"أيدكس" أصبح أحد المعالم المهمة لدولة الإمارات ومنصة تنتظرها الشركات العالمية كل عامين لطرح ما هو جديد.
خلال ربع قرن مر معرض ومؤتمر الدفاع الدولي "أيدكس" بالعديد من المحطات والقفزات النوعية التي سجلت قصة الريادة الإماراتية في صناعة المعارض بشكل عام والمعارض المتخصصة على وجه الخصوص، حتى أصبح لهذه الصناعة مكان مخصص له متكامل من الخدمات اللوجستية من فنادق ومطاعم ومواقف سيارات له في العاصمة أبوظبي، يعرف بمركز أبوظبي الوطني للمعارض "أدنيك"، في إشارة واضحة إلى أن هناك رؤية استراتيجية لأهمية هذه الصناعة في المجالات الحيوية.
دولة الإمارات بدأت تقطف الكثير من ثمار تصالحها مع ذاتها خلال رسم خطط مستقبلها ومعرفة احتياجاتها، فبجانب السمعة الدولية الرائعة هناك المردود الاستثماري سواءً في الصناعات العسكرية الإماراتية أو المالي للحاضرين والشركات العارضة وهناك نجاح الإنسان الإماراتي في إبهار العالم بهذا التنظيم
فما بين زيادة مساحات المعرض وتعدد مجال التخصص يأتي معرض الدفاع البحري "نافدكس" الذي تزايد عدد المشاركين فيه ليصبح اليوم تقريباً 1400 مشارك إلى أن أصبح المكان المفضل للعارضين والمبتكرين لعرض أحدث ما توصلت إليه الصناعة العسكرية في العالم، في إشارة لافته إلى اختصار الفكرة في أن المعرض اليوم يجمع بين جودة الإنتاج العسكري مع جودة الحضور العالمي، فبجانب الشركات فإن الحضور السياسي والعسكري أيضاً نوعي، كما أن للمعرض جانبا فكريا، فعلى هامشه يعقد مؤتمر الدفاع الدولي فهي منصة استراتيجية لمناقشة القضايا والتحديات التي تهدد استقرار العالم، على اعتبار أن الفهم الإماراتي قائم على أنه لا تنمية دون الاستقرار.
الفكرة أن معرض "أيدكس"، الذي نظم أول دورة له في العام 1993، وفعالياته المصاحبة له أصبحت اليوم علامة تجارية في قطاع المعارض المتخصصة في العالم، وبات الكثيرون ينتظرونه، وهذا دليل السمعة العالمية المرموقة التي حققها هذا المعرض في هذا القطاع الذي بات يعتبر أحد المصادر البديلة والمهمة ضمن مصادر الدخل للدول، وهي الاستراتيجية الاستشرافية لحكومة الإمارات في عصر ما بعد النفط، وهو ما يعني في مجمله أن الإمارات أصبحت من اللاعبين الأساسيين إن لم تكن الأولى في هذا المعرض تحديداً.
عندما يجول المهتم ببصره في عالم المعارض العسكرية بأنواعها المختلفة يلاحظ أن هناك العديد منها في العالم، وهي بلا شك نشيطة ولها تاريخها سواء في العالم الغربي أو في منطقة الشرق وسط وآسيا، لكن عندما يصل الأمر إلى دولة الإمارات ومعرض "أيدكس" فإن الأمر يتحول إلى دهشة وإلى الإثارة من الأرقام القياسية التي تسجلها في عدد الحضور، فرقم العارضين يقارب 1400 شركة محلية وعالمية، وهذا دليل للمكانة الدولية بالحضور الفاعل في الساحة العالمية، كما أنها شهادة على النجاح الإماراتي ليس فقط في جانب تنظيم المعارض أو هذا المعرض المهم ولكن الحضور السياسي والاقتصادي أيضاً.
"أيدكس" أصبح أحد المعالم المهمة لدولة الإمارات ومنصة تنتظرها الشركات العالمية كل عامين لطرح ما هو جديد، فهو بجانب التعرف على التقنيات الحديثة في عالم الصناعات العسكرية يعد أيضا فرصة للاطلاع على النتائج والأبحاث والدراسات التي تقوم بها المراكز والشركات المتخصصة في مجال الأمن والدفاع، فهذا الانطباع الأولي الذي يقفز إلى الذاكرة عند الحديث عن الريادة الإماراتية في هذا المجال والذي هو في حقيقة نتيجة تخطيط وفكر يعمل على صناعة المستقبل التي تعد من أحد شروطها استقراء أحداثه والاستعداد له بدلاً من انتظاره لفرض واقعه الذي عادة ما يكون صعباً ومراً أيضاً.
التميز الإماراتي المشهود في معرض "أيدكس" من دلائل وجود رؤية استراتيجية لقيادة الدولة، والرائع في الأمر أن الأمر لم يقف في صناعة المعارض المتخصصة وما يحتويه من الصناعات العسكرية الإماراتية والأفكار في الحفاظ على الأمن والتنمية، ولكنه شمل العديد من المجالات المهمة التي تستعد للتحديات المستقبلية التي تحافظ على الريادة الإماراتية العالمية مثل: التفكير المستقبلي من خلال القمة الحكومية العالمية التي أنهت أعمالها الأسبوع الماضي في دبي، أو من خلال ترسيخ القيم الإنسانية العالمية، وعلى رأسها قيمة التسامح التي تمثلت في استضافة البابا مؤخراً انطلاقاً من مفهوم أشمل للأمن الوطني للدول واستقراره الذي لم يعد مقصوراً على أمن الحدود وعلى صد العدو القادم من الخارج.
خلاصة الموضوع أن دولة الإمارات بدأت تقطف الكثير من ثمار تصالحها مع ذاتها من خلال رسم خطط مستقبلها ومعرفة احتياجاتها، فبجانب السمعة الدولية الرائعة هناك المردود الاستثماري، سواءً في الصناعات العسكرية الإماراتية أو المالي للحاضرين والشركات العارضة، وهناك نجاح الإنسان الإماراتي في إبهار العالم بهذا التنظيم، فهو رهان كل القيادات الإماراتية لكل قصص نجاح هذه الدولة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة