"التجربة الفنية الإماراتية".. نموذج لدعم المواهب السينمائية
"السينما تبدأ من هنا"، تحت هذا الشعار انطلقت في الإمارات مبادرة "التجربة الفنية الإماراتية" دعماً للمواهب الصاعدة في الفن السابع.
"السينما تبدأ من هنا"، تحت هذا الشعار انطلقت في الإمارات مبادرة "التجربة الفنية الإماراتية" دعماً للمواهب الصاعدة في الفن السابع.
المبادرة خرجت إلى النور في يناير/كانون الثاني 2019، وبلغت اليوم مرحلتها الثالثة، وهي إنجاز أول جزء من الفيلم السينمائي الطويل، الذي يصنعه الجمهور.
مبادرة عالمية
"التجربة الفنية" مبادرة عالمية بدأت منذ عام 2012 في هولندا، ومنها انطلقت إلى مختلف البلدان حول العالم، مثل الصين وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا.
وحصلت مدينة الشارقة للإعلام "شمس"، بالتعاون مع شركة "أرب فورمات لاب"، على الحقوق الفكرية للمبادرة بغية تنفيذها في الإمارات، فأضحت الدولة هي الأولى عربياً في تطبيق مشروع يدعم المواهب محلياً وإقليمياً، ويشمل تدريب الأكاديميين أو الهواة على إنتاج فيلم طويل أبطاله من الجمهور، وقصته يكتبها ويخرِجها المشاركون.
يشارك ضمن المبادرة 2000 شخص، نصفهم تقريباً من النساء، وقد تم توزيعهم على 32 مجموعة كي يعملوا على أول جزء من الفيلم السينمائي الطويل المقرّر عرضه في سبتمبر/أيلول 2019.
ويُقسَّم الفيلم الذي يحمل عنوان "تحت الشمس" على 7 مراحل، تمتد كل مرحلة منها 10 دقائق، إذ يتمحور حول العلاقة بين الواقع و"السوشال ميديا".
وتدور أحداثه حول قصة فتاتين، تقدّم الأولى نفسها عبر "السوشال ميديا" وتُدمن مواضيع العنف حول العالم، إلى أن تخلق قصة افتراضية من تأليفها ويصدقها الناس، وتؤدي دور المنقذ.
في المقابل تذهب الفتاة الأخرى إلى منطقة بعيدة عن المدينة، وتجمعها الصدفة مع آنسة منعزلة ستأخذها إلى لحظات جميلة، فتتكون بينهما علاقة ودّ وصداقة، وسببها شجرة غاف تجمعهما تحت ظلها، وهذه الشجرة التي تم اختيارها رمزاً لعام التسامح في الإمارات.
أسبوع "شمس" السينمائي
تستمر صناعة العمل على نفس الوتيرة خلال ستة مراحل، وفي المرحلة السابعة والأخيرة يختار كل فريق نهاية خاصة بفيلمه، مختلفة عن الفرق الأخرى.
ويتكون في النهاية 32 فيلماً كاملاً يحملون ذات القصة، ولكن في رؤى إخراجية ونهايات متنوعة.
ويتم بعدها اختيار 12 فيلماً من جميع المشاركات حتى تُعرض ضمن مهرجان "أسبوع شمس السينمائي" أكتوبر/تشرين الأول 2019، ثم يُجرى توزيع جوائز "الأفضل" في نهاية المهرجان للأفلام الـ3 الفائزة، على غرار المهرجانات السينمائية الكبرى، كجائزة أفضل مخرج، وأفضل ممثل، وأفضل كاتب سيناريو، على أن يجتمع الفائزون بعد نهاية الحدث، في عمل سينمائي احترافي من إنتاج مدينة الشارقة للإعلام وشركة "أرب فورمات لاب".
ويحاكي الإنتاج الصناعة الحقيقية للسينما كما يُعرَض في الصالات والمهرجانات العالمية الكبرى.
وحول أهمية هذه التجربة، ذكرت خلود أبو الحمّص، رئيسة مجلس إدارة شركة "أرب فورمات لاب"، أنها سعيدة باستثمار المشروع لدعم المواهب المحلية.
وقالت في حديث لـ"العين الإخبارية: "إن المشروع يسعى إلى دعم المواهب العربية في دولة الإمارات، من خلال إعطائهم الثقة، فشبابنا اليوم لديهم الثقافة والفكر والطموح والإرادة والشغف وكل ما يحتاجون إليه هو الفرصة".
وثمّنت أبو الحمّص جهود مؤسسة "شمس" المثمرة وحرصها على نجاح المشروع السينمائي الرائد على مستوى الوطن العربي والذي يشكل قيمةً مضافةً للسينما الإماراتية، ورصيد إمارة الشارقة الرفيع في مجالات الفن والإعلام والثقافة.
فرصة للكوادر الخلاّقة
وترمي التجربة الفنية الإماراتية إلى تسليط الضوء على أشخاص لديهم شغف بصناعة الفن، و لم يجدوا فرصتهم حتى الآن، حيث توفر لهم هذه الفرصة عبر تقديم جميع مستلزمات العمل من كاميرات ومعدات إضاءة وصوت، فضلاً عن تدريب الكوادر نظرياً وعملياً بجلسات "الفريق الملهم".
ويتكوّن هذا الفريق من نجوم الإمارات في شتى المجالات الفنية، إذ يضم كل من الفنان حبيب غلوم، والسيناريست محمد حسن أحمد، والمخرجة نهلة الفهد، والفنان عبدالله حيدر، إلى جانب الملحن المصري مصطفى حلواني، ومدير التصوير البولندي مايكل سوسنا.
و عبّر غلوم عن إعجابه بالتجربة وما وصل إليه المشاركون، قائلاً لـ"العين الإخبارية" إن هذه التجربة بمثابة مدرسة حقيقية لجميع المشاركين وحتى الملهمين، فهي مختلفة تماماً عن الطريقة التقليدية في إنجاز العمل السينمائي، لما تحتاجه من متابعة دائمة في سبيل وضع هذه الكوادر الخلّاقة في إطارها الصحيح، بواسطة الدورات التثقيفية وورشات العمل التي تطلقها مؤسسة الشارقة للإعلام.
عمل جماعي ورؤية تشاركية
قام "فريق الملهمين" بدايةً بتقديم بعض التدريبات النظرية والعملية في فن صناعة السينما، من خلال جلسات تواصل مع المشاركين بعد توزيعهم على 32 مجموعة.
وتضم كلّ فرقة منها، جميع الكوادر الفنية اللازمة لإنتاج عمل فني متكامل، و عبر منصة رقمية تم تطويرها بالتعاون بين مؤسسة "شمس" للإعلام، وشركة "مايكروسوفت" العالمية، حيث طرح كاتب السيناريو الإماراتي محمد حسن أحمد، أول عشر دقائق من العمل في مارس/آذار 2019، على أن تشارك جميع الفرق بعد ذلك في تكملة تفاصيل سرد الحكاية، بأفكارهم الشخصية وتضمينها في السيناريو، مع الحفاظ على حرية اختيار الرؤية الإخراجية والأدائية لكل فريق.
وحقّقت هذه التجربة حلم الشابة الإماراتية بشاير النقبي، التي أفادت: "حلم طال انتظاره، واليوم أحقّقه وأشعر بمسؤولية أكبر تجاه هذا التحدي الذي سيحدّد مستقبلي في السينما".
وترى النقبي أن "التجربة الفنية الإماراتية تعتبر المدرسة التي نحاول أن نستقي منها المعرفة والخبرة الكافية، بمساعدة فنانينا الذين نقتخر بوجودهم إلى جانبنا ودعمهم لنا، لتحقيق طموحاتنا الفنية والخروج منها بأحسن صورة".
وبدوره عبّر هاغوب عيد، أحد المشاركين ضمن المبادرة، عن مدى أهميتها في صقل تجربته وفتح آفاق جديدة أمامه، بقوله: "أفتخر بوجودي ضمن هذه التجربة الفنية الفريدة على مستوى الوطن العربي، والتي استطعت بفضلها اكتساب خبرات جديدة سواء من الفنانين الملهمين أو من التجربة على أرض الواقع و زملائي في موقع التصوير، فقد أعدت اكتشاف نفسي مع جميع المشاركين وتعلمت منهم بأن العمل الجماعي يمثّل السبيل الأقوى للخروج بأحسن النتائج".