هـذا الـقـرار يـحـمـل في طـيـاتـه عـظـمـة الـقـيـادة الاسـتـثـنـائـيـة الـتـي يتحلى بـهـا سـيـدي صـاحب الـسمو الـشـيـخ مـحـمـد بن زايد.
الإمــارات وفــلــســطــين تــاريــخ عــمــيــق وممــتــد مــن الــدعــم الــســيــاســي، والمــســاعــدات الإنسانية، والدفاع عن الحقوق في المحافل الدولية، وهذه العلاقات تتجاوز جـذورهـا وعـمـرهـا أعـمـارنـا، فـقـد كـان الـشـيـخ زايـد بـانـي دولـة الإمـارات طـيـب الله ثـراه، هـو مـن قـاد الـدولـة مـنـذ نـشـأتـهـا إلـى رعـايـة اتـفـاقـيـات الـسـلام، وتحـالـفـات الخـيـر والاسـتـقـرار والـوئـام، وكـانـت فـلـسـطـين حـاضـرة دائـمـا ف قـلـبـه وروحـه، كـمـا تـدل عـلـى ذلـك كـثـيـر مـن الـوقـائـع والمـشـاهـد، فحين تـعـرضـت كـنـيـسـة الـقـيـامـة بـبـيـت لحـم في فـلـسـطـين، مـهـد الـسـيـد المـسـيـح عـلـيـه الـسـلام لـلاعـتـداء، أصـدر رحـمـه الله أوامـره الـسـامـيـة وتـوجـيـهـاتـه الـعـاجـلـة بـترمـيـمـهـا، وإعـادتـهـا إلـى أحـسـن ممـا كـانـت عـلـيـه، وفِي نفس الوقت أمر بترميم مسجد عمر أيضا بجانبها.
وهذي قـيـادتـنـا الـرشـيـدة مـن بـعـده سـيـدي صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ خـلـيـفـة بـن زايـد آل نـهـيـان رئـيـس الـدولـة وسـيـدي صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ مـحـمـد بـن زايـد آل نـهـيـان، ولـي عـهـد أبـوظـبـي ونـائـب الـقـائـد الأعـلـى لـلـقـوات المـسـلـحـة حـفـظـه الله ورعـاه، نـراهـم يـجـددون فـيـنـا مـواقـفـه الـفـذة، ويـشـقـون دروبا لـلـسـلام جـديـدة، وكـان مـن أهـمـهـا مـا أطـلـقـه سـيـدي صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ مـحـمـد بـن زايـد مـن معاهدة سلام تـاريـخـيـة، نـصـت بـنـودهـا عـلـى خـيـر عـظـيـم، فـفـيـهـا تـعـظـيـم قـبـلـة المسلمين الأولـى، وخـدمـة قـضـايـاهـم، وتمـكـيـنـهـم مـن زيـارة المـسـجـد الأقـصـى وأداء عـبـادتـهـم وشـعـائـرهـم فـيـه، وفـيـهـا مـا يـنـصـر أهـل فلسطين ويـسـاعـدهـم، ويـهـيـئ الأجـواء لـتـلاقـي الأخـوة الإنـسـانـيـة في مـهد رســالاتــهــا، وفِي أرض تــعــاهــد عــلــى زيــارتــهــا أنــبــيــاء الله ورســلــه عــلــيــهــم الــســلام، يـزورونـهـا بـعـد أن حـرمـوا مـن زيـارة المـسـجـد الأقـصـى عـقـودا طـويـلـة، وهـذه مـنـقـبـة عظيمة من المناقب التي اذخرها الله تعالى، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
إن هـذا الـقـرار يـحـمـل في طـيـاتـه عـظـمـة الـقـيـادة الاسـتـثـنـائـيـة الـتـي يتحلى بـهـا سـيـدي صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ مـحـمـد بـن زايـد، ومـا يـحـمـلـه هـذا الـرجـل حـفـظـه الله مـن هـم تجسيد القيم الإنسانية، ودفاعه عن نهج التسامح والتعايش، واحترامه لـلـمـقـدسـات الـديـنـيـة لجـمـيـع الأديـان، ويـعـكـس بـكـل جـلاء قـيـم دولـة الإمـارات الـتـي هـي دولـة الأفـعـال والمـشـاريـع الـنـاطـقـة، والـشـيـم الأصـيـلـة، والـقـيـم الـنـافـعـة، فـلا تحـمـل الـشـعـارات الـزائـفـة، ولا تـدعـو لـلـعـواطـف الـهـائـجـة، فـقد وقـفـت الإمارات دائـمـا بـجـانـب القضية الفلسطينية، وتـاريـخـهـا في هـذا الـبـاب نـاطـق صـادق مـصـدَّق، لا تـسـاوم عـلـى مـبـادئـهـا فـيـه، ولا تـقـبـل أن يـزايـد عـلـيـهـا أحـد ممن جعل القضايا المصيرية مطايا للمزايدات والمتاجرة والمكاسب الآنية.
إن هـذا الـقـرار الـشـجـاع المـدروس بـدقـة، والمخـتـار بـعـنـايـة؛ قـد جـاء في وقـت مـنـاسـب، ولـيـس مـن قـبـيـل الـصـدفـة أن يـأتـي بـعـد احـتـفـاء الـعـالـم بـيـوم الـشـبـاب الـعـالمـي، إذ يـؤرق شـبـاب مـنـطـقـتـنـا في هـذه الـعـقـود الأخـيـرة، قـضـايـا جـانـبـيـة تـولـدت لـديـهـم جـراء اسـتـغـلال قـضـيـة فلسطين من الإرهـاب وأهـلـه، فـكـم أزهـقـت مـن أرواح شـبـابـنـا بحجتها، وكـم فـقـدوا مـن الاسـتـقـرار، وكـانـوا ضـحـيـة انـتـشـار الـعـنـف والإرهـاب، ولـلـعـاقـل أن يـتـسـاءل؛ أولـيـس مـن حـق شـبـاب فلسطين والمـنـطـقـة أن يـنـعـمـوا بـالـسـلام، ويـتـذوقـوا الـرخـاء، ويـخـدمـوا أوطـانـهـم، ويـسـاهـمـوا في مـشـاريـع الـتـعـلـيـم والـصـحـة والاقـتـصـاد والـتـنـمـيـة؟! ألا يـفـتـح لـهـم هـذا الاتـفـاق بـارقـة أمـل نـحـو غـد يـتـلاقـى فـيـه الـشـبـاب عـلـى ما ينفع أوطانهم ويكون سببا في تنميتها، بلى. وإن مـن واجـبـنـا الـشـرعـي والـوطـنـي والاجـتـمـاعـي في ظـل هـذه الـقـرارات الحـكـيـمـة لـبـلادنـا؛ ضـرورة الـسـمـع والـطـاعـة لـولاة أمـورنـا، ونـوقـن يـقـيـنـا لا شـك فـيـه ولا مـريـة، أن قـراراتـهـم قـرارات صـادقـة، تحـقـق مـصـالحـنـا الـديـنـيـة والـسـيـاسـيـة والاقـتـصـاديـة، كـيـف وقـد عـودنـا حـكـامـنـا الـكـرام أنـهـم لا يـقـدمـون عـلـى أمـر إلا كـان الـنـجـاح حـلـيـفـه، والخـيـر والـصـلاح رفـيـقـه، ومـا وصـلـت إلـيـه دولـة الإمـارات في سـلـم الـتـقـدم والـتـطـور هـو خير شاهد على ذلك، وما مسبار الأمل ومفاعل براكة السلمي عنا ببعيد. فـالـيـوم لـيـس مـنـاسـبـة لـلـجـدل والاسـتـمـاع لترهات المغرضين والمخذلين، فـنـحـن عـلـى بـيـنـة مـن أمـرنـا، ونـصـطـف بـكـلـمـة واحـدة خـلـف قـيـادتـنـا، وفِي ثـقـة كـامـلـة بـتـوجـهـات دولـتـنـا ورجـالـهـا، فـلـيـس أهـم مـن هـذا الـقـرار إلا الإجـمـاع الـوطـنـي حـولـه الـذي يـثـلـج صـدور المحبين والمنتمين لـهـذا الـوطـن وقـضـيـتـه، وهـذا ممـا يـدل عـلـى نجـاح هـذا الـقـرار وانـتـظـاره، وهـاهـم الخـبـراء ورؤسـاء الـدول والحـكـومـات، وكـبـار السياسيين في الـعـالـم يـبـاركـون هـذه الخـطـوة ويـشـيـدون بـأهـمـيـتـهـا، ويـقـدرون دور الإمـارات الـعـالمـي في قـيـادة مسيرة السلام وإرخاء سدوله في جميع أطراف العالم.
إن الإنـسـانـيـة قـد تـعـبـت مـن الحـروب والـكـراهـيـة والـعـنـف، وقـد عـاشـت أجـيـالا عـدة في هـذا الحـال، وولـدت في أحـضـانـه وتـعـكـرت في نـظـرتـهـا بـهـجـة الحـيـاة، إذ لـم تـذق في أوقـاتـهـا طـعـم الأمـان والاسـتـقـرار، أولـيـس مـن حـق الأجـيـال الـلاحـقـة أن تـعـيـش حـيـاة الـكـرامـة والـهـنـاء والازدهـار!؟ أولـيـس مـن حـقـهـا أن نمـد لـهـا يـد الـعـون في تحـقـيـق هـذا المـقـصـد!؟ كـيـف لا وقـد وجـهـنـا الله لـذلـك وحـضـنـا عـلـيـه فـقـال تـعـالـى: (وَتَـعَـاوَنُـوا عَلَى الْبِرّ والتقوى) صدق الله العظيم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة