واحة الكرامة.. صرح يروي بطولات شهداء الإمارات
لا تتوانى الدول التي تقدر تضحيات أبنائها، في تخليد ذكراهم بنصب يجسد الوفاء وهذا ما فعلته الإمارات في إنشاء واحة الكرامة لتكريم الشهداء.
فقد أنشأت دولة الإمارات، في قلب العاصمة أبوظبي، تحفة معمارية تمثل نصبا لتكريم شهدائها الذين بذلوا أرواحهم أثناء تأدية واجبهم الوطني، فسطرت أسماءهم بماء الفخر، لتظل شاهدة على التعانق بين التضحية والوفاء.
سرّ التسمية
اعتمد تسمية واحة الكرامة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في سبيل إعطاء الصرح الوطني الشامخ، الدلالة المناسبة، التي تجمع قلوب أبناء الإمارات وتوحدهم على تكريم شهدائهم.
وكانت للتسمية التي اختارها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، دلالة عميقة، توخت ربط الحاضر بالماضي، واعتماد الأصالة عنوانا، واستحضار الماضي بفخر.
وتأتي كلمة واحة في المقدمة من البيئة السائدة بالإمارات، التي كانت في الماضي عبارة عن واحات خضراء تجري من خلالها الأفلاج، ودمجها بمسمى "الكرامة"، تكريماً لأرواح الشهداء.
وأعلن عن الموقع رسمياً عام 2015، وبعد أقل من سنة واحدة، وبالتزامن مع يوم الشهيد؛ الذكرى السنوية التي تحل كل عام في الثلاثين من نوفمبر/ تشرين الثاني، افتتحت رسميا واحة الكرامة، لتكون رمزاً إماراتياً للبطولة والفخر والشجاعة والوحدة، وتُعد وجهة وطنية يتعرف من خلالها العالم على تضحيات أبناء الإمارات وبطولاتهم.
ويتولى مكتب شؤون أسر الشهداء بديوان ولي عهد أبوظبي إدارة واحة الكرامة والإشراف عليها ومتابعة الخطط والبرامج اللازمة بالتنسيق مع الجهات والمؤسسات المعنية في البلاد، لتشييد هذا المعلم الوطني.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت واحة الكرامة إحدى الوجهات المفضلة لزوار أبوظبي، إذ تعرف ضيوف الإمارات الرسميين والجمهور العادي من سائحين ومواطنين ومقيمين، بالشهداء من خلال التجول في أرجائها واكتشاف القصص البطولية خلف استشهاد بواسل الإمارات.
الموقع والتصميم
قبل الوصول إلى الشكل النهائي لواحة الكرامة، أعلن عن مسابقة لأفضل تصميم للمعلم، شارك فيها أبرز المصممين المشهورين عالمياً، من أصحاب الخلفيات الفنية والمعمارية، ووقع الاختيار على تصميم الفنان البريطاني إدريس خان، الذي قدم أفضل تصميم يجسد أواصر الوحدة والتلاحم في نصب الشهيد.
تحتل واحة الكرامة مركزاً استراتيجياً ما بين القيادة العامة للقوات المسلحة وجامع الشيخ زايد الكبير على مساحة 46 ألف متر مربع، وتتكون من 4 مناطق؛ هي مركز الزوار وميدان الفخر ونصب الشهيد وجناح الشرف.
ومركز الزوار هو تجربة تفاعلية يتم خلالها سرد قصة نصب الشهيد وبطولات جسدها تضحيات شهداء الوطن، لزوار الواحة، أما ميدان الفخر فبُني على مساحة واسعة تتخذ شكلاً دائرياً، ليقدم انعكاساً واضحاً لنصب الشهيد وجامع الشيخ زايد الكبير.
ويحيط بالميدان مدرج كبير يتسع لنحو 1200 شخص كما توجد في منتصف الميدان بركة دائرية تشكل لوحة فنية رائعة تجمع انعكاس جامع الشيخ زايد ونصب الشهيد.
أما نصب الشهيد فهو مكون من 31 لوحاً من الألومنيوم يستند كل منه على الآخر، ليجسد رمزا للوحدة والتكاتف والتضامن والتلاحم بين أبناء دولة الإمارات قيادةً وشعباً.
وللنصب التذكاري دلالة رمزية، فهو يمثل القوة والشجاعة التي تحلى بها شهداء الإمارات العربية المتحدة وأبطالها، وهو ما يبدو واضحاً من خلال نقش قسم القوات المسلحة لدولة الإمارات على العمود الطويل في الجزء الخلفي من نصب الشهيد.
ألواح أخرى نقشت عليها قصائد وأقوال للوالد المؤسس لدولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واقتباسات من أقوال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إضافة الى اقتباسات وقصائد للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
الألواح الثمانية
كما تضم واحة الكرامة جناحاً للشرف يضم أسماء 196 شهيداً من أبناء الإمارات البواسل، الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، ويُغطى سقف الجناح بثمانية ألواح ترمز إلى الإمارات السبع، بينما يمثل اللوح الثامن شهداء الدولة.
في منتصف الجناح ألواح زجاجية شفافة كبيرة تجسد عملاً فنياً يمثل الإمارات السبع وتحيط بها بركة تجري المياه من خلالها، بينما يحيط بكل لوح من الجانبين الأمامي والخلفي نقش بقسم القوات المسلحة يمكن للزوار قراءته من أي جانب.
أما جدارية الجناح فقد نُقش عليها أسماء شهداء الوطن ومكان وتاريخ استشهادهم، بالإضافة إلى آيتين من القرآن الكريم.
أعلى الجدار الداخلي الدائري للجناح، توجد ألواح معدنية مصنوعة من الألومنيوم المعاد تدويرها من آليات تابعة للقوات المسلحة الإماراتية، يخلد كل لوح منها اسم أحد شهداء الوطن، ورتبته، وعمله، إضافة إلى مكان وتاريخ استشهاده.
بتصميمها الفريد شكلت واحة الكرامة منصة لتخليد ذكرى الشهداء وتذكير العالم بأن الإمارات رمز عالمي للتسامح والتعايش، لتكون الواحة المركز الرئيسي للاحتفاء بيوم الشهيد، ومعلما سياحيا لا يفوّت زوار أبوظبي سانحة المرور به.
aXA6IDE4LjIyNi4xODcuMjEwIA== جزيرة ام اند امز