برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية.. نموذج ريادي يلهم العالم
منذ قيام دولة الإمارات بإطلاق برنامجها النووي السلمي وما حققته من إنجازات في زمن قياسي، يعكس أنها نموذجا عالميا ملهما في الطاقة النووية
وخلال المؤتمر الوزاري الخامس للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الطاقة النووية في القرن الحادي والعشرين، أكد السفير حمد الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن التعاون الوثيق مع الوكالة الدولية والمنظمات الدولية الأخرى ساهم في تطوير نموذج ريادي للطاقة النووية في دولة الإمارات، وهو ما تحقق في ظل رؤية القيادة الرشيدة الخاصة بالتنوع الاقتصادي وأمن الطاقة.
وقال الكعبي في معرض حديثه عن " منذ انطلاقته، استفاد البرنامج النووي السلمي الإماراتي، من المراجعات والإرشادات المتواصلة التي قدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي ساهم في تطوير دولة الإمارات أحد أكثر مشاريع الطاقة النووية تقدمًا في العالم المتمثل في محطات براكة للطاقة النووية السلمية. ونتيجة للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمات الدولية الأخرى، تقوم دولة الإمارات اليوم بدور ريادي في مواجهة ظاهرة التغير المناخي من خلال إنتاج الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية من محطات براكة، وتمضي قدماً في تسريع جهودها للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050".
- الطاقة النووية في الإمارات.. كهرباء هائلة تحمي البيئة وتحترم المناخ
- "براكة".. مفخرة الطاقة النووية السلمية للإمارات والعرب
وأضاف "طورت دولة الإمارات محطات براكة وفق كافة القوانين واللوائح المحلية، وبما يتماشى تماماً مع الالتزامات الواردة في سياسة دولة الإمارات لعام 2008 التي ترتكز على السلامة النووية والأمن والشفافية وعدم الانتشار النووي. وخلال تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي، عززت دولة الإمارات تعاونها الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك تبادل المعارف والخبرات مع المجتمع الدولي، الأمر الذي جعل من البرنامج ومحطات براكة قصة نجاح ملهمة ونموذجاً يحتذى به من قبل الدول المسؤولة التي تتطلع إلى تطوير مشاريع جديدة للطاقة النووية".
وفي ذات السياق، استعرض محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وجهة نظره بشأن استراتيجية الطاقة النووية وطرق تمويلها، وذلك خلال حلقة نقاشية عُقدت في إطار المؤتمر السنوي الأول حول الطاقة النووية في العاصمة الأمريكية واشنطن.
شارك في الحلقة النقاشية إلى جانب الحمادي الدكتورة سما بيلباو ليون، المدير العام للجمعية النووية العالمية، وكوزمين غيتا، الرئيس التنفيذي لشركة "نيوالكتريكا" ورافاي كاسبرو، الرئيس التنفيذي لشركة"أورلين سينثوس غرين اينيرجي"، حيث تناولت الحلقة موضوع "اعتبارات التمويل لبناء طاقة نووية جديدة"، وأدارتها الدكتورة جينيفر غوردون، مدير مبادرة سياسة الطاقة النووية في المجلس الأطلسي.
وتحدث الحمادي عن الاعتبارات الرئيسية اللازمة لبدء برنامج نووي جديد، وقصة نجاح تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية، حيث سلط الضوء على النهج الواقعي طويل الأجل والقائم على الحقائق والبيانات الذي اتبعته دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير الطاقة النووية، وذلك لضمان أمن الطاقة وتسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة.
وقال الحمادي في هذا الإطار: بالعودة إلى العام 2008، عندما كانت الظروف مشابهة لما يحدث اليوم من ارتفاع أسعار النفط، بادرت دولة الإمارات إلى وضع الخطط لتنويع مصادر الطاقة من أجل تطوير محفظة متنوعة وموثوقة وصديقة للبيئة من مصادر الطاقة لضمان أمن الطاقة والاستدامة معاً، حيث كانت دولة الإمارات الأولى في العالم العربي التي تشغل محطات للطاقة النووية كما طورت أكثر من 70% من مشاريع الطاقة المتجددة في منطقتنا.
وأوضح الحمادي أن دولة الإمارات أخذت في الاعتبار أهمية وضع التزامات واضحة في سياستها الخاصة باستخدام تقنية نووية موثوقة ووفق أعلى المعايير، بالإضافة إلى مبادئ أساسية في مقدمتها الشفافية وعدم الانتشار النووي، إلى جانب تطوير الشراكات، واعتماد نموذج تمويل مستدام، وبرنامج لتنمية رأس المال البشري، مشيراً إلى أن دولة دولة الإمارات تمكنت من تحقيق كل ذلك، مما أدى في النهاية إلى تطوير محطات براكة التي أصبحت نموذجاً يُحتذى به من قبل مشاريع الطاقة النووية الجديدة حول العالم.
وأكد على أن من أهم عوامل تميز البرنامج النووي السلمي الإماراتي كان التركيز على الرأي العام والتوعية بأهمية الطاقة النووية للنمو الاقتصادي والاستدامة معاً، حيث بذلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية جهوداً كبيرة في توعية كافة فئات المجتمع، سواء في الجهات الحكومية أو الشركاء أو الموردين او الشباب في الجامعات أو حتى طلبة المدارس.
وأضاف: لقد وضعت القيادة الرشيدة استراتيجية طويلة المدى للانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة منذ نحو 15 عامًا، وكان الهدف دائماً هو الوفاء بالمتطلبات الاقتصادية، ودعم النمو، وتحقيق أهداف الاستدامة، وتمهيد الطريق لتطوير تقنيات جديدة للطاقة خالية من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب ضمان أمن الطاقة. وفي الوقت الحالي يقوم البرنامج النووي السلمي الإماراتي بالحد من ملايين الأطنان من الانبعاثات الكربونية سنويًا، من خلال التشغيل التجاري للمحطتين الأولى والثانية في براكة.
وتابع الحمادي: على الصعيد العالمي، نحن نعلم أن الطاقة النووية يجب أن تكون جزءًا من نظام الطاقة الصديقة للبيئة المتنوع، والذي يشمل النفط والغاز والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، بينما نمضي قدماً نحو الحياد المناخي، ولا سيما أن ثمانية من أصل عشرة من الدول الأكثر استدامة في العالم لديها الطاقة النووية في محفظتها لمصادر الطاقة، حيث لا توجد أي تقنية أخرى باستثناء الطاقة النووية اليوم، يمكنها ضمان نفس المستوى من أمن الطاقة وخفض البصمة الكربونية على نطاق واسع.
وختم الحمادي بالإشارة إلى أن مستقبل الطاقة النووية هو مستقبل واعد على الصعيد العالمي، مشيراَ إلى أن تمويل مشاريع الطاقة النووية يحتاج اولاً إلى الثقة سواء كانت ثقة الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، على أساس جدوى هذ المشاريع والأهمية الفريدة للطاقة النووية التي توفر كهرباء الحمل الأساسي على مدار الساعة وتحد من الانبعاثات الكربونية. كما سلط الضوء على الفرص المستقبلية التي تدرسها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ومن بينها الجيل الجديد من المفاعلات وكذلك نماذج المفاعلات المعيارية المصغرة، وتقنيات إنتاج الهيدروجين كمصدر جديد للطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية.
ووصلت نسبة الإنجاز الكلية في محطات براكة التي تطورها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي إلى 97%، وهي تضم أربعة مفاعلات من طراز APR1400 ، التي تعد أحد أكثر تصميمات المفاعلات النووية تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم، وتصل القدرة الإنتاجية لكل منها إلى 1400 ميجاوات من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية.
وتم بالفعل ربط ثلاث محطات من محطات براكة الأربع بشبكة كهرباء دولة الإمارات، حيث تنتج المحطتان الأولى والثانية الكهرباء على نحو تجاري، وتساهم المحطات في تمكين دولة الإمارات من مضاعفة تصديرها للغاز الطبيعي المسال حيث توفر ما تصل قيمته إلى أربعة مليارات دولار هي قيمة الغاز الذي كان يمكن استخدامه في إنتاج الكهرباء. وعند تشغيلها بالكامل ستعمل محطات براكة الأربع على خفض استهلاك الغاز في دولة الإمارات في عام 2030 بما يتراوح بين 900 و1200 مليون قدم مكعب في اليوم، أي ما يعادل أكثر من 65 مليون برميل في السنة، وبذلك تدعم الطاقة النووية خطط دولة الإمارات الخاصة بتصدير الغاز الطبيعي.