الإمارات أكثر دولة عربية دعوة لقمم العشرين.. رسائل ودلالات
للمرة الخامسة، تشارك الإمارات في قمم مجموعة العشرين، لتكون أكثر الدول العربية التي يتم دعوتها للمشاركة كدولة ضيف في القمة.
وشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات السبت في قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي بمشاركة قادة دول المجموعة ورؤساء حكوماتها وممثلي الاتحاد الأوروبي والمنظمات الأممية والدولية والضيوف المدعوين والمعنيين على مختلف المستويات.
- الممر الاقتصادي العالمي الجديد.. كيف مهدت الإمارات لربط الشرق بالغرب؟
- "لولاك ما كنا هنا".. لماذا شكر بايدن محمد بن زايد؟
وتعد قمة نيودلهي التي تستمر يومين بمشاركة قادة دول تمثل اقتصاداتها 85% من الناتج الاقتصادي العالمي، هي القمة الثالثة من قمم العشرين التي يشارك فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بعد أن شارك في قمم المجموعة مارس/آذار 2020 ونوفمبر/تشرين الثاني 2022، وذلك من بين خمس قمم شاركت فيها الإمارات منذ عام 2011.
عدد كبير من القمم يبرز المكانة الكبيرة لدولة الإمارات وقيادتها وثقلها وأهميتها في المجتمع الدولي، وحضورها الفاعل، وحرصها على تعزيز الحوار والتعاون الدولي لبحث مختلف التحديات الإقليمية والدولية، ونقل تجاربها وخبراتها وتعميم الاستفادة من مبادراتها، والثقة الدولية في رؤاها وسياساتها.
تركزت مشاركات الإمارات في تلك القمم إجمالا على سبل مواجهة التحديات العالمية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والبيئية والإنسانية، وعلى رأسها أمن الطاقة وأزمة تغير المناخ والأزمة الأوكرانية وبحث جهود تعزيز التنمية المستدامة.
حضور بارز
وخلال مشاركته بالقمة التي انطلقت السبت، سجل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حضورا قويا بين قادة دول مجموعة العشرين منذ استقبال ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند له في مقر انعقاد القمة.
وعلى هامش القمة، عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لقاءات مثمرة مع عدد من القادة والمسؤولين المشاركين، تم خلالها بحث التعاون لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للجميع.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة له عبر حسابه بمنصة "إكس" (تويتر سابقا) بمناسبة الاجتماعات التي عقدها على هامش القمة أن "الإمارات داعم رئيس للعمل الجماعي الدولي من أجل بناء مستقبل أفضل للبشرية".
رسالة مهمة، حصد العالم ثمارها على أرض الواقع خلال القمة، توجت بشكر استثنائي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال القمة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفيما كانت جلسة القمة الــ18 لمجموعة العشرين، تبلغ لحظاتها الأخيرة ويُعلن في القاعة عن بدء مغادرة القادة، قطع جو بايدن الحديث وطلب الكلمة.
ووجه الرئيس الأمريكي أنظاره إلى رئيس دولة الإمارات، وقال: "أود أن أشكر الشيخ محمد بن زايد.. شكرا شكرا شكرا.. لا أعتقد أننا سنكون هنا لولاك"، وبعدها عم التصفيق القاعة.
شكر خاص بطريقة مفاجئة واستثنائية، يعود لكون الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، صاحب فكرة إنشاء ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد ناقش تلك الفكرة خلال محادثات مع إدارة بايدن قبل 6 أشهر، بحسب المحلل السياسي بارك رافيد.
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم الإعلان عن إنشاء "ممر" اقتصادي يربط بين جمهورية الهند ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
وأكدت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وجمهورية الهند والولايات المتحدة الأمريكية ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ـ بموجب مذكرة تفاهم ــ تطلعها إلى العمل معاً على إنشاء ممر يربط الهند بالشرق الأوسط ومن ثم أوروبا والذي سيحفز التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز الربط والتكامل الاقتصادي بين هذه المناطق.
ويتألف المشروع من ممرين منفصلين هما "الممر الشرقي" الذي يربط الهند مع الخليج العربي، و "الممر الشمالي" الذي يربط الخليج بأوروبا.
تشمل الممرات سكة حديد ستشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات.
دلالات مهمة
وتشارك دولة الإمارات في قمة العشرين بالهند بصفتها دولة ضيفا للعام الثاني على التوالي، وللمرة الثالثة منذ عام 2020، الأمر الذي يبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، وتزايد ثقة العالم وتقديره لجهودها باعتبارها أحد الشركاء الفاعلين على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وكانت دولة الإمارات قد تلقت دعوة من الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين للمشاركة بصفة ضيف في أعمال قمة المجموعة للعام 2023، وذلك للمرة الثانية على التوالي بعد تلقي دعوة مماثلة من الرئاسة الإندونيسية للمجموعة للعام 2022.
كما سبق أن شاركت دولة الإمارات في أعمال وقمة مجموعة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تحت الرئاسة السعودية ونوفمبر 2011 تحت الرئاسة الفرنسية.
كما شاركت في قمة قادة دول مجموعة العشرين الاستثنائية الافتراضية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي عقدت في مارس/آذار 2020 لمناقشة سبل المضي قدما في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي.
دعوة الإمارات كضيف يترتب عليها الاستعانة بها للاستفادة من وجهات نظرها ورؤاها في المباحثات والمسارات التي يتم مناقشتها في مختلف اجتماعات مجموعة العشرين.
وتتألف مجموعة العشرين من معظم الدول الاقتصادية الكبرى في العالم التي تمثل 85% من الناتج المحلي الإجمالي و75% من التجارة العالمية، وتضم 19 دولة صناعية كبرى، إضافة إلى مقعد الاتحاد الأوروبي وبمشاركة مجموعة من المنظمات الدولية.
وركَّزت مجموعة العشرين في بداية تأسيسها على المواضيع المتعلقة بالقضايا المالية والاقتصادية، ثم توسعت لتشمل قضايا أخرى ذات أهمية عالمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمسائل الاقتصادية مثل التكنولوجيا الرقمية وسياسات التنمية وتغير المناخ ومكافحة الإرهاب وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام الواسع.
مشاركة تعكس التزام دولة الإمارات الراسخ بالتعاون متعدد الأطراف وتحقيق الأولويات الدولية في جميع القطاعات وذلك في إطار حرصها على المشاركة الفاعلة في المحافل واجتماعات المنظمات الدولية.
وعلى مدار تاريخ مشاركاتها في قمم العشرين، كأكثر دولة عربية يتم دعوتها للمشاركة في القمم كدولة ضيف، أظهرت إسهامات ومشاركات الإمارات المهمة والفاعلة فارقا كبيرا وتركت بصمات بارزة في تاريخ قمم المجموعة، لا سيما فيما يتعلق بالتعافي بعد جائحة كوفيد-19، وتغير المناخ، والتحول في مجال الطاقة، والحد من مخاطر الكوارث، والتعرض لمخاطر المديونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أحمد بن علي الصايغ، وزير الدولة الإماراتي في تصريحات له اليوم السبت أن مشاركة دولة الإمارات في اجتماعات مجموعة العشرين يعكس التزامها الراسخ بالتعاون متعدد الأطراف وتحقيق الأولويات الدولية في جميع القطاعات وذلك في إطار حرصها على المشاركة الفاعلة في المحافل واجتماعات المنظمات الدولية.
وبين الصايغ أن دولة الإمارات ملتزمة في هذا الإطار بدعم الأجندة العالمية وبناء شراكات تعود بالنفع على المجتمع الدولي والأجيال القادمة، وستواصل بصفتها دولة ضيفة فاعلة في مجموعة العشرين دعم شمولية المنظمات متعددة الأطراف والمنتديات الدولية، من خلال تمثيلها ودعمها لاحتياجات الاقتصاديات النامية والأقل نموا.
وأشار إلى أن دولة الإمارات تحرص على دفع الجهود الدولية ضمن مجموعة العشرين من أجل مواجهة التحديات المشتركة التي يشهدها العالم بما يحقق الاستقرار والازدهار العالمي والمشاركة بشكل فاعل في المحافل والمنظمات الدولية.