برا وبحرا وجوا.. أسطول مساعدات إماراتية إلى غزة

منذ اللحظة الأولى لانفجار الحرب الدامية في غزة، حين صارت السماء رمادا والأرض أنينا، كانت الإمارات، بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، أول من مدَّ يده لتخفيف الجراح.
لم تنتظر طمأنةً من أحد؛ فالمستشفيات الإماراتية فتحت أبوابها لعلاج الجرحى، وقوافلها الإغاثية حملت الدواء والغذاء والماء، فيما واصلت تكيات الطعام تقديم آلاف الوجبات يومياً للنازحين، علَّها تخفف جوعهم وتعيد إليهم بعضاً من الأمان المسلوب.
وفي السابع والعشرين من يوليو/تموز 2025، عادت "طيور الخير" تحلق في سماء غزة، حاملة الأمل في أجنحتها عبر العملية رقم 54 ضمن مبادرة "الفارس الشهم 3" وبالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية.
193 طائرة أسقطت نحو 3725 طناً من المساعدات الغذائية والإغاثية على المناطق الشمالية المعزولة في القطاع، موجهة بدقة عبر نظام تحديد المواقع "GPS"، لتعيد الروح إلى أحياء أنهكها الحصار.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، عبر منصة "إكس": "لقد بلغت الأوضاع الإنسانية في غزة مرحلة حرجة وغير مسبوقة، وتواصل الإمارات العربية المتحدة تصدّر الجهود الدولية لإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى الشعب الفلسطيني الشقيق، وسنواصل إيصال الدعم الإغاثي إلى من هم في أمسّ الحاجة، برّاً وجواً وبحراً، وسنستأنف عمليات الإسقاط الجوي على الفور، ويبقى التزامنا بالتخفيف من المعاناة وتقديم الدعم راسخاً لا يتزعزع".
مشاريع المياه.. إنقاذ من العطش
ولأن المأساة لم تترك لأهل غزة سوى عطشهم، أطلقت الإمارات أكبر مشروع لإمداد المياه المحلاة من الجانب المصري إلى جنوب القطاع، عبر خط ناقل جديد بقطر 315 ملم وطول 6.7 كيلومتر، أعلن عنه في مؤتمر صحفي بمقر مصلحة مياه بلديات الساحل بمدينة دير البلح، ليخدم نحو 600 ألف نسمة ويوفر لكل فرد 15 لتراً من المياه يومياً، بعد أن دمرت الحرب أكثر من 80% من مرافق المياه.
وبالتوازي، واصلت فرقها صيانة آبار المياه وتشغيل المضخات والمولدات، بدعم من جمعيات إماراتية مثل "الشارقة الخيرية" و"دار البر" ومؤسسة صقر بن محمد القاسمي، في محاولة لإعادة الحياة إلى مئات الآلاف الذين يواجهون عطشاً مستمراً.
سفينة خليفة والمستشفيات الميدانية
ومن البحر، أبحرت من ميناء خليفة في أبوظبي "سفينة خليفة 8"، أضخم سفينة مساعدات إماراتية حتى الآن، تحمل 7166 طناً من المؤن: 4372 طناً من المواد الغذائية، و1433 طناً من مواد الإيواء، و860 طناً من الإمدادات الطبية، و501 طن من المواد الصحية، متجهة إلى ميناء العريش قبل إدخالها إلى غزة، في استمرار للجسر البحري والجوي الذي لم ينقطع منذ اندلاع الحرب.
وفي رفح، يقف المستشفى الميداني الإماراتي بسعة مئتي سرير شاهداً على التزام لا يتبدد، يقدم خدمات جراحية متكاملة، وعناية مركزة للبالغين والأطفال، وعيادات تخصصية تشمل الباطنية والأسنان والعظام والطب النفسي وطب الأسرة والأطفال والنساء، إضافة إلى الأشعة المقطعية والسينية والصيدلة والمختبرات المتقدمة.
يعمل فيه طاقم طبي متخصص ومتطوعون، ويضم مركزاً للأطراف الصناعية يوفر أحدث التقنيات لمبتوري الأطراف، يعيد إليهم القدرة على الحركة، ويمدهم بالدعم النفسي والطبي اللازم للتأقلم مع واقعهم الجديد.
وعلى مقربة، يواصل المستشفى العائم في ميناء العريش، الذي بدأ عمله في الرابع والعشرين من فبراير/شباط 2024، تقديم رعاية صحية متكاملة، بسعة مئة سرير للمرضى ومئة لمرافقيهم، وبمشاركة فريق إماراتي وآخر إندونيسي من الجراحين والمتخصصين في معالجة الحالات الحرجة.
إغاثة لا تنقطع
ولتدعيم المنظومة الصحية، أرسلت الإمارات سبع عشرة سيارة إسعاف مجهزة بأحدث التقنيات، وبدأت حملة تطعيم ضد شلل الأطفال، حمايةً لجيل يواجه خطر الأوبئة في ظل تدهور الخدمات.
وبحسب البيانات الرسمية، بلغ الإنفاق الإماراتي على الإغاثة في غزة خلال أقل من عامين نحو 2.5 مليار درهم، فيما تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 44% من إجمالي المساعدات الدولية الواصلـة إلى القطاع تحمل توقيع الإمارات.
تنساب هذه الجهود بلا توقف، فالإمارات لم تكتفِ بأن تكون أول المستجيبين للأزمة، بل صارت ركناً ثابتاً في حياة الغزيين، تمد لهم يدها برّاً وبحراً وجواً، كأنها تقول لهم مع كل طرد يسقط من السماء: "لسنا بعيدين عن وجعكم، ولن نترككم وحدكم".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzkg جزيرة ام اند امز