ماذا قدمت الإمارات في شهر رئاستها لمجلس الأمن؟.. إنجازات ورسائل هامة
إشادات عربية ودولية متتالية بجهود دولة الإمارات لحفظ الأمن والسلم الدوليين، خلال رئاستها لمجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار الماضي.
واختتمت دولة الإمارات، الخميس، رئاستها لمجلس الأمن الدولي التي استمرت على مدار شهر مشحون بالتحديات، حققت خلاله إنجازات بارزة، سواء كرئيس لمجلس الأمن الدولي أو عضو غير دائم به.
كما سجلت من خلال رئاستها وعضويتها بالمجلس مواقف ورسائل هامة مساندة للقضايا العربية والدولية العادلة، تستهدف في مجملها تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين الذي يعد نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد.
واعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر مارس/آذار الماضي، 4 قرارات وأصدر 6 بيانات، منها بيانان رئاسيان و4 بيانات صحفية.
وبصفتها الرئاسية لمجلس الأمن، عقدت دولة الإمارات 3 اجتماعات رئيسية في شهر مارس/آذار، تناولت الإدماج الاقتصادي للمرأة، والتمويل المناخي لصون السلم والأمن الدوليين، والتعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
كما ألقت دولة الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن نحو 20 بيانا خلال مشاركتها في جلسات وأنشطة المجلس على مدار شهر مارس/آذار تضمنت مواقفها من قضايا عدة على رأسها الأزمة الأوكرانية والقضية الفلسطينية والأوضاع في اليمن وسوريا وجنوب السودان وأفغانستان والصومال والعديد من المناطق حول العالم.
وحول رئاسة دولة الإمارات لمجلس الأمن منذ مطلع شهر مارس/آذار، قالت السفيرة لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة: "تؤمن دولة الإمارات بأن الدبلوماسية والحوار ضروريان لمواجهة التحديات العالمية الملحة، حيث عمدنا إلى تعزيز تلك المبادئ طوال فترة رئاستنا للمجلس".
4 قرارات
وتفصيلا، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر مارس/آذار الماضي، أربعة قرارات.
تتعلق القرارات الأربعة بتجديد ولايات هامة لبعثات حفظ السلام، في كل من أفغانستان وجنوب السودان، وولاية فريق الخبراء المعني بدعم لجنة 1718، بشأن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
كما أيد المجلس القرار الصادر عن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، بشأن إعادة تشكيل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، لتُصبِح بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال.
وحول تلك القرارات، قالت السفيرة لانا نسيبة: "رحبت دولة الإمارات بتجديد ولايات هامة لبعثات حفظ السلام، ويسعدنا أنها عكست التحديات الأمنية القائمة في جميع أنحاء العالم، والتي تزامنت مع فترة رئاستنا".
6 بيانات
كما أصدر مجلس الأمن الدولي 6 بيانات، منهما بيانان رئاسيان و4 بيانات صحفية.
وأصدر مجلس الأمن بيانات صحفية، أعرب من خلالها عن قلقه العميق إزاء ما أعلن بشأن قرار "طالبان" حرمان الفتيات من الصف السادس وما فوق من التعليم.
كما أدان المجلس بأشد العبارات الهجمات الإرهابية في الصومال وباكستان، والهجوم الذي تعرضت له بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي.
وأدان مجلس الأمن بأشد العبارات تلك الهجمات الإرهابية، وشدد أعضاء المجلس على ضرورة تقديم الجناة والمنظمين والممولين ورعاة هذه الأعمال الإرهابية الشائنة إلى العدالة.
وإضافة إلى ما تقدم، فقد أصدر المجلس بيانات رئاسية حول التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، والآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين.
3 اجتماعات
وبصفتها الرئاسية لمجلس الأمن، عقدت دولة الإمارات ثلاثة اجتماعات رئيسية في شهر مارس/آذار، تناولت الإدماج الاقتصادي للمرأة، والتمويل المناخي لصون السلم والأمن الدوليين، والتعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
تأتي الاجتماعات الثلاثة وفاء بالتعهدات التي أعلنتها دولة الإمارات مع بدء رئاستها لمجلس الأمن حول أولوياتها.
الاجتماع الأول عقد في 8 مارس/آذار، وكان عبارة عن مناقشة مفتوحة على المستوى الوزاري في مجلس الأمن، تزامنت مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وهدفت إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للمرأة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، من أجل تحفيز سلام مستدام.
ترأست المناقشة المفتوحة مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، حيث ركزت المناقشة على التمكين الاقتصادي للمرأة في حالات النزاع، كوسيلة ناجعة لتعزيز الحوار الشامل والسلام المستدام.
وخلال الجلسة، قدمت كل من سيما بحوث المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وكريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وموسوكورو كوليبالي رئيسة شبكة الفاعلين الاقتصاديين في مالي، إحاطات وافية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويعد مجال تمكين المرأة في السلام والأمن، بما في ذلك منع نشوب النزاعات وتسويتها وحفظ وبناء السلام، من أولويات السياسة الخارجية لدولة الإمارات.
وتعبيرا عن دعمها ومساندتها لجدول أعمال المرأة والسلام والأمن في الأمم المتحدة، وقعت دولة الإمارات وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي اتفاقية لدعم تنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، لتعزيز أصوات النساء والشباب وأصحاب الهمم في عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة.
وفي الملف الثاني تعتبر دولة الإمارات أن تغيّر المناخ يظل واحدا من أكثر التحديات العالمية الملحة، لذلك عملت خلال رئاستها لمجلس الأمن على تنشيط ودفع المحادثات المرتبطة بهذه القضية قدما.
وفي هذا الصدد نظمت دولة الإمارات 9 مارس/آذار اجتماعا على المستوى الوزاري لمجلس الأمن بشأن التمويل المناخي لصون السلم والأمن الدوليين، ترأسه الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.
وأكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، في كلمته، أن دولة الإمارات قدمت ما يزيد على مليار دولار من المساعدات لدعم العمل المناخي في أكثر من 40 دولة، مع التركيز بشكل خاص على الدول الجزرية والأقل نمواً.
كما قدمت مساعدات تُقدر بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة لدعم جهود الإغاثة في الدول التي تعاني من النزاعات والكوارث الناجمة بصورة رئيسية عن التغيير المناخي.
وأكد أن تفعيل اقتصاديات وآليات تمويل العمل المناخي يسهم في تعزيز الأمن العالمي، داعياً المجتمع الدولي إلى معالجة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي والتي تؤدي إلى توترات جيوسياسية تزعزع الاستقرار وتهدد الأمن والسلم الدوليين.
شارك في الاجتماع كل من جون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ؛ وألوك شارما، رئيس الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ.
ولعبت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية دورا محوريا في حشد الجهود والطاقات العالمية من أجل مواجهة تحدي تغير المناخ وطرح الحلول والمبادرات التي تسهم في تسريع جهود حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
وتستعد دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP 28 والتي ستقام في عام 2023، حيث تتطلع إلى تنظيم دورة متميزة تسهم في تبني العالم لتوجه اقتصادي يدعم العمل المناخي، وتحفز المجتمع الدولي لمزيد من التعاون وتسريع وتيرة جهود مواجهة تحدي تغير المناخ.
وفي الملف الثالث تؤمن دولة الإمارات أن انفتاح الدول والمجتمعات على بعضها البعض من شأنه أن يعمق أواصر الصداقة والتقارب على نحو يدعم أجواء السلام والتفاهم والحوار على المستوى الإقليمي والعالمي، ومن هذا المنطلق ركز الاجتماع الثالث على موضوع التعاون والحوار بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي حول العديد من التحديات التي تواجه المنطقة العربية وبما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
الاجتماع عقد يوم 23 مارس/ آذار، وترأسه خليفة شاهين المرر وزير الدولة الإماراتي، وشارك فيه أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة.
رحب البيان الرئاسي لمجلس الأمن بتعزيز التعاون مع جامعة الدول العربية وسلط الضوء على تعزيز العلاقات المؤسسية ضمن آليات التعاون، وتوطيد التعاون في منع ومكافحة الإرهاب والتطرف، بما يتضمن تعزيز ثقافة التسامح والحوار.
مواقف.. ورسائل
أيضا ترأست دولة الإمارات اجتماعات مجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار قادت خلاله المجلس -بالتعاون مع الأعضاء الآخرين- لتطوير استجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، وسجلت العديد من المواقف والرسائل الهامة.
وعملت دولة الإمارات بكل طاقاتها لخفض التصعيد والتوتر جراء الوضع في أوكرانيا، والعودة إلى الحوار والمفاوضات وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، واحترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي.
وعقدت جلسات بالمجلس لبحث التطورات بشأن أوكرانيا أيام 4 و7 و18 و30 مارس/ آذار، دعت خلالها دولة الإمارات المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهود لتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية هناك.
ودعت إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمُحتاجين دون تقييد ذلك بأي اتفاقات لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ضمان سلامة العاملين في المنظمات الإنسانية.
ودعت إلى ضبط النفس والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء أوكرانيا، الى جانب تفعيل القنوات الدبلوماسية لإنهاء النزاع بشكلٍ مستدام.
وخلال جلسة خصصت لمناقشة ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا يوم 10 مارس/ آذار، دعت دولة الإمارات إلى تشجيع إجراء حوار بناء وهادف بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والجمهورية العربية السورية.
وشددت على أهمية الاستمرار في مكافحة داعش في سوريا، لمنعه من إعادة ترتيب صفوفه أو حصوله على الأسلحة الكيميائية.
وخلال اجتماع عقد يوم 22 مارس/آذار، بشأن القضية الفلسطينية، أكدت دولة الإمارات على "التزامها التاريخي بدعم تحقيق استقلال دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود 4 يونيو/حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمرجعيات مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية وغيرها من المرجعيات الدولية المتفق عليها".
وشددت على "ضرورة السعي جدياً لإعـادة إطلاق عملية سلام ذات مصداقية، تؤدي إلى تحقيق حل الدولتين، بحيث تعيش الدولة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمن واعترافٍ متبادل".
وفي اجتماع عقد يوم 15 مارس/آذار بشأن الوضع في اليمن، رحبت دولة الإمارات باعتماد مجلس الأمن القرار 2624، يوم 28 فبراير/شباط الماضي بتصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية" للمرة الأولى، وإدراجهم في قائمة عقوبات اليمن، وفرض حظر الأسلحة عليهم.
ودعت كافة الدول الأعضاء إلى الالتزام بإطار مجلس الأمن في هذا الصدد.
وأكدت أن الغاية النهائية لا تتمثل بفرص العقوبات وإنما بإنهاء الأزمة عبر التوصل لحل سياسي، ما يتطلب من المجتمع الدولي استخدام كافة الوسائل المتاحة لمواصلة الضغط على الحوثيين لوقف انتهاكاتهم وأعمالهم العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات والانخراط جدياً في العملية السياسية.
اللغة العربية
إنجازات دولة الإمارات امتدت أيضا للغة الضاد.
ومن منطلق التزامها بالتعددية اللغوية، نشرت دولة الإمارات على الموقع الإلكتروني لبعثة الدولة لدى الأمم المتحدة، جدول أعمال مجلس الأمن باللغتين الإنجليزية والعربية، لتكون بذلك المرة الأولى التي يتم فيها إعداد الجدول باللغة العربية، في تاريخ الأمم المتحدة البالغ 76 عاماً.
إشادات دولية
إنجازات دولة الإمارات خلال رئاستها مجلس الأمن نالت إشادات عديدة، حيث أشادت البعثة الأيرلندية في مجلس الأمن، بجهود دولة الإمارات خلال رئاستها مجلس الأمن، وغردت باللغة العربية قائلة "شكرا".
وبينت أيرلندا أن شهر رئاسة دولة الإمارات كان حافلا بالقضايا والموضوعات على رأسها الحرب في أوكرانيا وتمويل المناخ؛ والتعاون مع الجامعة العربية، والمرأة والسلام والأمن.
بدورها هنأت بعثة البرازيل في الأمم المتحدة دولة الإمارات على قيادتها لمجلس الأمن الدولي في هذا التوقيت المشحون بالتحديات، مشدة على أهمية مضاعفة الجهود لمتابعة الحوار والدبلوماسية باعتبارها السبيل الوحيد الممكن نحو السلام والأمن.
بدوره، أشاد وفد الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة بجهود دولة الإمارات خلال رئاستها مجلس الأمن.
وغردت البعثة في حسابها بتويتر قائلة: "نتقدم بأحر التهاني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والسفيرة لانا نسيبة والزملاء في وفد الإمارات الدائم لدى الأمم المتحدة على رئاستهم الناجحة والمتميزة لمجلس الأمن لشهر مارس!".
ثقة دولية
وكانت دولة الإمارات قد انتخبت، في يونيو/حزيران العام الماضي، لعضوية مجلس الأمن للفترة 2023-2022، وسط هبة عالمية باركت هذا الحضور العربي الريادي في المنظمة الدولية.
وبموجب هذه المكانة العالمية، تترأس دولة الإمارات مجلس الأمن الدولي مرتين، الأولى شهر مارس/آذار 2022، والثانية في يونيو/حزيران 2023.
حضورٌ عالمي توّج مسيرة نصف قرن صنعتها دولة الإمارات من الشراكة الاستراتيجية والعضوية الفاعلة في محافل الأمم المتحدة، وحنكة دبلوماسيتها، في عالم أدمته الحروب منذ عقود.
كما يجسد ثقة العالم في السياسة التي تنتهجها دولة الإمارات وكفاءة منظومتها التي تؤمن بترسيخ السلام والتعاون على الساحة الدولية، ويبعث بارقة أمل تنبعث من أرض لطالما كانت سباقة لنشر السلام والتعايش والتسامح.
ويشكل تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد، والذي يحدد توجهاتها المستقبلية خلال الخمسين عاما القادمة عبر "مبادئ الخمسين"، وهو ما جسدته وعبرته عنه خلال رئاستها لمجلس الأمن الدولي.