لحظات تاريخية تحققت عندما وصلت سفينة المساعدات الإماراتية، محملة بالمواد التموينية إلى شمال قطاع غزة عبر البحر، بمساهمة قيمة للمطبخ المركزي العالمي، في توفير الدعم والتسهيلات اللازمة لتنفيذ هذه العملية الإنسانية المهمة.
المسألة ليست مرتبطة بوصول السفينة عبر البحر فحسب، بل بجهود دبلوماسية الإمارات الفاعلة بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة وقبرص، بشأن تفعيل ممر بحري يربط قبرص في غزة بهدف إيصال المساعدات الإنسانية بشكل سريع وفعال ومستدام، لإنقاذ نحو 2.2 مليون شخص يعانون من أوضاع كارثية، وتحديدا العائلات الفلسطينية والأطفال الذين يحتاجون لأبسط متطلبات الحياة من الاحتياجات الأساسية.
ولهذا ستكون خطوة فتح الممر البحري مكملة للمساعدات التي تصل لقطاع غزة عبر البر والجو، والتي تمر من خلال مصر والأردن.
لعبت دولة الإمارات دورا استثنائيا في إنشاء الممر البحري، ومكملا لجهودها في مساعدة الشعب الفلسطيني عبر عمليات "الفارس الشهم 3" من خلال الإنزال الجوي والطرق البرية، ما يعكس التضامن الإنساني الذي توليه الإمارات للشعب الفلسطيني، ويعتبر إنشاء الممر البحري نقطة تحول في تاريخ الإغاثة الإنسانية لشعب غزة، حيث سيتم تقديم الدعم الغذائي عبر البحر بطريقة فعّالة ومنظمة، مما سيسهم في تخفيف العبء عن كاهل السكان المتأثرين في القطاع.
وكان للدبلوماسية الإماراتية بصمات واضحة، حين نجحت في حشد التأييد الدولي لتفعيل الممر البحري، وتأمين غالبية الشحنات الأولى من المساعدات لسكان القطاع، وسيشكل تفعيل الممر بوابة إنسانية حيوية، خصوصاً لو علمنا أن المسافة بين ميناء لارنكا وغزة عبر البحر نحو 380 كم أي نحو 10 ساعات، ما سيخفف من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني على إثر الحصار منذ سنوات طويلة، وكذلك المعاناة نتيجة تداعيات الحرب الراهنة في غزة.
بالطبع، سيشكل الممر البحري إضافة قوية وداعمة لطرق المساعدات الإنسانية الأخرى، حيث يستطيع الممر تجاوز العوائق الإدارية والسياسية، وتحديداً الصراعات بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، وتجاوز عقبات القيود المفروضة على حركة دخول المساعدات عبر معبر رفح، والتي قد تعرض الشحنات للتأخير نتيجة العراقيل الأمنية، ما قد يؤثر على وصولها في الوقت المناسب.
كما ستكون أبرز إيجابيات الممر البحري هي تسهيل وصول المساعدات بكميات كبيرة بشكل فعال وسريع عبر البحر، مما يسهل وصولها إلى غزة دون تأخير أو تعقيدات تشهدها عمليات النقل عبر الحدود البرية، من خلال زيادة السرعة والكفاءة مقارنة بعمليات النقل التقليدية، كما أن عملية التنوع في الخيارات المختلفة لتوصيل المساعدات وتحديداً عبر البحر ستقدم نتائج أمثل لو قارناها بالطرق البرية والجوية من حيث السرعة والحجم، ما سيضاعف من تحقيق الاستراتيجية الشاملة للتعاون الدولي الإنساني بشأن غزة، وسيخفف من المأساة الإنسانية ويسهل وصول المساعدات والإمدادات الضرورية إلى سكان غزة، وسيسهم كنتيجة في تحسين الظروف المعيشية.
لطالما حاولت قوى الظلام المتكسبة تشويه نموذج الإمارات المتفوق بكافة نجاحاته بما فيها الإنسانية، عبر ترويج الأخبار الملفقة والكاذبة وزرع الفتنة كأداة لتحقيق أهداف معينة، سواء كانت سياسية أم استراتيجية، ويتم ذلك عادة على حساب الحقيقة والمصداقية، بهدف تحقيق أهداف باتت واضحة، لتعكير صورة الدور الإماراتي في دعم الممر البحري، والتشكيك في نوايا الإمارات الإنسانية، كجزء من استراتيجية أكبر وحملة مغرضة أشمل، تخدم مصالح جهات مشبوهة.
تتميز دولة الإمارات بأنها لا تلتفت لخيالات المشككين، بل على النقيض تماماً تستمر في تحقيق المكتسبات في خطواتها وتحركاتها كافة، وبلا شك أسهم الدور الإماراتي بشأن "مبادرة أمالثيا" في تعزيز الدور الإنساني في غزة عبر الشراكات الإقليمية والدولية، وما تفعيل الممر البحري إلا دليل على مكانة دولة الإمارات كدولة مساهمة في العمل الإنساني العالمي، وكلاعب إقليمي وشريك دولي مهم في دعم الأنشطة الإنسانية في الأوقات الحرجة الطارئة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة