صنف البعض مجموعة "بريكس" على أنها كتلة مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب، بينما يرى فريق ثانٍ أن تكتل "بريكس"، لا يعادي الغرب بل يهدف بشكل رئيسي إلى إيقاف هيمنة القطب الواحد بالنسبة للعالم.
وذلك تأكيد على أهمية وجود توازن بالقوى الاقتصادية والسياسية عالمياً. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتأثر علاقات الإمارات مع الغرب إثر هذا الانضمام؟
في البداية، تشكّلت "بريكس" رسمياً في الفترة بين 2009 و2010، وتسعى لتأكيد بصمتها الجيوسياسية بما يتناسب مع النطاق الاقتصادي الجماعي لدولها الذي تجاوز دول مجموعة السبع من ناحية حجم الاقتصادات، ويضم دولاً واقتصادات كبرى تضم نصف سكان العالم، كما تشكل ربع الاقتصاد العالمي وربع إجمالي التجارة الدولية.
تملك دول "بريكس" اقتصادات شديدة التباين في الحجم، وحكومات لها أهداف وتوجهات مختلفة بشأن السياسات الخارجية مع الغرب، ما بين موقف روسي أكثر تشدداً، وآخر صيني أكثر حذراً، وثالث هندي يكتنفه الغموض، ومن ثم لا يمكن اعتبار المجموعة كلها كيانا مناهضا للغرب.
فعلى سبيل المثال، لطالما دعت الصين، وهي مركز ثِقل في المجموعة، إلى توسيع "بريكس" وضم عدد أكبر من الدول في مساعٍ للحد من هيمنة الغرب، وهي استراتيجية تشاركها فيها روسيا. لكن توجه الصين للتوسّع السريع في عضوية "بريكس" قوبل بمعارضة من الهند، التي تخشى أن تصبح المجموعة هي الناطق باسم جارتها القوية، كما أن البرازيل حذرة من استعداء الغرب.
وعلى سبيل المثال، الصين نفسها التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة الأمريكية، لذلك لا يمكن تصنيف دول بريكس على أنها كتلة مناهضة للولايات المتحدة أو الغرب.
كما أن انضمام الدول العربية لهذه المجموعة التي ستشكل ثقلاً اقتصادياً وسياسياً عالمياً، سيساعدها على الاستفادة من مزايا هذه المجموعة والتحوط ضد نظام الاقتصاد العالمي الحالي الذي يرتبط بشكل قوي بالعملة الأمريكية (الدولار).
ويمكن القول إن هذا التكتل يسعى إلى إحداث تغييرات في هيكل الاقتصاد العالمي من خلال تغيير موازين القوى، خاصة وسط تحديات جمة مرتبطة بمعدلات التضخم المرتفعة حول العالم، وصعوبة التمويل، جراء رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية حول العالم لمحاربة التضخم، ما يضغط على الاقتصادات الناشئة والنامية، وكذلك التوترات الجيوسياسية العالمية، التي تزيد من الضغوط الاقتصادية التي تستلزم وجود تقارب أكبر في وجهات النظر. وعليه فإن وجود الإمارات في هذا التكتل يخدم تحقيق التوازن العالمي ولا يخلق عداوات أو توترات، والإمارات سباقة لأن تكون في طليعة الدول المؤثرة اقتصادياً وكذا سياسياً من خلال تقريب وجهات النظر وترسيخ التعاون الدولي، الذي تستفيد منها الاقتصادات كافة بما فيها الاقتصاد الإماراتي.
وهو ما أكده عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، في لقاء مع وكالة "بلومبرغ"، حيث قال إن الانضمام للمجموعة يضيف دعماً متعدد الأطراف للإمارات، ولن يؤدي إلى الإضرار بالعلاقات مع الغرب، ولا يمثّل تغييرًا في علاقات الدولة القائمة على الشراكات مع دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية.
وتحظى الدول الثلاث العربية التي انضمت إلى "بريكس" حديثاً، وهي الإمارات والسعودية ومصر، بعلاقات جيدة وقوية مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، ومن ثم فإن انضمام الإمارات للمجموعة الدولية لا يشكل تهديداً لتلك العلاقات، باعتبار أن الانضمام لا يعني في المقابل الابتعاد عن الدول الغربية، بل هي خطوة تستهدف تعظيم عوائد الدولة من توسيع نطاق الشركات الدولية وبما يصب في مصلحة تحقيق الأهداف والمصالح الاستراتيجية الوطنية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة