساءل ويبدو جهدك متواضعاً حين تتقرب من تفاصيل حياتهن، كيف يجدن الوقت؟ كيف يواجهن التحديات؟ كيف نجحن وأنجزن؟ ثم لماذا لم نسمع عنهن؟ هل التقصير منا كإعلاميين في إبراز هذه النماذج للمرأة العربية الخليجية الإماراتية؟ هل التقصير منهن لأنهن في الظل ولم يسعين لإبراز جهدهن؟
المفارقة أن الواحدة لا ترى فيما تفعله شيئاً يستحق التقدير والثناء، ونرى المشكلة في أن من لا يملك محتوى محترماً ومقدراً وبه قيمة هو الذي يرى في نفسه أنه يستحق المتابعة!! ومن يملك تلك القيمة يقلل من شأنها ويتوارى في الظل.
ختاماً ليس «ساروق الحديد» وحده كنزاً إماراتياً كان مدفوناً لزمن إلى أن تم اكتشافه مؤخراً، بل إن نساء الساحل الشرقي كنز مغمور يحتاج لاكتشاف هو الآخر ويستحق الترويج له.
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة